إقتصاديون: "الصيرفة الإسلامية ستفتح آفاق جديدة للاقتصاد الوطني" دخلت حملة الشباب الجزائري على صفحات "الفايس بوك"، الداعية لإيقاف القروض الربوية في الجزائر، أسبوعها الثاني، وسط قبول وتأييد العديد من الأطراف، فضلا عن الكم الهائل من الشباب والمواطنين الذين ينظمون بشكل يومي إلى الصفحة، ويعلنون دعمهم للحملة المليونية المفتوحة، ممن يرفضون القروض البنكية العقارية الربوية، وكذا قروض وكالة دعم وتشغيل الشباب "لونساج".
انطلقت الحملة الداعية لإلغاء القروض الربوية، بفتح صفحة خاصة، على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" مطلع الشهر الجاري، تحت شعار "حملة إلغاء القروض الربوية في الجزائر... أنا جزائري مسلم أنا ضده"، من طرف مجموعة من الشباب الجزائريين، وهذا على خلفية مواكبة مشروع قانون، تقدم به بعض نواب الشعب، في البرلمان الجزائري، حيث استغل هؤلاء الشباب الفرصة للتعبير عن هذا المطلب، والمشاركة في مليونية، تطالب بإلغاء الربا في القروض البنكية، على أمل أن يلقى هذا القانون مباركة من قبل صانع القرار في الجزائر، ومن ثم تعجيل تحقيق هذا المكسب. وتتيح صفحة "الفايس بوك" الخاصة بالحملة، فرصة الانضمام لكل من يرغب في ذلك، معتبرة الإعجاب بالصفحة تعبيرا عن دعم الحملة، كما خصص القائمون على هذه الأخيرة استطلاعا لقياس مدى دعم وتجاوب المواطنين مع هذا المطلب، ومن باب دعم الحملة أيضا، تدعوا الصفحة المواطنين إلى التقاط صور يحملون فيها لافتة تعبر عن تأييدهم لهذا المطلب، من أجل المشاركة بها في الحملة، أو المشاركة بأي طريقة أخرى مثل تصميم الشعارات، والصور الدعائية، التي تحمل شعار الحملة، أو حتى عن طريق المقال أو الشعر أو أي شكل من أشكال الفنون. أكثر من خمسة آلاف معجب بالصفحة خلال عشرة أيام ورغم أن اليوم يمثل عاشر أيام الحملة، إلا أن هذه الأخيرة حققت انتشارا كبيرا بين مستخدمي الشبكة الاجتماعية، من إعلاميين، رجال الدين، خبراء وباحثين، وأساتذة جامعيين، وحتى أحزاب سياسية، حيث حصدت ما يزيد عن خمسة آلاف معجب بالصفحة خلال أسبوعها الثاني، كما أن ما يقارب 15 ألف يتحدثون عنها في صفحاتهم، خاصة من الشباب الجزائريين، الذين سارعوا لإعلان دعمهم للحملة ومساندتهم للمطلب، سواء من خلال الانضمام إلى الصفحة، أو تسجيلات الإعجاب، وأيضا تداول شعارات وصور الحملة على صفحاتهم، بالإضافة إلى الكم الهائل من التعليقات، التي تراوحت بين الهزل والجد، وعبرت في مجملها عن حق الشباب الجزائري الذي يتخبط في أزمات البطالة، والسكن، في الحصول على قروض عقارية، وقروض لتدعيم مشاريعهم "بالحلال"، وخارج إطار الربا التي يحرمها ديننا الإسلامي، كما عبر البعض من خلال تعليقاتهم عن استغرابهم من تعامل بلد مسلم كالجزائر، أم المليون ونصف المليون شهيد بالربا إلى وقتنا الراهن، في حين ذهب البعض الآخر، إلى مطالبة من يرفض فكرة إلغاء القروض الربوية، باعتبارها لا تمثل مطلب حقيقي في الشارع الجزائري، بمنحهم هذا الحق باعتبار أنه مطلب أقلية عرقية، في إطار حقوق الأقليات العرقية. "وأحل الله البيع وحرم الربا" ويستند أصحاب هذه الحملة إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحرم فيها الربا بلفظ صريح، كقوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا"، بالإضافة إلى فتاوى لكبار الأئمة الجزائريين، على غرار أبو عبد السلام الذي أفتى في أكثر من مناسبة بحرمة الاستفادة من القروض البنكية، مهما كانت نسبة الفائدة الربوية فيها واحد بالمائة، أو حتى 0.1 بالمائة، والذي دعا الشباب أيضا، إلى البحث عن شركاء ميسوري الحال، للانطلاق في مشاريعهم الخاصة، وتفادي طلب القروض البنكية، مبرزا أن كل ما يبنى انطلاقا من هذه الأخيرة هو حرام، كما أن كل الأرباح التي تعود من المشروع حرام أيضا. واستندت الحملة أيضا، إلى ما كتبه الشيخ بدر الدين، وهو إمام وخطيب مسجد الأبرار بالجزائر العاصمة، وعضو لجنة الفتوى بالمجلس العلمي لولاية الجزائر، ونائب رئيس لجنة الإغاثة بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والذي ترأس قافلة الجزائرغزة سابقا، حيث تحدث عن الحملة على صفحات موقع "منار الجزائر"، مبرزا أن إلغاء القروض الربوية يجب أن يتم بدون الحملة المليونية، وفي نفس الوقت، وجه تحية إكبار للشباب الذين تركوا المال الحرام، رغم الظروف المادية الصعبة التي يعيشونها، كما حيا الأصوات الشبابية التي ارتفعت عبر المواقع الالكترونية، مطالبة بإلغاء القروض الربوية، بدافع الوازع الديني، مذكرا بحرمة هذه القروض، وداعيا الجهات المعنية إلى نزع هذا الحاجز الذي يحول بين الشباب الملتزم، والكسب الحلال، إضافة إلى توجيه دعوة للاستفادة من تداعيات الأزمة العالمية، التي يعرف العالم كله أن من أسبابها المباشرة القروض الربوية. فارس مسدور: "المبادرة متأخرة... والصيرفة الإسلامية ستفتح العديد من الآفاق الاستثمارية في الجزائر" وفي حديث مع الخبير الاقتصادي الجزائري فارس مسدور، رحب بمثل هذه المبادرة، التي قال أنها نتاج لمجهودات العديد من الأصوات الفردية سواء من مواطنين، أو أئمة، ومختصين اقتصادين، كانوا يطالبون دائما بإلغاء هذه الفوائد الربوية، من القروض البنكية الجزائرية، وعن توقيت الحملة قال مسدور أنها جاءت متأخرة جدا، لأنه كان من الأجدر بالشباب أن يبادر منذ وقت طويل، بالضغط بطريقة حضارية على الجهات المعنية من أجل إلغاء هذا الحاجز الذي يعيق تمويلات المشاريع في الجزائر، وأضاف الخبير الجزائري أنه من حق الفرد الجزائري المسلم أن تراعى حقوقه وحرمات دينه الإسلامي، خاصة وأننا نتكلم عن كبيرة من الكبائر وهي الربا، داعيا إلى جعل الجزائر من ضمن الدول المبادرة والرائدة في مجال المصرفية الإسلامية، لا سيما وأن لدينا سابقة في هذا المجال، فأول أطروحة دكتوراه حول المصرفية الإسلامية، هي للدكتور الجزائري محمد بوجلال، بتمويل من الدولة الجزائرية. وفي سؤالنا عن انعكاسات اتخاذ مثل هذا القرار، القاضي بإلغاء الفوائد الربوية من القروص البنكية، أكد مسدور أن الأمر أبسط مما نتخيل، لأن مسألة الربا في الشريعة الإسلامية تتعلق بالألفاظ، فبمجرد اتخاذ قرار تغيير تسمية "الفوائد" المترتبة عن القرض، بتسمية "الخدمات"، "الأعباء"، أو غيرها من التسميات المقبولة شرعا والتي تضمن أرباح البنك، يخرج التعامل عن إطار الربا، موضحا أنه ورغم أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثبثت للعالم أجمع، الانعكاسات السلبية للتعاملات الاقتصادية الربوية إلا أن القائمين على البنك المركزي الجزائري، ما يزالون متمسكين بقوانين مستنسخة عن قانون الدولة التي استعمرتنا ونهبت خيراتنا لما يفوق القرن. وفي ذات السياق عبر الخبير الاقتصادي الجزائري، عن أمله في فتح آفاق ونوافد التعاملات الاقتصادية الإسلامية في الجزائر، والتي أثبثت نجاعتها في العديد من الدول الأخرى، مؤكدا أن المواطنين الجزائريين متعطشون للتعامل البنكي الحلال، مستندا في حديثه بتجربة بنك الخليج-الجزائر الذي كسب الكثير من المتعاملين بعد أن أصبحت تسعون بالمائة من تعملاته إسلامية، كما أوضح أن الصيرفة الإسلامية من شأنها أن تفتح العديد من آفاق الاستثمار في الجزائر، خاصة في ظل وجود العديد ممن يرغبون في الاستثمار في الجزائر، لكن يمنعهم من ذلك الربا.