فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: مجزرة بيت لاهيا إمعان في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ونتيجة للفيتو الأمريكي    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطن تفتح ملف مصالح الاستعجالات في الجزائر: مصالح استعجالات تلعب على حبل الحياة والموت ابتعاد كلي عن المواصفات الدولية وأطباء يعانون التهميش
نشر في المواطن يوم 15 - 01 - 2011

بلغة الأرقام أكبر ميزانية مخصصة كل سنة هي لقطاع الصحة، بلغة الأطباء عاملة نظافة بأكبر الشركات البترولية تتقاضى أفضل منهم، بلغة المتخرجين الجدد من الأطباء "تكوين ناقص وعمال شبه الطبي يعانون الويلات بالحد الأدنى للراتب في الجزائر"، وبلغة الشارع الجزائري مستشفيات تشبه المذابح واستعجالات تقتل أحيانا عوض أن تنقذ الأرواح. لطالما اعتلت الصفحات الأولى من الجرائد قضايا وملفات خاصة بقطاع الصحة ومنها حتى الفضائح، ولطالما سمعنا خطابات ووعود من الوزراء والمسئولين الأولين القائمين على شؤون القطاع، غير أن الحال لم يصلح والمشاكل تفاقمت وصحة المواطن باتت اليوم من السيئ إلى الأسوأ، ونحن اليوم في هذا الملف أردنا التركيز أكثر على موضوع الاستعجالات الطبية في الجزائر ومطابقتها للمقاييس الدولية خاصة وأن أكبر الميزانيات تخصص أولا لهذا القطاع عندنا.

ملف: ناهد زرواطي

عيادات بلديات غير مؤهلة لاستقبال الحالات الاستعجالية
البداية كانت جولة تفقدية عبر مختلف المستشفيات الكبيرة والمهمة في الجزائر العاصمة وهي الوجهة التي يقصدها كل المواطنين من مختلف البلديات وحتى عندما تكون الحالة طارئة من مختلف ولايات الوطن وهو ما وقفنا عليه بأنفسنا، بحيث يشهد كل من مستشفى سليم زميرلي بالحراش وكذا مستشفى القبة حركة غير عادية كل يوم بسبب الحالات الحرجة التي تقصدهما غير أن الحالة الأكثر كارثية هي تلك الموجودة بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا أين يعتبر هذا الأخير بالنسبة للعام والخاص في الجزائر نقطة النهاية لكل الحالات الاستعجالية.
ورغم أنه توجد عيادات عامة في كل البلديات والدوائر على المستوى الوطني خاصة بالمواطنين، إلا أن هذه الأخيرة لا تعرف للأسف التحكم في الحالات الصعبة، وأحيانا الحالات العادية البسيطة التي لا تتطلب تنقلها إلى مستشفيات أخرى، مثل الحمى أو خياطة الجرح أو حتى تجبيس الكسر.
وكمثال بسيط قصدنا العيادة العامة لبلدية براقي التي فعلا حسب ما وقفنا عليه تفتقد لأبسط شروط العمل التي تساعد الطبيب، ويكفينا كمثال آخر فقط الحالة الأخيرة التي شهدتها العاصمة وموجة الاحتجاجات والمظاهرات التي مست البلدية بحيث عجزت عن استيعاب العدد الهائل من الجرحى في تلك المظاهرات ما تمثل في ندرة الدواء وحتى الطاقم الطبي الذي كان بسيطا الأمر الذي استدعى تنقل مجموعة كبيرة من الجرحى منهم الشرطة إلى مستشفى سليم زميرلي بالحراش.
كما التقينا بذات العيادة بالأم وردة التي كانت هنالك بسبب حمى أصابت ابنتها الصغيرة، إلا أنها أبدت تذمرها ساردة لنا واقعة حدثت معها: "في شهر رمضان الماضي وقع ابني من دراجته وتضرر كثيرا من رجله وعندما أحضرته إلى هذه العيادة قام الطبيب المناوب ليلا بوضع القليل من المطهر على المكان المصاب فيه وضمدها، إلا أن حال ابني صباحا ازدادت سوء ولم يستطع تحمل الألم ما جعلني آخذه من جديد لكن هذه المرة إلى مستشفى سليم زميرلي وهنا وبخني الطبيب لأنني تركت ابني هكذا طوال الليل" لتضيف محدثتنا "غير أني أخبرت الطبيب أنني أخذته إلى عيادتنا في البلدية، وهنا لم يستطع هو بنفسه أن يتمالك مزيجا من الغضب والضحك حول من طهر جرح ابني وقال لي:هل تعلمين أن إصبع ابنك ستبقى هكذا مائلة نوعا ما خارجة عن باقي أصابع رجله" وهنا لم تتمالك السيدة وردة نفسها وهي تتحدث غاضبة عن حال ابنها أسامة ذي 13 سنة الذي يعاني ليومنا هذا من هذه الحالة في رجله وكل هذا حسب الأم والطبيب المعالج في مستشفى زميرلي بسبب عدم انتباه وكفاءة الطبيب المناوب في العيادة. وإن كانت هذه قصة واحدة من مجموع القصص التي حصلت في عيادة بلدية براقي فغيرها كثير تحصل يوميا في نظيرتها عبر مختلف مناطق وبلديات العاصمة ما أجبر المواطن البسيط على كراء السيارات ليلا والذهاب إلى المستشفيات وعدم قصد تلك العيادات التي باتت بدون لا طاقم طبي كاف، بحيث نجد ليلا طبيبا واحدا فقط وهو ما وقفت عليه المواطن في حين عدد المرضى يفوق العشرات ينتظرن في الصفوف الدور والحمى والألم والقيء و الصراخ يتمكن من الجسم التعبان طوال ليلة الانتظار.
مستشفيات تعلق الشماعة على العيادات والمراكز الطبية العامة
وإن كان هذا حال العيادات العامة والمراكز الطبية، فالمستشفات هي الأخرى لا تخلوا من نقائص فادحة يسجلها دائما قسم الاستعجالات الطبية الذي يشهد توافد المرضى إليه ليلا أكثر من عددهم نهارا، وهو ما وقفنا عليه بكل من مستشفى زميرلي بالحراش والقبة أيضا أين فوجئنا بالأعداد الهائلة للمرضى في حين لا نجد سوى طبيب واحد مناوب وطوابير من مرضى ينتظرون وأحيانا كثيرة ما تسمع شجارات من أبناء يحضرون آباءهم وينتظرون الرحمة من الطاقم الطبي الذي لا يجد أو يجيد سوى الصراخ في وجوه المرضى متحججا بعدم كفاية عدد الأطباء و أحيانا كثرة ما يطلب الممرض من المريض وهو ما وقفت عليه المواطن أيضا، أن يذهب إلى الطبيب الخاص إن لم يعجبه حال المستشفيات العامة ليصبح المواطن في بلد العزة والكرامة مضطرا للتخلي عن تلك الكرامة مقابل أن يتخلص من أوجاعه.
مصلحة الاستعجالات بمصطفى باشا
جدران ملطخة بالدم أسرة خارج الغرف وغرف صغيرة تحمل أكثر من 18 مريض
هو أكبر مستشفى على المستوى الإفريقي يستقبل كل الحالات المستعصية والصعبة على المستوى الوطني،ما جعله محط ثقة المواطن الجزائري لما يتمتع به من كفاءات طبية وجراحية وأساتذة معروفين على المستوى الأوروبي ،كما أن مصلحة الاستعجالات الطبية به تعد وتعتبر نقطة ومحطة النهاية لكل مريض، وهو ما وقفت عليه المواطن.
تحتوي مصلحة الاستعجالات الطبية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا على أقسام عديدة ومتعددة، لكنها تبقى مع الاسم الكبير للمستشفى والعدد الهائل المرضى الذين يقصدونه من مختلف مناطق العاصمة، غير كافية، فقسم الإنعاش مثلا يحمل ثلاثة غرف في كل غرفة من المفروض أن تكون أربعة أسرة، إلا أننا وقفنا على حال وجود أكثر من ذلك في نفس الغرف كل هذا بسبب عدد الحالات التي تستوجب الدخول إلى الإنعاش ومن باب الإنسانية يتم إدخالها ولو أن الغرفة لا تستوعب ذلك إذ أحيانا كثيرة يزيد عن 6 أسرة في الغرفة الواحدة، منها الخاص بالربو أو حوادث المرور أو حتى الحوادث الخطيرة الأخرى مثل الجلطة الدموية، ومن قسم الإنعاش يوجد أيضا غرفة فحص جراحة الأعصاب وغرفة فحص الجراحة العامة الذي يعاين الحالات التي تستوجب قيامها لعميلات جراحية ممكن أن تكون حتى فورية، وكذا قسم الإسعافات الأولية وهي غرفة تستوعب في حقيقتها 4 أسرة فقط نظرا لأنابيب الأكسيجين المتوفرة لكن الداخل إليها يجد أكثر من 13 مريض أو ربما 18 على الأقل يترامى بعضهم فوق بعض في حال أشبه بالأسواق وطبعا هنا الطبيب لا يجد من حل سوى التنقل بين هذا المريض وذات وأحيانا يضطر للقفز حتى يمر وطبعا من يصرخ أكثر يلقى العناية أولا. كما يوجد داخل نفس مصلحة الاستعجالات غرفة فحص طبي للحالات الخفيفة تقابلها غرفة قاعة العلاج التي دونما مبالغة منا لا تصلح أن تكون حتى غرفة لإخفاء مواد التنظيف، نظرا لحالتها المتدهورة أو حتى تلطخ الجدران بالدم والروائح الكريهة المنبعثة من هنا وهناك، جعلنا ونحن نقوم بهذا الملف نشعر بالألم دون أن نمرض، وبين كل تلك الغرف التي ذكرناها رواق لا يمكن المشي فيه إلا بحذر بعد أن ألقي بمريض هنا وبمريض وهناك وسرير موجود في الرواق نظرا لعدم اتساع أو امتلاء الغرف الأخرى يعني النساء يعالجن أمام الرجال وحتى أخذ عينات الدم باتت تأخذ خارج الغرفة، كل هذا في مصلحة استعجالات مستشفى كبير هو الأول إفريقيا. استقبال 650 حالة يوميا منها 20 بالمائة فقط حالات مستعجلة
عيادات ومراكز طبية عامة تثقل كاهل استعجالات المستشفيات لافتقارها للدورات التكوينية
بعد كل ما شاهدناه ووقفنا عليه، أردنا فعلا الاستفسار عن الحالة الكارثية التي وصلت إليها مصالح استعجالاتنا بالجزائر خاصة منها المستشفى الجامعي مصطفى باشا، دون أن ننسى أن المريض الذي يقصد تلك المصالح يكون أحيانا كثيرة بين الحياة والموت ولا يملك أن يدافع عن نفسه، وهنا كان لنا هذا الحديث مع رئيس وحدة الاستعجالات "بوبزاري رضا فيهري" الذي لم يخف النقاط السلبية التي تعيشها الوحدة.
في البداية ركز محدثنا المسئول عن مصلحة الاستعجالات، عن الأعداد الهائلة من المرضى الذين يدخلون المصلحة يوميا من مختلف مناطق وبلديات العاصمة، أين أشار إلى أن العدد يبلغ يوميا 650 حالة، إلا أن ذات الشخص عاد إلى النقاط التي جعلت من المصلحة غير قادرة نهائيا على استيعابه "أن تستقبل مصلحة صغيرة من حيث عدد الغرف وحتى الطاقم 650 حالة يوميا فهذا فعلا أمر مؤسف وإذا ما عدنا إلى الواقع فجل تلك الحالات كان من المفروض أن تعالج على مستوى العيادات أو المراكز الطبية العامة المتواجدة على مستوى البلديات، غير أن هذه الأخيرة نظرا لافتقارها للكفاءات أحيانا وأحيانا أخرى لعدم تقدريها الجيد للحالات أو ربما التخلص من الأعداد الكبيرة التي تكون بداخلها وأحيانا كثيرة أيضا افتقارها للمعدات الطبية الخاصة لا يكون أمامها سوى إرسال الحالات وتوجيهها برسائل نحونا وهو الثمن الذي ندفعه نحن". وهنا طرحت المواطن سؤالا عن التلاعب بالمواطن المريض خاصة ليلا بتوجيهه عن طريق رسالة إلى المستشفيات الأخرى رغم أن حالته أحيانا كثيرة ما تكون خطرة، ليجيبنا رئيس وحدة الاستعجالات قائلا "الذنب يقع طبعا بنسبة كبيرة على تلك العيادات والمراكز الطبية العامة التي لا تتكفل بالحالة، تخيلوا أن بعض المرضى الذين يأتون إلينا تكون حالتهم بسيطة مثل خياطة الجرح أو تجبيس القدم أو اليد أو حتى حالات الحمى والقيء، لكن كما سبق وقلت من يكون في العيادة لا يجيد التكفل بالمريض ليرسله باتجاهنا، وأحيانا كثيرة ما يرسله إلى باقي المستشفيات الأخرى التي بدورها ترفض استقباله، فتكون محطته الأخيرة مصلحتنا التي لا تملك أمامها سوى استقباله، أما الصراخ الذي ترونه عندنا فيكون لأن هذا المواطن البسيط والمريض الذي يكون معه يكون قد بقي الليل بأكمله يدور على المستشفيات الأخرى لتستقبله لكن عندما لا يجد العون ويقصدنا يكون قد فاض به الكأس ولا يجد أن يخرج غضبه إلا عندنا وكأننا نحن السبب في كل ما لحق به" وإن لم يكن محدثنا يريد الخوض أكثر في هذا الموضوع إلا أنه أرجع السبب الأول والأخير وراء الحال الذي وصلت إليه العيادات والمراكز الطبية العامة في الجزائر إلى عدم وجود الدورات التكوينية الخاصة بهم والتي تؤهلهم للتكفل بالحالات الأقل خطورة "تخيلوا كيف سيتم تخفيف الضغط على المستشفيات الأخرى". تصنيف الحالات بالألوان ونقص أفراد شبه الطبي يفرض العمل الصعب داخل الاستعجالات أما عن الطوابير الكبيرة من المرضى الذين ينتظرون دورهم وسط الألم، أشار محدثنا إلى أنه يتم فحص المريض في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة من الانتظار "في انجلترا وداخل مصلحة الاستعجالات المريض ينتظر 6 ساعات"، ليردف رئيس المصلحة أن المراقبة تكون بحسب الحالات بحيث يتم تصنيفها "مثلا هنالك حالات حمراء يعني الخطيرة وبعدها الصفراء يعني الأقل خطورة وبعدها البرتقالية والزرقاء وغيرها من التصنيفات التي تلحق بالحالات لهذا تجدون المرضى ينتظرون، يعني ليس لأننا لم نعرهم قيمة أو لم ننتبه لحالتهم لكن بعد رؤيتهم للطبيب تشخص حالتهم، سأعطيكم مثالا أحيانا تكون لدينا حالات وجع جراء الحمى أو آلام البطن وبالمقابل تكون لدينا حالة مستعجلة لحادث مرور في رأيكم أي الحالات أولى بالمعالجة، أكيد الحالة الأخيرة لأنها بين الحياة والموت والحالة الثانية يمكنها الانتظار". غير أن جواب رئيس المصلحة أخذنا لطرح سؤال آخر يتعلق بالطاقم الطبي المشرف على المراقبة الذي كما لا حظنا لا يستوعب العدد الهائل من المرضى وهنا أجاب "أكيد لا يستوعب أولا ذكرنا العدد الهائل للمرضى الذي يقصد المصلحة والذي يعد بالمئات يوميا وثانيا لدينا نقص فادح وواضح في عناصر الشبه طبي نظرا لفرارهم من المستشفيات وهذا أمر يعرفه العام والخاص حول مشكل الراتب الذي وصل الحد الأدنى من الأجور في الجزائر أي يتقاضون 15 ألف دج فقط في حين لديهم المناوبات الليلة والاستعجالات، إلا أننا رغم كل هذا نحاول تدارك الوضع وفعل ما بوسعنا لمعالجة المرض والاعتناء بهم رغم أنني لا أخفي أننا نعمل فعلا في ظروف صعبة".
سيارتان للإسعاف خاصة بمصلحة الاستعجالات وفرق بدون دورات تكوينية
وإن كانت مصالح الاستعجالات تعتمد بشكل كبير على سيارات الإسعاف التي تنقل الحالات المستعجلة والتي من المفروض أن تتكفل بها لحين وصولها إلى المستشفى، خاصة وحركة المرور والفوضى التي تعرفها العاصمة والطرقات، إلا أن هذه النقطة بالذات تعد من أكبر المشاكل التي تواجه قطاع الصحة والمستشفيات وذات المصالح الاستعجالية، بحيث أن أكبر مستشفى على المستوى الإفريقي لا تمتلك مصلحته الاستعجالية سوى سيارتين للإسعاف بدون حتى طاقم طبي مختص بالتكفل مثلما هو معمول به في البلدان المتقدمة. وهنا أشار رئيس وحدة الاستعجالات "بوبزاري رضا فيهري"،أن الخلل أيضا يكمن في التكوينات "من المعمول به في الدول المتقدمة هو أن يتكفل طاقم طبي بالمريض في حالة استعجاليه ومنهم حتى السائق الذي يعرف كيفية رفع المريض وإخراجه من سيارة الإسعاف بحيث لا تنسوا أن جل الحالات تكون تلك التي تعرضت لحوادث المرور والتي يكون الجسم فيها غير قابل لأي خطأ مثل الكسر أو الارتجاجات وغيرها، إلا أن قسمنا لم يتلق أي تكوين في هذا المجال ما يجعله غير مخول لنقل تلك الحالات الاستعجالية"، وعن عمل سيارتي الإسعاف اليوم الخاصة بمصلحة الاستعجالات الطبية قال محدثنا إنها تعمل على نقل المريض داخل المستشفى كون المصلحة لا تمتلك كل شيء بداخلها مثل الأشعة أو العمليات وبعض الفحوصات الأخرى التي تستدعي نقل المريض من عمارة إلى أخرى داخل نفس المستشفى وهو عمل السيارة "لكن الحالات الخطيرة للمرضى يتم حاليا التكفل بها من طرف الحماية المدنية التي باتت المسئول الأول عن جلب المرضى وهذا لتوفرها على شروط التكفل بالمريض قبل وصوله ودخوله مصلحة الاستعجالات عندنا".
ظروف صعبة لا تشجع على العمل
وإن كانت سيارات الإسعاف لا تمتلك المؤهلات فإن هذا فتح باب للتساؤلات عندنا في حال التدهور والتقصير الذي يعيشه قطاع الصحة خاصة ما تعلق بمصلحة قسم الاستعجالات الذي أحيانا كثيرة ما تحيي وتميت، لهذا طرحنا سؤالا على رئيس مصلحة الاستعجالات بذات المستشفى عن إذا ما كانت مصالحنا تطابق المواصفات الدولية المعمول بها، وهنا تنفس محدثنا وغيره من المسئولين في القطاع وحتى من داخل المستشفى الصعداء محاولين إخفاء الضحكات التي أريد لها أن تتحول على ضحك هستيري وكأنهم أرادوا أن يقولوها لنا بطريقة غير مباشرة "كيف تتحدثين عن المواصفات الدولية في الجزائر وخاصة قطاع الصحة ومصالح الاستعجالات".
أولا يقول رئيس المصلحة "إن التكوين بالنسبة للأطباء والعاملين في القطاع خاصة على مستوى مصالح الاستعجالات يتلقون دورات تكوينية مكثفة، إلا انه عندنا منذ الثمانينات لم نتلق أي دورة فما بالكم بالتطورات والتكنولوجيات التي شهدها العالم بعد هذه الفترة"، ليضيف "كذلك حسن التسيير والتحكم في القطاع فمثلا عند الدول المتقدمة لا يتم إرسال المريض من المنطقة التي يقطن بها باتجاه مناطق مختلفة تمتلك نفس العيادات العامة أي يتم التكفل بالحالة في بلدته أما نحن فيأتوننا من كل المناطق والله حتى الولايات وعلى مستوى مصالح الاستعجالات أقصد".
رغم أن البلدان الأخرى تعطي أولوية كبيرة للطبيب المناوب
أطباء مناوبون في الجزائر يتقاضون 700 دج بالليلة ويتصلون من هواتفهم الخاصة كما تحدث المسئول الأول عن ذات المصلحة عن أجور الأطباء في تلك الدول المتقدمة خاصة منها المتعلق بالذين يعملون في مصالح الاستعجالات بحيث يكون الضغط المستمر عليهم وحتى العمليات الجراحية الليلية والأعداد الكبيرة للمرضى ما يجعل للطبيب امتيازات أخرى وهو عكس المعمول به في الجزائر". وهنا علينا الإشارة فقط أن المواطن اقتربت من العديد من أطباء المناوبات الليلية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا الذين وإن لم يذكروا أسمائهم فقد ذكروا معاناتهم داخل القطاع الذي اعتبروه قطاعا يحتضر، وطبيب لا يحترم رغم أنه يعمل في المناوبة لمدة 24ساعة وهذا منافي للمواصفات الدولية وعمل الطبيب في باقي دول العالم، مثل فرنسا التي يناوب فيها الطبيب لمدة 12 ساعة فقط، إلا أن الطبيب عندنا فوق ذلك العمل يتقاضى 700دج فقط على مناوبته الليلة رغم أنه يترك منزله وأولاده وأحيانا كثيرة في المناسبات مثل الأعياد في سبيل العمل، ومع كل هذا بأتفه حتى لا نقول أبسط الأجور، رغم أن مناوبة 24ساعة يقوم فيها الطبيب بإجراء مختلف أنواع العمليات التي أحيانا كثيرة تصل لأربع عمليات، كما يكون هو المسئول عن جلب المريض من مصلحة الاستعجالات باتجاه غرفة العمليات في عمارة أخرى ويقوم بالوقوف على عملية التخدير، وفي حال كان هنالك طبيب واحد في نفس المصلحة والتخصص فإن المريض الثاني الذي يكون في حالة كارثية ربما مطعون بخنجر عليه أن ينتظر دوره وأحيانا كثيرة ما يتم التكاتف بين الأطباء والمساعدة فيما بينهم من باب الضمير المهني والعمل الإنساني لا غير.
وللعودة فقط إلى رئيس مصلحة الاستعجالات فقط أسر لنا أنه أحيانا يصل الأمر بالأطباء المناوبين إلى دفع مبالغ فيما بينهم تصل إلى 3000 دج مقابل عدم القيام بالمناوبة الليلية نظرا للتعب الذي يكون فيها وحتى الظروف السيئة التي لا تسمح بالعمل، منها أنه أحيانا كثيرة لا تكون سيارة الإسعاف موجودة ما يجعل الطبيب يساعد أهل المريض في حمله وإخراجه من مصلحة الاستعجالات باتجاه بناية أخرى لإجراء العملية كما يقوم الطبيب بالاتصال من تكلفته الخاصة أي هاتفه النقال بطبيب آخر لتجهيز غرفة العمليات هذا كله لأن أكبر مستشفى إفريقيا لا يملك نظام الهواتف داخل المكاتب أي أن كل طبيب داخل نفس المستشفى خاصة ليلا يتحدث مع رفقائه حول الحالات من هاتفه الخاص. وهنا طرح رئيس المصلحة مشكلة العيادات الخاصة التي لا تقوم بالمناوبات الليلية، وهي القضية المهمة المطروحة حاليا والتي وجب فعلا دراستها من طرف الوزارة الوصية.
أول عمارة استعجالات على المستوى الوطني بثلاث طوابق
أكثر من 100طبيب سيعملون على علاج المسعفين يبقى المستشفى الجامعي مصطفى باشا ينتظر في الأخير حلم فتح عمارة الاستعجالات التي تعد الأولى من نوعها على المستوى الوطني،حيث أسرت مصادر موثوقة من داخل بيت وزارة ولد عباس أن هذا الأخير من المتوقع أن يدشنها على أقصى تقدير العشرة ايام القادمة،وهذا نظرا لمجموعات الرتوش الأخيرة التي لازال العمال يقومون بها على مستوى المبنى، خاصة منها المتعلق بجناح العمليات، كما يلاحظ المار من تلك الناحية مجموعة الأجهزة التي يتم استقدامها وحتى رائحة الطلاء المنبعثة نحو الخارج. وحول هذا المشروع الأول من نوعه على المستوى الوطني كشفت ذات المصادر أنها جاءت لتطابق المواصفات الدويلة بعدما لوحظ النقص الفادح على مستوى المصالح الاستعجالية في العاصمة وخاصة بمصلحة المستشفى، ما استدعى القيام بهذه الخطوة التي فاقت الأشغال بها العامين، إلا أنها ستكون عمارة واحدة لا يخرج المريض في حال حرجة منها أين سيعمل الطاقم الطبي على التكفل به عبر مختلف الطوابق الموجودة هناك.
هذه النقطة الأخيرة، وفي استفسار حول الموضوع أكثر من المواطن، تبين أن ذات العمارة التي كتبت عليها لافتة "مصلحة الاستعجالات"،ستحمل 3 ثلاث طوابق، الطابق الأول سيخصص للاستعجالات الخطيرة التي لا تحتمل الصعود وتلعب على ربح الوقت لهذا خصص لها الأول، أما الطابق الثاني فقد خصص حسا ذات المصادر لقاعات العمليات التي حددت ب5 قاعات، يليها الطابق الثالث الخاص بالإنعاش. وعن مصير مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، أكدت مصادرنا من وزارة الصحة أنها ستبقى ملحقة تابعة لذات العمارة غير أن الضغط الكبير والأول سيكون على المبنى الجديد، أما الملحقة فسيكون دورها تصنيف وتقدير الحالات التي تستوجب نقلها لباقي التخصصات وكذا الحالات البسيطة والإصابات الطفيفة.
وبالعودة على عمارة الاستعجالات الجديدة فستحمل حسب ما تحصلت عليه المواطن، طب العظام وجراحة الأعصاب وغيرها من التخصصات الأخرى المهمة وحتى التي لم تكن من قبل موجودة في المصلحة الحالية وهي تخصصات أساسية ستسمح بعدم تكرار سيناريو الطوفان بين أقسام المستشفى الكبير مصطفى باشا. وفي الأخير فمن المتوقع أن تحمل عمارة الاستعجالات الطبية أكثر من 100 طبيب متخصص ما بين مناوب و ومستقر.
الخلاصة
كخلاصة فقط يجب أن نقولها في هذا الملف، هي أن قطاع الصحة فعلا من القطاعات التي تحتضر في الجزائر رغم كل ما يخصص لها سنويا من ميزانيات وهذا بالطبع لا يقع إلا على ظهر المواطن البسيط والطبيب الذي ترفض ليومنا هذا الوزارة زيادة راتبه أو الاستماع إلى انشغالاته رغم أن مطالبه جاءت رسمية وفي حركات احتجاجية تحت إطار نقابي، كما تبقى مصالح الاستعجالات عندنا من المصالح التي تثير غضب المواطن المريض وتزيده هما حتى أن البعض الآخر منهم يفضل الاحتضار في بيته على الذهاب إليها، كل هذا يجعلنا نرى سوء التسيير التي تتفاقم يوم بعد يوم في هذا القطاع التي تؤدي في الأخير إلى عدم الوصول إلى حلول فعلا تنجد المواطن البسيط، ويكفينا مثالا فقط أنه لو مرض وزير أو إطار سام عندنا في الدولة أو حتى لاعب في منتخبنا الوطني فإن وجهته حتى وإن كان في حال خطيرة هي تذكرة ثم طائرة ثم أحضان مستشفى في بلد ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.