في الوقت الذي بدأت تشهد فيه الكثير من المدن الأميركية اللمحات الأولى لقرب انتهاء موجة الركود الاقتصادي، أكدت تقارير صحافية أميركية على أن مدينة لاس فيغاس، الملقبة بعاصمة القمار في الولاياتالمتحدة، ليست واحدة من تلك المدن، رغم أنها تترنح تحت حشد من القوى الاقتصادية، وهو ما جعلها تتعرض لأكبر موجة انخفاض، منذ بدء ظهور الكازينوهات هناك في أربعينات القرن الماضي. مع أن المسؤولين في مدينة لاس فيغاس مازالوا متفائلين بأن تنتعش عائدات القمار مع اقتصاد البلاد، إلا أن الخبراء يتوقعون ألا يكون ذلك كافياً لتعويض ما حصل خلال موجة الركود هذه، متمثلاً في انهيار صناعة البناء، التي كانت تعد الدعامة الاقتصادية الأخرى للمدينة والبلاد. وأوضح الخبراء أن البطالة تبلغ الآن في نيفادا نسبة قدرها 14.4%، وهي النسبة الأعلى في البلاد وتمثل تناقضاً صارخاً لنسبة البطالة التي كانت تُقدّر في لاس فيغاس ب 3.8% قبل عشرة أعوام، وتبلغ نسبتها الآن 14.7%. وأشاروا في هذا السياق إلى أن كازينو وفندق بلازا، الواقع في وسط لاس فيغاس، قد أعلن مؤخراً عن قيامه بتسريح 400 عاملاً، وإغلاق الفندق الخاص به وكذلك أجزاء من الكازينو للقيام بتجديدات في نهاية المطاف، وهي آخر الضربات الكبرى التي تلقتها في الآونة الأخيرة مدينة لاس فيغاس التي تكتظ بتلك الكازينوهات. وقال دافيد سكوارتز، مدير مركز أبحاث الألعاب في جامعة نيفادا في لاس فيغاس "صحيح أن المدينة سبق لها أن مرت بحالة سيئة من قبل، إلا أنها لم تكن بمثل هذا السوء. فإذا نظرت إلى العائدات المتأتية من الألعاب، تجد أنها انخفضت ومستمرة في الانخفاض على مدار السنوات الثلاثة الماضية". وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، قال رئيس بلدية لاس فيغاس، أوسكار غودمان، إنه متفائل للغاية بشأن مستقبل المدينة. لكنه أضاف "متوسط الأسعار اليومية للغرف الخاصة بفنادقنا ليس كما كان من قبل. وبات يتم الاتفاق الآن على أسعار غرفنا الفندقية على طريقة الصفقات. ولا ينفق الناس الآن على القمار كما كانوا يفعلون في الماضي. وعلى نحو عادي، كانت لاس فيغاس آخر المدن التي تمر بموجة ركود وأول من يخرج منها. لكن العثرة التي تمر بها المدينة الآن مختلفة. وبمجرد أن يشعر مسؤوليها بالأمان في وضعهم المالي، فإن لاس فيغاس ستعود بصورة أقوى". وفي الوقت الذي تأثرت فيه العائدات الخاصة بنشاط المقامرة، أوضحت النيويورك تايمز أن هناك بعض الدلائل على أن عائدات القمار، التي انخفضت إلى مستويات عام 2004 ، قد استقرت على الأقل. وبعد أشهر من التراجع الحاد، ارتفعت العائدات بنسبة 3 % في الربع الأول من العام الجاري، ثم انخفضت بنسبة 5 % خلال الربع الثاني، وفقاً لما ذكره مركز أبحاث الألعاب. بينما نقلت الصحيفة عن ستيفن براون، مدير مركز البحوث التجارية والاقتصادية في جامعة نيفادا بلاس فيغاس، قوله " أعتقد أننا نتعرض لصدمات على طول القاع. والتوقعات هو أنه وبمجرد أن يبدأ الاقتصاد الأميركي في التعافي، فإن صناعة الألعاب ستبدأ في التحسن". وأشارت الصحيفة في حديثها أن ما يثير القلق الآن هو طبيعة هذا الانكماش الاقتصادي، في الوقت الذي يرى فيه كثير من الأشخاص قيمة أموال تقاعدهم أو منازلهم وهي تنهار. وتابعت بإشارتها إلى تراجع نشاط المقامرة أيضاً من جانب سكان نيفادا أنفسهم، نتيجة لارتفاع معدلات البطالة، في الوقت الذي لا يرى فيه المحللون طريقة واضحة لتغيير ذلك في أي وقت قريب. ونقلت الصحيفة عن كيث فولي، نائب الرئيس البارز في قطاع خدمة المستثمرين بوكالة موديز، الذي يقوم بمراقبة الصناعة، قوله " رغم تراجع نشاط المقامرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، إلا أني أدعوكم لعدم الاعتقاد بأن الناس ستبدأ في اللعب بنفس المعدل عندما يتعافى الاقتصاد".