الرحمة خلق إسلامي رفيع وصف الله تعالى به نفسه فقال: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (الأنعام: 54)، ووصف به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فقال: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 128)، ووصف به أهل الإيمان فقال: (رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) (الفتح: 29)، كما حثنا نبينا الكريم على الرحمة والتراحم فقال: (لن تؤمنوا حتى تراحموا)، قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم، قال: (إنه ليس برحمةِ أحدِكُم صاحبَه، ولكنها رحمة العامة)، وعن جَرِيرَ بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (مَن لا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ) متفق عليه، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه أبو داوود. وبيتُ الإيمان بيتٌ تسود الرحمة فيه بين أفراده، فالكبير يرحم الصغير والصغير يحنو على الكبير، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَبْي فإذا امرأةٌ من السبي تسعى قد تحلَّب ثديها، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟) قلنا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، قال: (فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها) رواه البخاري، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله يأخذني فيُقعدني على فخذه، ويُقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول: (اللهم ارحمهما، فإني أرحمهما) رواه البخاري، وقبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين رضي الله عنهما يوما وكان عنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد، ما قبّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله وقال: (من لا يَرحم لا يُرحم)،