اعتبر رئيس موقع ناس الخير ولاية البليدة، كيدير حمود، أن واقع الأعمال التطوعية في الجزائر يحتاج الى تظافر الجهود الجميع، ابتداء من الوزارات وصولا الى أبسط فرد في المجتمع، محملا المجتمع المدني مسؤولية غياب ثقافة التطوع في بلادنا، خاصة بعد اتساع أزمة الثقة بين الجمعيات و الشعب من جهة، وبين الجمعيات والدولة من جهة أخرى. ياسمين ب *كيف ترى "ناس الخير" واقع العمل الخيري التطوعي اليوم في الجزائر؟ في الحقيقة أن واقع العمل التطوعي في الجزائر ضعيف جدا، وذلك بسب نقص الامكانيات الكثيرة التي تتطلبها طبيعة هذه الأعمال، فالناس عندما تفتقد الى المحفزات المالية لا تتحمس لذلك، فالمجتمع أصبح مادي أكثر مما هو إنسان، فأول ما تطلب من إنسان مساعدة لفائدة أعمال خيرية يسألك مباشرة عن المقابل لذلك، فالمدخول الأساسي للجمعية يعتمد على الثقة التي تلعب دورا مهما جدا في خارطة العلاقة بين الجمعيات والمواطنين، وحتى إذا كان هناك أعمال تطوعية فتكون من خلال مبادرات شخصية وذلك لغياب روح المبادرات الجماعية. *برأيكم ما هي سبل تدعيم ثقافة العمل التطوعي لدى شبابنا، لتكوين شخصيات اجتماعية منتجة؟ نحن كجمعية ناشطة في المجتمع نقوم بحملات تطوعية وتحسيسية في الوقت ذاته، تعود فوائدها على الشخص ذاته وعلى المجتمع، ونحن نريد أن تكون "شبكة تطوع" تضم مجموعة من الشباب ونقوم بتكوينهم في دورة خاصة بالتنمية البشرية، وهذا بهدف تحسين نوعية العمل التطوعي من جهة، وبأكثر احترافية تسير وفق برنامج مخطط واضح الأهداف والإجراءات اللازمة لإنجاحه من جهة أخرى. فجمعية ناس الخير الناشطة على مستوى ولاية البليدة تضم 5000 معجب، بينما لا يتعدى حجم المشاركين فيها 600 متطوع، فالمشكل هو أن الناس تتحمس وتعجب بالفكرة كبادرة خير ولكن في المقابل لا تبادر بالعمل، فالمجتمع الجزائري لا يحتاج الى معجبين وانما الى مشاركين فعليين. *وماذا عن دور المجتمع المدني بمختلف هياكله ومؤسساته وجمعياته في ذلك؟ حسب رأيي هناك نوعين من المجتمع، الحر والمقيد بالجمعيات، فلا توجد علاقة سواء بين الجمعيات والشعب من جهة، أو بين الجمعيات والدولة من جهة أخرى التي أصبحت عدوة لهذه الأعمال الخيرية، فالعمل التطوعي أصبح مبنيا على الأشخاص في وقت المفترض أن تكون علاقة ثقة بمن أجل خدمة المجتمع، لذلك ومع الأسف أصبح العمل التطوعي وعلى بساطته يتطلب قفة أوراق، وفي مقابل ذلك تغيب الجمعيات عن أداء دورها، فالكثير منها فقدت مصداقيتها وثقة الناس وأصبحت تسير تعكس مبدأ احترام انسانية المحتاجين، فالكثير من مشاهد توزيع قفة رمضان على المحتاجين لم تعد سوى صور للإشهار والتباهي، هذا دون الحديث عن أعمالها التي أصبحت خالية من العمل الجماعي. *بالعودة إلى تجربتكم، وصلت "ناس الخير" إلى درجة متقدمة من التنظيم، كيف تمكنت المجموعة من تحقيق ذلك "سر نجاح المجموعة"، خاصة وأنها تحقق اتساعا كبيرا يشمل كافة التراب الوطني؟ يعود نجاح ناس الخير بشكل عام وناس الخير الخاصة بولاية البليدة على وجه الخصوص الى مجموعة من العوامل وعلى رأسها قوة الشركاء والمتعاملين مع هذه الجمعية الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية تحقيق الهدف الأسمى من الأعمال التطوعية داخل المجتمع البليدي، وذلك الى جانب القوة البشرية والطاقات الشبانية التي ترتكز على مادة تعد أكثر من ضرورة في مجال التطوع وهي الفراغ، لأن المتطوع لابد أن يكرس نفسه بشكل كامل للخير، ومستعد لتقديمه في أي وقت، ونجاحها أيضا قائم على نجاح الأفراد من خلال امكانيات كل واحد فيهم وهو ما يقود في الأخير الى تحقيق الغاية الأسمى وهي " التطوع الشمولي والمتكامل والتدريب"، والتي من شأنها أن تحفز الشباب على الابداع والتطور أكثر، فعلى مستوى جمعيتنا هناك فريق يخطط وفريق خاص بالتنفيذ وكل على حسب مكانته. *كيف تقيم نشاط الأعمال التطوعية المشابهة ل"ناس الخير"؟ يعد الفايسبوك احد العوامل الرئيسية لخلق العديد من الجمعيات التطوعية البعيدة عن التوجهات السياسية، كما أنها تعمل بوتيرة سريعة تتلاءم ومتطلبات المجتمع، ونجاحها يعود الفضل فيه الى نجاح الشباب القائمين عليها، فالروح الشبانية لعبت دور الفاصل في ذلك، بينما ينحصر دورنا نحن كجمعية لها خبرة وباع في المجال التطوعي والخيري اتجاه هذه الجمعيات من خلال توجيه دعوى لكافة الجمعيات الناشطة على مستوى الولاية عند إقامة لقاءات تدريبية أو نشاطات أخرى، نعرض عليهم الدخول معنا في المشروع أو على الأقل تدريبهم على كيفية التحضير وتنفيذ مشروع خاص بهم مستقبلا. *ماهي الأهداف التي سطرتها "ناس الخير"، عند انطلاقتها ولم تستطع أن تحققها إلى اليوم؟ نسعى الأن كجمعية ناس الخير ولاية البليدة الى اقامة مشروع دار " s o s اليتامى"، وهو عبارة عن دار تحوي على كل مرافق التسلية خاصة بالأطفال، والهدف من وراء كلمة يتامى ليس فقط فاقدي الأب أو الأم وإنما الأطفال الفاقدين معنى الحياة بشكل عام، أي المحرومين من أبسط حقوقهم " التسلية "، سيما وأن ولاية البليدة مليئة بمشاهد عمالة الأطفال في الشوارع، لذلك أردنا أن تكون مجانية وترسم على الأقل البسمة على وجوه الأطفال. *وما هي العقبات التي ما تزال قائمة وتحول دون انتشار هذه الثقافة في المجتمع؟ من جملة العقبات التي واجهناها طيلة مشوارنا التطوعي، هي عدم وجود ميزانية خاصة بالجمعية، بالإضافة الى عدم وجود تفاعل بيننا وبين الادارة المحلية، فمثلا اذا استدعينا أحد المسؤولين لحضور نشاط معين بهدف أن يقف هذا المسؤول على حجم المبادرات التي تقوم بها الجمعية فإننا غالبا ما نقابل بالرفض، هذا دون الحديث عن الصعوبات التي نجدها في عدم تفاعل المجتمع المدني الذي تراجع دوره كثيرا.