من المظاهر التي تعود إلى الواجهة خلال كل رمضان، تلك التجاوزات المسجلة في المساجد، خاصة أثناء صلاة التراويح، وإن كانت الكثير من هذه المظاهر، قد باتت مألوفة لدى المصليين، نظرا لتكررها بشكل يومي، طيلة ليالي الشهر الفضيل، ومن سنة إلى أخرى، فإن كل رمضان يأتي بمظاهر أخرى جديدة، تبعا لتغير أحوال الناس. حميدة. ب لطالما كانت الصلاة في المساجد شيئا مقدسا لدى المسلمين بشكل عام، خاصة خلال مناسبة مقدسة مثل شهر رمضان المبارك، لكن الغريب ما بات يميز تواجدهم في بيوت الله لأداء هذه الفريضة، من سلوكيات عدم احترام حرمة المكان فكانوا سببا في انتشار مظاهر سلبية بها، حولت بيوت الله إلى مراكز متعددة الخدمات، خاصة في مصلى النساء، ولا يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل وأثناء تواجد المصلين في المسجد هم معرضون نتيجة مثل تلك المظاهر والسلوكيات، إلى أخطار مختلفة، على غرار السرقة، أو الأذى الجسدي، وهو ما حدث للكثيرات، لا سيما كبيرات السن. وما يسجل أيضا هو عدم مبالاة الكثيرات بقدسية المكان، حيث يقدمن على مثل هذه السلوكيات، دون أدنى مبالات بتوجيهات مرشدات المسجد، أو نصائح المصليات، بل والويل لمن تقوم بانتقادهن، حيث تتعالى أصوات الكثيرات في العديد من المرات، بعبارات "واش دخلك.. التاي بروحك.. بيت ربي تاع الناس قع.. مارانيش في داركم.." وغيرها من الكلمات التي ترد بها المتمردات على حرمة بيوت الله، على كل من يحاول أن يقف في وجوههن، بالنصح أو الانتقاد. وقت الاستماع إلى درس الإمام.. مجلس للنميمة! وفي زيارة قادتنا إلى أحد المساجد في العاصمة، صادفنا تلك الجماعات التي تتجمع فيها النسوة ليس لحاجة سوى الحديث عن عيوب المصليات أو معايرتهن بسخرية، لتتعالى أصوات ضحكهن تزامنا مع صلاة التراويح، وهو أمر لم نتفاجأ به لأنه من التصرفات السلبية التي باتت مألوفة، من طرف مصليات لا يحترمن حرمة المكان إلى درجة نشوب شجارات بين المصليات، ناهيك عن التلفظ بكلام قبيح لا يليق بالمكان والسبب الوحيد هو الكلام في الغيبة، كما تثري أغلب المصليات أحاديثهن بالمرور على مشاكل البيت، الجيران، العمل، وغيرها، فضلا عن وصفات الطبخ، والحلويات. سباق عند دخول المسجد وسباق للخروج منه.. والشجار سيد الموقفين من المظاهر السلبية التي اجتاحت مساجد العاصمة، سوء التنظيم أثناء موعد صلاة التراويح، والتي تنتهي عادة بنشوب شجارات بين المصليات اللواتي يتدافعون للظفر بأماكن داخلها، حيث تدخل الكثيرات في سباق مع الزمن، ومع المصليات الأخريات، من أجل الضفر بمكانها المفضل للصلاة، والذي يكون عادة بالقرب من النافدة، الباب، أو مكيف الهواء، وذلك حسب رغبتها، كما أنها لا تتوانى في رفع صوتها في شجار عنيف مع من تحاول أن تأخذ منها ذلك المكان، إضافة إلى سباق الخروج من المسجد، وما يعرفه من تدافع بعد الانتهاء من الصلاة، والذي يدفع ثمنه المسنات اللواتي يعانين من عدم احترام سنهن وضعفهن، ففي بعض الأحين يسقطن أرضا، ويصل الأمر أحيانا أخرى إلى حد إصابتهن بكسور أمام اختفاء صفة الشفقة أو الرحمة من قلوب الكثيرات. السرقة شكل آخر من أشكال الأذى والأغرب من كل هذا مما يندى له الجبين هو عدم وجود الأمان في بيوت الله، بعد أن تحولت المصليات إلى لصات محترفات، لم يعدن يكتفين بسرقة الأحذية من أبواب المساجد، وهو الأمر الذي سمعنا به كثيرا في أوقات سابقة، والذي لطالما كان يضع المصلين في حرج عندما يجدون أنفسهم أمام باب المسجد، بدون حداء، أما اليوم فقد تخرج من المسجد ليس بدون حداء فقط، ولكن بدون أشياء أخرى ثمينة، مثلما حدث مع هاجر التي أنهت الدعاء بعد السلام من الصلاة لتفاجئ بعدم وجود أي أثر لهاتفها النقال الذي كانت تضعه بجانبها، وهو سلوك يستنكره ويستغرب منه عديد المصليين الذين تحدثنا إليهم، والذين اعتبروا "أنه من المشين أن يرتكب المصلون هذا الفعل المحرم بشهر رمضان، وفي بيت الله". "غياب ثقافة احترام أماكن العبادة وراء هذه السلوكيات" هذا فضلا عن مظاهر أخرى مثل اصطحاب حلويات السهرة إلى المسجد، وتناولها مع ترك البقايا على السجادات، في منظر فيه من عدم احترام نظافة المكان، ما يثير الاشمئزاز، وفي حديثنا إلى إحدى المرشدات بأحد مساجد العاصمة، عبرت المتحدثة عن أسفها لما تشهده مساجدنا في السنوات الأخيرة، والتي تزيد حدتها خلال صلاة التراويح، من كل رمضان، معتبرة أن سبب ذلك هو افتقارنا للثقافة الدينية، وعدم وعي الكثيرين بآداب دخول المساجد والصلاة فيها، وكذا غياب ثقافة احترام أماكن العبادة، موضحة أن ذلك لا يقتصر على المسنات اللواتي يعدرن لجهلهن، ولكن مثل هذه السلوكيات تصدر في الغالب في فتيات متعلمات.