ما إن اشتدت شعلة الاحتجاجات الشعبية في مصر حتى استنفر صانعو القرارات في إسرائيل عن بكرة أبيهم للتهيؤ لمستقبل الوضع الجديد في ضوء المستجدات غير المتوقعة التي عصفت بأركان النظام المصري. ومن بين سلسلة السيناريوهات والإجراءات والخيارات التي عكفت إسرائيل على تنفيذها أو حتى تلك التي تنوى اتخاذها استنادا لتقييم مجريات الأحداث، لم تغب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن خارطة التقديرات الإسرائيلية. محمد / ك – وكالات أقل تلك التقديرات التي ألمح إليها رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال غيورا آيلاند، هي صعود قوة الإخوان المسلمين في البرلمان وتحولها إلى قوة مؤثرة، وهو ما سيعتبر نصراً لحركة حماس في غزة وسيسيل لعاب حماس في الضفة الغربية لتتمرد على السلطة أسوة بتجربة غزة والقاهرة، وحينها ستتحول حماس إلى خطر جدي يهدد العمق الإسرائيلي. التخوف ذاته دفع وزير الأمن الأسبق أفرايم سنية إلى دعوة الحكومة الإسرائيلية إلى احتلال "محور فيلادلفيا" -وهو الشريط الحدودي الممتد على طول حدود قطاع غزة الجنوبية مع مصر- للحد من تهريب الأسلحة عبر الأنفاق الأرضية من شمال سيناء لحركة حماس، المصنفة على أنها خطر إستراتيجي لإسرائيل. لكن الحكومة الإسرائيلية أعلنت رفضها المقترح، وقال وزير المواصلات فيها إسرائيل كاتس إن "من الخطأ احتلال فيلادلفيا عسكرياً وفتح حرب مع حماس هناك في الوقت الراهن، يجب المحافظة على ما لدينا وما هو مهم لنا". كلام كاتس يحمل في طياته إشارة واضحة إلى التفاهمات والاتفاقات التي تربط إسرائيل بمصر فيما يتعلق بمنع تهريب الأسلحة، والتي من بينها الجدار الفولاذي المقام على الجانب المصري من الحدود ومحاولة تجفيف منابع تمويل السلاح في سيناء عبر زيادة أعداد أفراد الأمن، وهو ما عمدت إسرائيل إلى فعله وسمحت للنظام المصري في خضم المظاهرات الشعبية بضم كتيبتين من الجيش المصري إلى قواته المرابطة هناك رغم مخالفة ذلك لمعاهدة السلام المبرمة بينهما.