تعتبر التراويح من بين الصلوات التي يحرص أشخاص كثيرون على تأديتها طيلة شهر رمضان لكسب المزيد من الأجر والثواب، إلا أنّ بعض النساء والفتيات يضمرّن غايات وأهداف أخرى من وراء مراودة بيوت الله عوض ممارسة طقوس العبادة. تصرفات عديدة، تلك التي رصدها البعض في طريقهم لأداء التراويح، حيث لوحظ اغتنام بعض الفتيات فرصة فتح أبواب المساجد خلال شهر رمضان الكريم للنساء بعد صلاة المغرب، ليتمكنّ من الخروج لبعض الوقت لأغراض غير الصلاة والتعبّد، حيث يسمح الكثير من الأولياء لبناتهم بالخروج ليلا بغية تأدية التراويح وكلهم ثقة في ذلك، لكن بعضهن يخنّ تلك الثقة ويتذرعن بأنهن يقصدن المسجد ليلا للصلاة، إلا أن الوجهة تكون لمقابلة صديق أو عشيق. كانت هذه واحدة من الأمور التي تنال استهجانا كبيرا، ولم يقتصر الأمر على ما يحدث خارج المسجد بل حتى بين أسواره، فكثر اللغو والتحدّث عن عورات الغير بين صفوف ما يسمين أنفسهن ب«المصليات”، وبدل أن يحققن هدفهن في عبادة الله، خرجن عن نطاق القيم الإسلامية. هذا ما لمسناه عند زيارتنا لأحد المساجد المتواجدة بحي العناصر، حيث لاحظنا كمّا هائلا من النساء المتواجدات بهذا المسجد، لكن ما تفاجأنا له هي تلك التصرفات التي تصدر عن بعضهن، ولعلّ أبرزها هو ذلك الصراع المحتدم بين المصليات حول الأماكن القريبة من النوافذ أو الواقعة بالقرب من المكيّفات، فكلّ واحدة تسعى لتحتل موقعا استراتيجيا لتتمكّن من الصلاة بكل راحة ولو كان ذلك على حساب غيرها، فهذه تدفع زميلتها وأخرى تحجز مكانها مسبقا في الصفوف الأولى بالمسجد، ما يؤدي إلى بعض المناوشات الكلامية التي تطورت إلى شجارات داخل البيت الله. وتكفيك جلسة واحدة في الصفوف الأخيرة حتى ترى وتسمع كل شيء لا علاقة له بالصلاة، بعد أن تحولت الكثير من المساجد إلى مكان للإستجمام والراحة بالنسبة لبعض الفتيات اللواتي يجتمعن لإقامة جلسة نسائية يتبادلن فيها أطراف الحديث في العديد من الأمور الشخصية، لتتعالى أصواتهن وضحكاتهن. هذا ما حدثنا عنه بعض المصلين الذين أبدوا استياءهم من بعض النسوة اللواتي لا يحترمن حرمة بيوت الله ويخالفن آداب المسجد علنيا، في السياق ذاته يعلق أحد مصلي مسجد العناصر قائلا “من الغريب أن لا تحترم من تقصدن بيوت الله حرمة هذا المكان، حيث نسمع يوميا عن مناوشات وشجارات تصل إلى حدّ التشابك بالأيدي والصراخ لأتفه الأسباب”. أرجعت إحدى من تحدثنا إليهن في الموضوع، شجار النسوة في المسجد للتزاحم الكبير، ضيق المكان وارتفاع درجة الحرارة، ما يجعل كل واحدة تبذل ما بوسعها للحصول على مكان مناسب للصلاة فلا يتركن مجالا لغيرهن من المصليات، بعدما يستولين على أكبر مساحة مما يزيد من حدّة النزاع بينهن. فتيات يقصدن المسجد بحثا عن فارس الأحلام أصبحت المساجد قبلة لعدد كبير من الفتيات اللواتي يقصدن بيوت الله للعثور على فارس أحلامهن من المصلين، والأمر نفسه بالنسبة للأمهات ممن يبحثن عن فتاة ملتزمة تخطبها لابنها، وهكذا استغلت بعضهن فرصة توافد عدد كبير من النساء لتتخلصن من شبح العنوسة، لعلّ الله يرزقها بنعمة الزواج على حدّ اعتراف بعض الفتيات اللواتي أكّدن أنهن لايفوّتن فرصة التراويح خلال شهر رمضان، بحثا عن من يعجب بالتزامهن. «رب صدفة خير من ألف ميعاد”.. هو المثل الذي ينطبق على إحدى المسنات التي أكّدت أنها وجدت في صلاة التراويح، فتاة تصلح لتكون زوجة لابنها بعد أن طرقت كثيرا من البيوت، حيث أبرزت إعجابها برزانتها وأخلاقها، ما جعلها تختارها دون غيرها. شابة أخرى تؤكد أنها تخلصت من شبح العنوسة بهذا المسجد تحديدا، وحسب قولها فإن نصيبها في الزواج قد كان في صلاة التراويح بعد أن تقدم لخطبتها أحد المصلين. وتنقلب الآية هذه المرّة عندما نسمع عن رواية مخالفة وقعت لأحدهم، حيث أكد أن إحدى الفتيات تجرأت وأعطته ورقة عليها رقم هاتفها الشخصي بعد الإنتهاء من أداء صلاة التراويح. الدين يحرم استغلال بيوت الله لأهداف غير أخلاقية أو شخصية يحذّر ديننا الحنيف من عدم احترام المصلين لحرمة بيوت الله، هذا ما أوضحه الدكتور عبد الله بن عالية أستاذ العلوم الشرعية بجامعة الجزائر، حيث أرجع تصرفات بعض الفتيات في خيانة ثقة أوليائهن بالكذب واستغلال صلاة التراويح كحجّة، مقابل تحقيق أهداف شخصية أو ممارسات غير أخلاقية إلى ضعف الإيمان وغياب الوازع الديني. كما شدّد المتحدث ذاته أن تصرفات بعض النسوة داخل المساجد خارجة عن نطاق القيم التي يجب الالتزام بها مراعاة لحرمة هذا المكان، خاصة فيما يتعلق بالشجار على أماكن الصلاة أو استغلال المسجد لتحقيق مصالح شخصية أو حتى الغيبة والنميمة، وأشار الدكتور خلال حديثه أن البحث عن شريك الحياة داخل المساجد غير جائز، فنية الذهاب للمسجد يجب أن تكون صافية والهدف من صلاة التروايح محدّد ابتغاء لوجه الله.