إنقاذ 221 حرّاقاً بسواحل الجزائر    الرئيس يقرّ حركة في سلك الأمناء العامين للولايات    الشروع في تسويق طراز ثالث من السيارات    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية    تردي متزايد لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب    بن طالب.. قصة ملهمة    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يجدد مبادرة خفض الأسعار في رمضان    مصنع تحلية مياه البحر بالرأس الأبيض, استجابة للتحديات المائية في المنطقة    بو الزرد: دخول منحة السفر الجديدة حيز التنفيذ قبل نهاية رمضان أو بعد العيد مباشرة    انطلاق أشغال الاجتماع الوزاري الأول لمجموعة العشرين بمشاركة الجزائر    شرفة يعلن عن الشروع قريبا في استيراد أكثر من مليوني لقاح ضد الحمى القلاعية    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    افتتاح أشغال الدورة الشتوية للجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بفيينا    افتتاح الاجتماع الوزاري الأول لمجموعة ال 20 بجوهانسبرغ بمشاركة السيد عطاف    حليب ومشتقاته: مجمع "جيبلي" يعتزم الشروع قريبا في تصدير الأجبان الى عدة دول    كأس الكونفدرالية: رضواني و بلقاسمي (اتحاد الجزائر) و ديب (ش.قسنطينة) في التشكيلة المثالية لدور المجموعات    لجنة مكلفة بتحضير سيناريو فيلم الأمير عبد القادر في زيارة لولاية معسكر    هزة أرضية بقوة 2ر3 درجات على سلم ريشتر بولاية برج بوعريريج    تسجيل المنتجات الصيدلانية: اختيار الجزائر كنقطة اتصال على مستوى منطقة شمال إفريقيا    الحزب الشيوعي الروسي يجدد دعمه لكفاح الشعب الصحراوي حتى تحقيق حقه في الحرية والاستقلال    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم ال31    انتخاب الجزائري زهير حمدي مديرا تنفيذيا للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة    اليوم الوطني للشهيد : "جرائم الاستعمار بين الأمس و اليوم" محور ندوة تاريخية بالجزائر العاصمة    لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي    مبارتان للخضر في مارس    أمطار مرتقبة في عدّة ولايات    مباحثات بين سوناطراك وشيفرون    توقيف 05 أشخاص يشكلون شبكة إجرامية دولية    الرئيس تبون ينهي مهام والي غليزان    الشركة الجزائرية للتأمين اعتمدت خارطة طريق للرقمنة    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    خنشلة: الأمن الحضري الخارجي المحمل توقيف أشخاص في قضيتي سرقة وحيازة كحول    قمة بأهداف صدامية بين "الوفاق" و"الشباب"    مشاريع تنموية واعدة في 2025    دعوة لإنشاء منظمات عربية لرعاية اللاجئين    في سهرة رمضانية..«الخضر» يستقبلون الموزمبيق يوم 25 مارس بتيزي وزو    إطلاق أسماء شهداء ومجاهدين على هياكل تابعة للجيش    توقُّع إنتاج كميات معتبرة من الخضروات خلال رمضان    احتفالات بألوان التنمية    "سوسطارة" تتقدم واتحاد خنشلة يغرق و"السياسي" يتعثر    أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط    تتويج "الساقية ".. بجائزة كلثوم لأحسن عرض متكامل    هذا ما يجب على مريض السكري التقيُّد به    "حنين".. جديد فيصل بركات    الكاتب "ياسمينة خضرا" يشكر رئيس الجمهورية على تهنئته له بعد فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    خنشلة : أمن ولاية الولاية إحياء اليوم الوطني للشهيد    توقيف قائد مولودية الجزائر أيوب    الزيارة تستدعي الإدانة كونها استخفاف بالشرعية الدولية    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"امرأة تضحك في غير أوانها".. ديكتاتورية الأعراف
للكاتب العُماني نبهان الحنشي

يلجأ العُماني نبهان الحنشي في روايته "امرأة تضحك في غير أوانها" إلى نوع من تشريح المجتمع، وإظهار الصور المخفية التي يجري التعتيم عليها، والتكتم على ما يقترف من ممارسات تسيء لأفراد المجتمع بحجة المحافظة على السلامة العامة.
ويلقي بالتوازي مع ذلك الضوء على التراتبية الطبقية المعمول بها في المجتمع العُماني والتي تزيد الشقاق بين الناس ولا تستدل إلى طريقة للتعافي منها أو تخفيف وطأتها.
ويدين الحنشي في روايته -التي أصدرتها مؤخرا دار الانتشار العربي ببيروت- ديكتاتورية الأعراف البالية التي تبقي الناس أسرى أحكام مسبقة جاهزة واتهامات ملفقة، ويظهر كيف أن هناك كثيرا من السلوكيات التي يتم التغاضي عنها بداية، لا تلبث أن تصبح قيودا على حركة المجتمع فتعطل إمكانية تطوره وتقدمه.
ومن ذلك مثلا ما يصوره الجانب الأبرز في حرف مسار بطل روايته "علي" الذي يوصف بأنه ينحدر من طبقة اجتماعية يعاب عليها أنها أقل من طبقات الأعيان والمتنفّذين والمتسلطين.
"يحاول الروائي تقديم بعض الوقائع المعاصرة التي حدثت في السلطنة، وسعي المواطنين إلى سن تشريعات تكفل لهم الحقوق وتضع الجميع أمام واجباته، ويذكر بجانب من الاحتجاجات والتوتّرات وتعاطي السلطة معها"
صدَمات وصِدامات..
ينتقل علي من بلدته "جعلان" إلى العاصمة ليعمل مندوبا في إحدى الدوائر الحكومية تاركا خلفه أمه وأخته، يستعيد الظلم الذي لحق بأبيه الذي عثر عليه مقتولا إثر تحديه لأحد المتنفّذين ودفاعه عن نفسه وابنته ضد اتهامات سيقت بحقهما. يهرب علي إلى العاصمة تاركا إرثا من الاستبداد الاجتماعي ليكتشف مستنقعا آسنا من الفساد المتغول.
تكون صدمة علي مركبة، فمن جهة يصدَم بحجم الفروقات بين بلدته والعاصمة، ومن جهة أخرى ينتكب للمقارنات التي لا تني تفرض نفسها عليه وتحجمه في زاوية ضيقة. ولا تتوقف الصدمات عن توريطه، فتراه بحكم عمله يداوم قبل الموظفين جميعا، يكتشف تورط المدير مع سكرتيرته الحسناء، ثم يتعرف على أسرار آخرين، وسرقات بعض آخر، فالمصادفات تقوده إلى إزاحة النقاب عما يغلف المظاهر الخداعة.
ولا يكتفي الحنشي في نصّه بتصوير بطله مصدوما بالمتغيرات والعلاقات المريبة ومدى الفساد المستشري في الدوائر، بل يصوره داخلا في صدامات مباشرة، وكأنه بوصلة للتغيير الحتمي، لكن المرفوق بالقسوة أيضا.
ويبرز ذلك من خلال تعرضه لمصادفات تقوده من منطقة إلى أخرى، ومن طرف إلى آخر نقيض أحيانا، يتسلم قرار نقله إلى دائرة أخرى بعد اكتشافه أسرار المدير، وتشكيله خطرا محتملا عليه لأنه عرف ما لا توجب عليه معرفته. وهناك ينتظره عالم آخر، عالم الحب المشوب بأوهامه والكاشف لعلل المجتمع بشكل أوضح وأكثر إيلاما.
يتعرف إلى "ميّ"، وهي موظفة في الدائرة التي نقِل إليها، تحتل قلبه وكيانه وتستحوذ على تفكيره كله، يحار فيما يفعل، يخشى التقرب منها ومصارحتها لأنها أرفع مرتبة منه في الوظيفة وهو مراسل لا غير، وفي تلك الأثناء تأسره القراءات والمطالعات، يكون كتاب محمود درويش "في حضرة الغياب" مؤنسه ودليله في وحشته وحبّه وحياته الجديدة.
"من خلال تنقّل بطل الرواية بين أكثر من عالم، يقدّم الحنشي تفاصيل عن مجتمعات تبدو جزرا متصلة ببعضها بخيوط بائسة، ومنفصلة في واقع الأمر بحواجز كثيرة"
حلول ترقيعية..
يستعرض الحنشي الساحات التي يحارب فيها بطله لإثبات جدارته في مجتمع يضيق عليه ويلفظه، حيث يستقيل من وظيفته لأن حبه يكاد يودي به، ولأن أهل "مي" يرفضون تزويجها ممن هو أدنى مرتبة منها، ولاسيما أنه محكوم بالحسب والنسب والمال وغير ذلك من المظاهر التي تبقي المرء في قيد محكَم بعيدا عن شخصيته وكفاءته وتميزه، أي يكون رهين ماضيه وغيره دون أن يُنظر إليه كفرد مستقلّ في عالمه.
يعرض الكاتب حالة التوجّه نحو التشدد التي تغدو طريقا للشباب المقهور المحبَط. يدخل بطله عالم التجارة ويحقق مكاسب وأرباحا لافتة، يستدل إلى جماعة دينية متشددة، ينخرط معها في عدة أعمال، وحين يواجه قادتها بأسئلة تبحث عن إجابات واقعية شافية، يعامل كدخيل على الجماعة، ويهمَل ويشكك في ولائه وعقيدته وغير ذلك من التهم الجاهزة.
ومن خلال تنقّل بطل الرواية بين أكثر من عالم، يقدم الحنشي تفاصيل عن مجتمعات تبدو جزرا متصلة ببعضها بخيوط بائسة، ومنفصلة في واقع الأمر بحواجز كثيرة، وكيف تنعدم الرغبة في هدم الموانع وتجسير الفواصل والفجوات بغية الانطلاق إلى مرحلة متقدمة من المصارحة والتآخي.
وتكون ضحكة المرأة موصوفة بأنها في غير أوانها، لأن التأجيل يجتاح كل شيء ويقضي على الرغبات المتأججة، ويفرغها من حميميتها وعفويتها وجمالها، بحيث يخلف قناعة أن أوان الضحك لن يأتي طالما هناك قهر متعاظم.
يحاول الروائي تقديم بعض الوقائع المعاصرة التي حدثت في السلطنة، وسعي المواطنين إلى سن تشريعات تكفل لهم الحقوق وتضع الجميع أمام واجباته، ويذكر بجانب من الاحتجاجات والتوتّرات وتعاطي السلطة معها، ومساعي الشباب إلى كسر الطوق الحديدي الذي يحجب عنهم أية مشروع رؤيوي، ويمنعهم من المشاركة في صناعة مستقبلهم.
ويؤكد استحالة نجاح الحلول الترقيعية التي من شأنها تأجيل البت في القضايا المفصلية والالتفاف عليها، ومماطلة المطالب والسعي لإفراغها من محتواها.
تكون الخاتمة درامية، ذلك أن المصادفات المفتعلة التي تحكم سياق التطورات ومسار الشخصيات، تضع بطل الرواية في مواجهة مع حبيبته، ومواجهة مع الماضي والسلطة والمستقبل، يتخذ قراره باللحاق بها إلى مانشستر حيث يفترض أنها بصدد إكمال دراستها.
وفي الطريق يكون نهبا لأفكار تتجاذبه، يستمع إلى شخص عراقي بجواره يخبره عن الفروقات بين الشرق والغرب، في إشارة إلى الفرق في معاملة الأفراد من قبل المؤسسات بعيدا عن أية أسس قبلية وبعيدا عن العرق واللون والانتماء، وحين الوصول ينتابه التردّد ويظلّ حائرا معلقا في فضاء الغربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.