ما تزال السلطات العمومية تواصل إيلاء العناية اللازمة لمعالجة مشكلة السكن وتنظيم سوق العقار وتقنن مهنة كل من لهم علاقة بالقطاع ، وهي الإجراءات التي تهدف في مجملها إلى إنجاح سياسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في برنامج المخطط الخماسي المقبل 2010/2014 القاضي بإنجاز مليون ونصف وحدة سكنية بعد انجاز 90 بالمائة من البرنامج الخاص بالمخطط الخماسي السابق، ومن بين القوانين الجديدة التي صادق عليها نواب المجلس الشعبي الوطني ، هو مشرع القانون المتعلق بالترقية العقارية.
محمد كيتوس وبعد أشهر من المناقشة والإثراء صادق أعضاء المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الترقية العقارية الذي يهدف أساسا إلى تحديد الشروط الأساسية لمزاولة مهنة المرقي العقاري. وتمت المصادقة على هذا النص الذي يتكون من 83 مادة تضمنت سلسلة من الإجراءات التي تهدف في مجملها إلى حماية حقوق المرقى العقاري والمستفيد على حد سوى التي لم يضمنها التشريع المعمول به منذ مارس 1993. ويكرس نص القانون الالتزامات الواقعة على عاتق المرقي والمستفيد قصد الحفاظ على مصالح الطرفين كما يحدد إطار تدخل المرقي العقاري عن طريق مجموعة من التعاريف. كما يضبط نص القانون الشروط الأساسية لمزاولة مهنة المرقي العقاري بسبب غياب التدابير والآليات القانونية التي من شأنها تأطير العمليات المتعلقة بالتزامات المرقين العقاريين خاصة في مجال إنهاء المشاريع واحترام آجال الإنجاز. ويسعى القانون إلى تحديد التدابير التي تدخل في إطار صيغة البيع على التصاميم بحيث تحفظ فيه حقوق كل من المقتني والمرقي كما يتم تسجيل المرقين العقارين في جدول وطني وإنشاء مجلس أعلى للمرقين يسهر على السير الحسن للمهنة و احترام أحكام القانون". وقد تضمن فيما يخص التسيير العقاري "عددا من الأحكام من بينها ضمان إدارة الممتلكات من قبل المرقي لمدة سنتين وكذا وضع إجراء موجه لتفادي الفجوة بين إنجاز العقار وصيانته لمصلحة الشاغلين والغير بالإضافة إلى الجزاءات والعقوبات التي تهدف إلى ردع كل الانحرافات والتجاوزات التي قد تنشأ عن ممارسة الترقية العقارية". القانون جاء لخلق جو ملائم لنشاط الترقية العقارية
وباعتباره ممثلا للحكومة أكد نور الدين موسى وزير السكن والعمران إثر المصادقة أن قانون الترقية العقارية جاء لحماية المكتتبين وخلق جو ملائم للمرقين العقاريين لأداء نشاطهم. وأوضح "أن الإطار التشريعي الذي كان سائدا غير كاف لحماية كافة المكتتبين وأن هذا النص جاء بطلب من المرقين العقاريين لخلق جو ملائم و منظم لنشاطهم". كما أكد الوزير أن النص القانوني يهدف أيضا "لحماية المكتتبين" و"الحد من التجاوزات التي عرفها القطاع في الماضي". وبشأن ترقية مهنة المقاولة في مجال البناء والسكن أفاد الوزير أن هناك 31 ألف شركة مقاولة في البناء مؤهلة للمشاركة في عروض الصفقات العمومية منها أكثر من 16ألف مصنفة في الدرجة الأولى داعيا هذه الشركات إلى المساهمة في الاستثمارات المهمة مما يسمح لها بتوسيع نشاطاتها. وخلال الجلسة العلنية التي خصصت للمصادقة على هذا القانون استعرض النواب بعض التعديلات التي من شأنها إثراء هذا القانون والتي تمحورت أساسا حول إضفاء الطابع الرسمي على العقود المبرمة بين المرقي والمقتني وإدراج مواد جديدة تقضي باستثناء التعاونيات العقارية المنشأة بموجب الأمر رقم 76-92 والتي اقتنت أوعية عقارية بغرض بناء مساكن من تطبيق أحكام هذا القانون إلى غاية حصولها على رخصة البناء مع منحها سنتين لإنجاز مشاريعها العقارية وتحديد نموذج نظام الملكية المشتركة عن طريق التنظيم. بعض تفاصيل القانون الجديد ويكرس مشروع القانون المتعلق بنشاط الترقية العقارية الالتزامات الواقعة على عاتق المرقي والأخرى الواقعة على عاتق المقتني قصد الحفاظ على مصالح الطرفين كما يحدد إطار تدخل المرقي العقاري عن طريق مجموعة من التعاريف. ويرمي هذا القانون في إطار أهداف السياسة الوطنية لتطوير نشاطات الترقية العقارية حسبما جاء في نص مشروع القانون الذي تابعته لجنة السكن والعمران بالمجلس الشعبي الوطني وقامت بإثرائه من طرف مختلف الأطراف التي لها علاقة بالقانون إلى تحديد الشروط التي يجب ان تستوفيها المشاريع المتعلقة بنشاط الترقية العقارية وتحسين أنشطتها وتدعيمها وتحديد قانون أساسي للمرقي العقاري وضبط مضمون العلاقات بين المرقي والمقتني وكذا تأسيس امتيازات وإعانات خاصة بمشاريع الترقية العقارية. وخصص مشروع القانون فضاءا هاما بهدف وضع إجراء موجه لتفادي أي فجوة بين انجاز العقار وصيانته في مصلحة الشاغلين والغير حيث يتعين على المرقي العقاري خلال سنتين ابتداء من تاريخ بيع آخر جزء من العقار ضمان إدارة الممتلكات.وحسب مشروع القانون فقد حدد بشكل دقيق مهنة المقاول واعتبره "كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري بعنوان نشاط أشغال البناء بصفته حرفيا أو مؤسسة تملك المؤهلات المهنية" وبناءا على ذلك فان هذا المشروع ينص على انه يرخص فقط للمرقيين العقاريين المعتمدين والمسجلين في السجل التجاري بالمبادرة بالمشاريع العقارية. سحب رخصة المرقي العقاري في حالة تزوير وحسب نص مشروع القانون فان الأشخاص الذين تعرضوا لعقوبات بسبب مخالفات التزوير واستعمال المزور في المحررات الخاصة أو التجارية أو البنكية والسرقة وإخفاء المسروقات والنصب وسوء الائتمان والإفلاس وابتزاز الأموال أو القيم أو التوقيعات وإصدار شيكات بدون رصيد أو رشوة موظفين عموميين أو شهادة الزور والقسم الكاذب والجنح المنصوص بموجب الأحكام التشريعية المتعلقة بالشركات التجارية فإنهم لا يمكنهم ان يكونوا مرقيين عقاريين منشئين أو مشاركين. كما يشترط مشروع القانون أن يكون المرقي العقاري الذي يلتمس اعتمادا متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ويمنع عليه التنازل أو تحويل شهادة اعتماده. وزيادة على التأمينات المطلوبة في التشريع المعمول به في إطار ممارسة نشاط مهنة المرقي العقاري فان مشروع القانون ينص على أن المرقي العقاري الذي يشرع في انجاز مشروع عقاري من اجل بيعه قبل إنهائه يتعين عليه اكتتاب ضمان الترقية العقارية لدى صندوق الضمان قصد ضمان تسديد الدفعات التي قام بها المكتتبون في شكل تسبيقات والإنهاء الكامل للأشغال وتغطية أوسع للالتزامات المهنية و التقنية. كما ينص هذا القانون -حسب ما جاء في عرض الأسباب- على الجزاءات والعقوبات لردع التصرفات المنحرفة والتجاوزات التي يمكن أن تنشا عن ممارسة الترقية العقارية مثل بيع بناية بدون عقد وعدم الاشتراك في مختلف الضمانات والتأمينات وغيرها من المخالفات. عقوبات إدارية وجزائية على كل مخالفة لأحكام القانون وينص مشروع القانون على عقوبات إدارية وجزائية على كل مخالفة لأحكام القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه كالسحب المؤقت لشهادة الاعتماد لمدة لا تتجاوز 6 أشهر وعلى السحب النهائي لشهادة الاعتماد في بعض الحالات كتجاهل المرقي العقاري المتكرر وعن قصد وبصفة خطيرة للالتزامات الواقعة على عاتقه. وفيما يتعلق بالعقوبات الجزائية فان مشروع القانون ينص على عقوبات أهمها الحبس من شهرين إلى عامين وغرامة قدرها 200 ألف دج إلى 2 مليون دج. ومن أجل ضبط أكثر وضوحا لمهنة المرقي العقاري وكذلك تنظيمها يقترح مشروع القانون إنشاء مجلس أعلى مكلف بالإسهام في احترام المهنية وأخلاقيات الاحتراف من خلال اقتراح كل التدابير التي من شانها تدعيم ممارسة نشاط الترقية العقارية وإبداء الرأي في كل مسالة تتعلق بالمهنة بمبادرة منه أو بطلب من السلطات العمومية. ولم ينسى مشروع القانون نقطة بيع الأملاك العقارية والالتزام بالضمان فبخصوص هذه النقطة ينص القانون على أن عقد البيع على التصاميم يجب أن يوضح تشكيلة سعر البيع وآجال الدفع بالنسبة لتقدم الأشغال كما يركز على ضرورة ذكر ما إذا كان السعر قابلا للمراجعة أم لا وفي حالة الإيجاب ذكر كيفيات المراجعة. وشدد مشروع القانون في هذا الصدد على أن مبلغ مراجعة السعر لا يمكن أن يتجاوز 20% كأقصى حد من السعر المتفق عليه في البداية مع تبرير تغيرات السعر والى أن أي تأخر يلاحظ في التسليم الفعلي للعقار موضوع عقد البيع على التصاميم يؤدي إلى عقوبات التأخير التي يتحملها المرقي. المرقي ملزم بدفع غرامات على تأخير المشاريع وفيما يخص التزامات المكتتب أو صاحب حفظ الحق في مشروع عقاري فان مشروع القانون ينص على انه يتعين على هذا الأخير دفع التسديدات التي تقع على عاتقه في الآجال المنصوص عليها مشيرا إلى ان عدم تسديد دفعتين متتاليتين يترتب عليه إلغاء العقد بحكم القانون بعد اعتذارين مدة كل واحد منهما 15 يوما يبلغان عن طريق محضر قضائي لا يتم الرد عنهما. وفي الأخير أوضح مشروع القانون أن المرقين العقاريين الممارسين نشاطهم عند تاريخ نشر هذا القانون يمكنهم مواصلة نشاطاتهم ويتعين عليهم المطابقة لأحكام هذا القانون في أجل مدته سنة.
شد ومد بين المرقين والوزارة بخصوص القانون وعرف مشروع القانون هذا شدا ومدا بين وزارة السكن والعمران وبيم مختلف الفاعلين في القطاع وأولهم المرقين العقاريين فالوزارة ترى أن القانون يهدف في أساسه إلى حماية المواطن من تلاعبات بعض المرقين العقاريين ووضع حد لتجاوزات البعض الأخر، فيما يرى المرقين أنفسهم عبر الاتحاد الوطني للمرقين العقاريين مصالح وزارة السكن والعمران إلى إشراكه في صياغة المشروع الجديد حيث أن عدم إشراكهم سيؤثر على تطور مجال العمران ويؤثر على ترقيته. وبخصوص هذا الجدال القائم كان مدير الترقية العقارية بوزارة السكن والعمران الياس فروخي قد أكد ل "المواطن" خلال مائدة مستديرة احتضنها نادي المجاهد أن عملية إعداد مشرع القانون المتعلق بالترقية العقارية يتم إعداده وإثراءه بالتشاور مع مختلف المتعاملين مؤكدا أن المشروع القانون هذا يهدف إلى "ترتيب" نشاط الترقية العقارية من خلال عدد من الترتيبات من شانها حماية أصحاب مشاريع البناء والمستفيدين. باعتباره يحدد بوضوح العلاقات بين المتعاملين والمستفيدين والسلطات العمومية من خلال ثلاثة أنواع من العقود، وخلافا للقانون الساري المفعول (المرسوم التشريعي لمارس 1993) يحتوي مشروع القانون حسب فاروخي علي عقوبات وغرامات مالية لمعاقبة أي تصرف أو تجاوز قد يصدر جراء ممارسة الترقية العقارية على غرار بيع عمارة بدون عقد أو غياب اكتتاب لمختلف الضمانات أو التأمينات. من جهته يرى الاتحاد الوطني للمرقين العقاريين أن عدم اشراكهم في صياغة القانون الجديد لا يتوافق مع الأهداف التي سطرتها السلطات العمومية وعلى رأسها وزارة السكن ، كما أنه سيؤثر على تطور مجال العمران ويؤثر على ترقيته. ودعا الاتحاد نور دين موسى إلى إشراكه في صياغة المشروع الذي لم يعدّل منذ قرابة 16 سنة، كما طالب في إشراك المرقين العقاريين في إنجاز المشاريع السكنية على غرار دواوين الترقية والتسيير العقاري وليس كمقاولين صغار . وحسب الاتحاد الوطني للمرقين العقاريين فإن القانون بحد ذاته يتضمن عدة نقائص و على وزارة السكن والعمران استدراكها حيث أن مطالبهم تتركز على تقديم الوصاية تحفيزات لمباشرة المشاريع، وتحرير ممارسة الترقية العقارية أكثر، وتنظيم سوق إنجاز السكنات بما يحيّد نشاط الطفيليين وأشباه المرقيين العقاريين، ناهيك عن حماية المواطنين من كل العراقيل التي تحول دون الاستفادة من العقود المؤقتة لسكنهم، بما يطرح التقيد بأخلاقيات المهنة. أما فيما يخص الدعوة إلى إلغاء صيغة البيع على التصاميم التي نادى بها بعض الخبراء، فاعتبر الاتحاد أن ذلك يعد بمثابة الرجوع إلى الوراء باعتبار أن دول العالم تعمل بذلك وعلى المواطن أن يكون واعيا، بأشباه المرقين والطفيليين، الذين لا يملكون لا أموالا ولا أراضي ثم يطلق الحكم بصفة عامة عليهم ، كما أن المرقون الحقيقيون يدعون إلى تفعيل التوقيع المؤقت على عقود السكن للمواطنين وليس التحايل على القانون كما يفعل البعض، وطرح المتحدث عدة عراقيل تكبح نشاطهم حصرها في بطء الإجراءات الإدارية التي باتت ترهن تقدم المشاريع وتحصيل أموالهم. تخفيضات ب 95 بالمائة من قيمة الأوعية العقارية لفائدة المرقين العقاريين بمقابل مشروع القانون المتعلق بنشاط الترقية العقارية الذي تحفظ بشأنه المرقين العقاريين عن محتواه في بعض الجوانب جاء قانون المالية بجملة من الإجراءات التحفيزية لفائدتهم حيث قررت الحكومة منح أوعية عقارية تكاد تكون بالدينار الرمزي من خلال تخفيضات معتبرة على أسعار العقار المخصص للبناء· سيستفيد المرقون العاملون في ميدان إنجاز البرامج العقارية التي تدعمها الدولة كمشاريع عدل، السكن الاجتماعي التساهمي، و كذا تلك المسجلة لدى الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، من تخفيضات معتبرة، على التوالي، وحسب المناطق الجغرافية، 80 بالمائة على مستوى ولايات الجزائر وعنابة وقسنطينة ووهران، 95 بالمائة على مستوى ولايات الهضاب العليا والجنوب، و90 بالمائة بباقي ولايات الوطن· فيما أبقت الحكومة على مجانية الأوعية العقارية المخصصة لبرامج السكن العمومية ، كما تضمن إجراءات أخرى تخص قروض تمويل الترقية العقارية حيث سيستفيد جميع المرقين المحليين الذين ينجزون برامج عمومية في الترقية العقارية من تخفيض في تكلفة القروض على أن يتحملوا دفع نسبة فائدة قدرها 4 بالمائة·