سيكون 2011 عاماً زراعياً صعباً يشهد إمكان وصول الموارد الزراعية الرئيسة إلى أسعار خيالية. واحتل الارتفاع القياسي في أسعار الأغذية قمة جدول أعمال صانعي السياسة لمخاوف من أن يؤدي ذلك إلى انفلات التضخم واندلاع قلاقل واضطرابات وتراجع طلب المستهلكين في اقتصادات ناشئة. الهام/س سيكون عام 2011 عاماً زراعياً صعباً يشهد إمكان وصول الموارد الزراعية الرئيسة إلى أسعار خيالية. ووفق تحليل الخبراء السويسريين، فإن المضاربات المالية وتراجع الإنتاج الزراعي والاحتياطات، من جهة، وتفاقم جوع شعوب الدول النامية، من جهة أخرى، كلها عوامل تقود اليوم الموارد الزراعية وكمياتها إلى محك الانهيار. كما إن التوازن بين عروض البيع (قليلة) وعروض الشراء (كثيرة) سيكون مفقودًا. ما يعني أن الأسعار في الأسواق الغذائية العالمية ستخرج عن السيطرة. على الصعيد الغذائي الاستهلاكي، يرصد هؤلاء الخبراء ولادة بؤر التضخم المالي في مناطق عدة حول العالم. في الولاياتالمتحدة الأميركية مثلاً، من المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية حتى 3 % في النصف الأول من العام. كما يتوقع الخبراء أن ترتفع الأسعار لغاية 16 % في بعض الدول الآسيوية. على صعيد سويسرا، فإن العام الجديد يحمل، بدوره، زيادة على أسعار هذه المواد، قد تصل إلى 5 %. ومما لا شك فيه أن إصابة الدولار الأميركي راهناً بضعف، لا يعلم أحد بعد أبعاده، زاد من "شهية" طلبات الشراء المتأتية من الخارج، كما أوروبا وسويسرا والدول الاسكندنافية (النرويج). كذلك علينا ألا ننسى أيضاً، طلبات شراء المواد الغذائية، الصادرة من آسيا (الصين والهند في المقام الأول)، التي عززت أسعار هذه المواد وعملت سلباً على تقليص احتياطات المواد الغذائية حول العالم. في سياق متصل، تشير الخبيرة كارمن دافي إلى أن الأسواق الزراعية تعيش منذ شهور عدة حالة من الترقب. ومن بين السلع، تتوقف الخبيرة للإشارة إلى أن المواد الأولية الغذائية كانت الأكثر تألقاً من حيث الأسعار وعروض الشراء. وتنوه الخبيرة دافي بأن المؤشر المرجعي السويسري لهذه المواد، أي (Dj-Ubs)، يعكس الوضع الحقيقي لأسعار المواد الغذائية. فمنذ شهر جوان الماضي، قفزت أسعار هذه المواد بنسبة 38 % مقارنة ب24 % لتلك المتعلقة بأسعار المعادن الثمينة. وتذكر الخبيرة دافي مواد غذائية عدة زادت أسعارها بصورة غير مسبوقة، كالسكر (لم ترتفع أسعاره هكذا منذ 30 عاماً)، والقهوة (سعرها الأعلى منذ 13 عاماً)، والذرة (زيادة بنسبة 49 %)، والقمح (39 %)، وحبوب الصويا (35 %). أما على صعيد اللحوم السويسرية، فإن المبيعات عليها قد ترتفع، من دون أي تغيير مهم في الأسعار، لغاية 5 % في العام الجديد من جراء نوعيتها الممتازة. أسعار قياسية للغذاء الشهر الماضي من جانبها، أفادت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" أن أسعار الغذاء سجلت ارتفاعات قياسية الشهر الماضي، متجاوزة مستويات 2008، حينما أثارت احتجاجات في دول في مناطق مختلفة من العالم، مثل مصر والكاميرون وهايتي. وفي آسيا، أشارت بيانات رسمية وتقديرات محللين إلى ضغوط تضخمية. وارتفعت أسعار الفلفل الحار خمسة أمثالها في تايلاند في العام الماضي، ودعا رئيس أندونيسيا مواطنيه لزراعة الأغذية في حدائقهم الخاصة. الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو طالب المواطنين في اجتماع لمجلس الوزراء المبادرة بزارعة النباتات، وأمسكت وزيرة التجارة ماري بانغستو بزمام المبادرة بزراعة الفلفل الحار في منزلها. وقالت بانغستو في كلمة ألقتها "لدي 200 نبتة من الفلفل الحار في أصص الزهور". وأضافت "تقوم وزارة الزارعة بتوعية المزارعين بكيفية زراعة الفلفل الحار وتشجع أيضًا المستهلكين على زراعته في حدائق منازلهم". غلاء السلع يثير قلاقل في الدول النامية أثار ارتفاع أسعار الأغذية غالبًا احتجاجات في المناطق المدنية في الدول الفقيرة، حيث تشكل الأغذية المستوردة الجزء الأكبر من مشتريات الأسر. واشتبك المئات من الشبان مع قوات الأمن في مدن عدة في الجزائر، وقال مقيمون إن الاحتجاجات اندلعت بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والبطالة المزمنة. من جهته، حثّ روبرت زويلك رئيس البنك الدولي في مقال صحافي الحكومات على تفادي اتخاذ إجراءات حمائية مع ارتفاع أسعار الأغذية، ودعا مجموعة الدول العشرين، التي تضم اقتصادات متقدمة وناشئة، على اتخاذ خطوات للتأكد من حصول الفقراء على إمدادات كافية من الغذاء.