بلحن حزين رافق صراخ المعذبين في إحدى مسالخ الاستعمار الغاشم، رفع الستار أمس الأول، على رائعة "الركوع للثرى" لمؤلفها عبد الحليم بوشاركي ، والتي جسد فيها المخرج عيسى جقاطي، مشاهد من الليلة الأخيرة للبطل الشهيد العربي بن مهيدي، في مشاهد مسرحية درامية أهداها المسرح الجهوي العلمة بسطيف في عرض شرفي لعشاق الفن الرابع لمدينة تيزي وزو في خمسينية الاحتفال بالاستقلال. وجاء العرض في قالب تاريخي درامي، يعرض وبأدق التفاصيل، أحد مراكز التعذيب الاستعمارية، وقد أمتع الجمهور كل من وائل بوزيدة، وسقني عيسى، من خلال تقمص شخصيات الكولونيل "بيجار"، و"روبرت" بحيرتهما، خبثهما، ولا إنسانيتهما في اختلاق مشاهد التعذيب للمعتقلين، خاصة بعد إلقاء القبض على العدو اللدود الذي أراهما من الحكمة ما لم يشهدوه من قبل، ومن الشجاعة ما فاقت حدود رجل عادي، ومن النضال ما تعدى حدود الشهادة، هو العربي بن مهيدي الذي جال به سيط خصاله مسامع رئيس فرنسا حد الأرق، وتشخصه الممثل الشاب هشام قرقاح، ليعود بذلك المسرح الجهوي العلمة عبر الركح إلى أحد هذا الرجل الذي يعد أبرز رجال الثورة الجزائرية، والذي حير الفرنسيين الجنود منهم ، المثقفين والعامة، فبفضل شهامته وشجاعته أمام أساليب التعذيب التي أمر بها الرئيس الفرنسي أن تنفذ فيه لإفشاء خطته الجهادية التي لم ينطق بها حرفا. وقد تمتع جمهور تيزي وزو طيلة ساعة و ربع من الزمن، مع عرض متع و أبهر تناغم مجرياته، التي أمضاها المخرج المسرحي، خريج الفنون المسرحية والإخراج من جمهورية الصين الشعبية، ليكون قد أعاد الحضور شهامة رجال كان همهم و روحهم حرية الوطن و العيش بكرامة.