الإخوة الثلاثة "يوسف ويعقوب وصبحي الشاروني" قامات مصرية كبيرة، اختار الأول التعبير بالقلم عن الواقع فأصبح من علامات الأدب والنقد، أما الثاني فكان قاضيا بارزا ولكنه تفرغ للأطفال وأصبح من كتابهم اللامعين، بينما عشق الأخ الثالث عالم الفنون التشكيلية وعرف كذاكرة حية في نقد الجمال .. الثلاثة ترجمت أعمالهم للغات عدة وحازوا التكريم المصري والعالمي .. وربما لم يجمعهم فقط هذا النفس الفطري الإبداعي ولكن سعة الثقافة والمحبة للمحيطين من التلاميذ والأصدقاء من كل المصريين .. وعن إرهاب الإسكندرية الذي ثارت له مشاعر مسيحيي مصر، قال يعقوب الشاروني: الأزمات تحتاج لجهاز يعالج الأثر وآخر يعالج السبب، والأهم هو الثاني الذي يزيل الإحتقان بين المصريين وخاصة أن هناك أصابع خارجية معروفة تخطط لفرقتهم . ولهذا لابد أن يكون هناك إعادة تقييم للوسائل المستخدمة في التعليم والإعلام المصري لأن الخوف من الشباب الصغير وليس الكبار المحصنين بمناخ تربوا فيه ولم يكن يفرق بين المصريين على أساس عقائدي وكانت حالة المواطنة والمودة قوية . وحينما سألناه عما يمكن أن يغضب قبطي في مصر قال : حينما يقول أب مسلم لابنه لا تسلم على زميلك المسيحي لأنه "غير طاهر ولا يتوضأ" ، فهذا خطأ وهو يزرع النفور بداخله من المختلف عنه في عقيدته وسيشب على ذلك. مضيفا أن كتب المطالعة بها قصص كثيرة ولكنها لا تتضمن مأثورات شهيرة روى بعضها الأدباء بمؤتمر الوحدة الوطنية ومنها ما يتعلق بالتاريخ القديم أو الحديث، ليدرك الطالب أن لحظات الإنتصار صنعها المصريون مسلمين ومسيحيين، في ثورة 19 وأكتوبر وغيرها وفي كل مناطق مصر نشاهد قصصا يومية لهذا التعايش المشترك الرحيب بين الأسر المسلمة والمسيحية لأنهما شريكان بالوطن. ولي مسرحية مثلا عن الحرب الصليبية أبرز فيها كيف قاوم المسيحيون العرب هذه الهجمة إلى جانب المسلمين أيضا. من الأمثلة أيضا التي ربما تحتاج لنظر بالتعليم كتب التاريخ والتي تسمي مثلا الحقب القبطية المصرية بالرومانية واليونانية، وكذلك ألا نجد في هذه الحقب عن الحديث عن الأقباط في مصر . وعن مظاهر الفرقة الحالية رأى يعقوب الشاروني أن منها مثلا بناء أبناء القرية بيوتهم بشكل فيه فرقة بين بيوت المسلمين والمسيحيين، فترى كل منها بجانب من البلدة في أحيان كثيرة وهي ظاهرة غير صحية أبدا وتؤكد عزلة مصطنعة . وعن حقوق الأقباط التي ترفعها المظاهرات يرى الشاروني أنها مسألة تحتاج إعادة نظر عميقة، لأن وضع المسيحي إذا كان يعاني البطالة أو الفقر ليس راجعا لدينه وإنما هي ظروف عامة وأوضاع يشكو منها المسلمون كذلك، والدليل مثلا لو نظرنا في مجلس الدولة سنجد 95% من القضايا يرفعها مسلمون. وأضاف : شخصيا لم أعاني أبدا بسبب ديانتي وقد عملت 15 سنة بوزارة العدل كقاضي، و20 سنة بوزارة الثقافة ، ولم أشعر أنني هضم حقي أبدا . أما الأديب يوسف الشاروني فأكد ل"محيط" أن تطورات المنطقة توحي جيدا بأن هناك من يريد تفريق أبناء المنطقة كلها وعلى رأسهم إسرائيل، ولننظر للسودان والعراق واليمن وغيرهم. ولكن المشكلة تتفاقم نتيجة لانتشار الأمية، ولهذا على الحكومة محوها عند الصغار والكبار، والمعالجة الأمنية وحدها لا تصلح، ونتذكر أن من حاول اغتيال نجيب محفوظ هو جاهل وهكذا فإن أي إنتحاري مثله. وكاسترو في كوبا أعطى طلبة الجامعة أجازة سنة لكي يعلم كل منهم عشرة أو عشرين، وفي اليابان احتفلوا بتعليم آخر أمي بالبلاد. وقال الشاروني : أصدقائي كلهم مسلمون ولا أنظر لمسألة الديانة، ولا يمكن أن تتحول مصر لجزء للنوبيين وجزء للأقباط وجزء للمسلمين. وحمد يوسف للمسلمين حالة التضامن ومشاطرة الأحزان التي قاموا بها لإمتصاص الغضب المسيحي، قائلا أننا كلنا شركاء في الوطن ، وفكرة بيت العائلة التي اقترحها شيخ الأزهر ليجمع عقلاء يعود إليهم الجميع من رجال دين ومفكرين من الجانبين ربما تعمل على إزالة بعض التوتر ، وقد ظهرت الفكرة منذ عصر الرئيس السادات.