يرى الخبير الاقتصادي وأستاذ العلوم الاقتصادية فارس مسدور أن ارتفاع نسبة التضخم إلى 9.9 بالمائة في شهر أكتوبر الماضي، ليس في صالح الاقتصاد الجزائري و يدل على فشل السياسات الاقتصادية البنية المتبعة، واعتبر إشكالية التضخم من أهم التحديات التي ستواجه الحكومة الجزائرية على المدى المتوسط، و"على الجزائر مواجهة هذه الإشكالية في القريب العاجل". و أكد مسدور في تصريح للمستقبل العربي "أن قانون المالية لسنة 2013 لم يقدم المبادرة الحقيقية لمواجهة إشكالية التضخم في الجزائر، و الشيء الوحيد الذي يعتبر إيجابيا في القانون المالي للعام القادم هو أنه لا يحمل زيادات في الأجور"، حيث يؤكد المتحدث أن كتل الأجور الكبيرة و التي صرفت خلال السنوات الماضية هي المسؤول المباشر للتضخم، و أن تواجد أموال ضخمة على مستوى الأفراد وعدم تدويرها في السوق على شكل مشاريع يؤدي حتما "لتضخم التضخم"، موضحا أن الزيادات في الأجور وعدم ارتفاع القدرات الإنتاجية لم يواكبها ارتفاع عادٍ في المواد الاستهلاكية خاصة المواد الأساسية التي تخصها الدولة بالدعم والحماية وتحول دون ارتفاعها "بانتهاج سياسة الاستيراد والاعتماد عليه أكثر فأكثر"، وأعتبر مسدور أن الاعتماد على الاستيراد هو "طامة الاقتصاد الوطني المرتبطة باضطراب التضخم" ، والذي قفز إلى المستويات العالية التي يشهدها في الوقت الراهن، و هذا الارتفاع –يقول مسدول - يعود أساسا إلى المستوى القياسي لارتفاع أسعار المواد الفلاحية الطازجة بحوالي 30 % ، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 15.27 % منها 29.82 % بالنسبة للمواد الفلاحية الطازجة و3.2 % بالنسبة للمواد الغذائية الصناعية، و من الأسباب المباشرة للتضخم يضيف متحدثنا ، زيادة النشاطات الاحتكارية وخاصة في عمليات التجارة الخارجية وزيادة سطوة المضاربين وبخصوص الحلول الممكنة أمام الدولة لخفض نسبة التضخم، أشار الخبير الاقتصادي أن إيجاد منافذ لصرف أجور العمال المتأخرة هو بداية حل الأزمة، فتدوير الأموال المتوفرة خارج البنوك في شكل شراء ساندات و أسهم بدل صرفها في اقتناء السلع يؤدي بالضرورة إلى ازدهار الاقتصاد الوطني من خلال إنشاء شركات أو الاشتراك في مؤسسات قائمة، وهذا مشكل في حد ذاته لأن الفرد الجزائري مازال بعيدا نوعا ما عن هذه الثقافة ، و دور السلطات غرس ثقافة تدوير الأموال في السوق ، و للنجاح في ذلك –يضيف مسدول- من المفروض أن ترجع الثقة بين المواطن و السلطة والمؤسسات الاقتصادية ، و أكد المتحدث أن طرح سندات الخزينة العمومية للجمهور من شأنه تقليص ثغرة التضخم في الجزائر. و تابع الخبير الاقتصادي "بناء اقتصاد خارج المحروقات والتقليل من البيروقراطية ودعم الإنتاج والمؤسسات الإنتاجية بالقروض البنكية عوض منح هذه الأخيرة لشركات الاستيراد ، كلها عوامل اقتصادية تقلل من التضخم يجب على الحكومة الاعتماد عليها إذا أدارت بناء اقتصاد قوي، يمكنها من خلاله أن تتصدى للمنافسات الدولية ، خاصة في ضل التكتلات التي تطمح الجزائر في الفوز بها، على غرار المنظمة الدولية للتجارة "• وتجدر الإشارة إلى أن الديوان الوطني للإحصائيات كشف مؤخرا، أن مؤشر الأسعار لدى الاستهلاك قفز إلى 9.9 بالمائة في شهر أكتوبر الماضي بالجزائر، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011 مما يزيد من وتيرة التضخم السنوية التي قدرت ب8.3 بالمائة في شهر أكتوبر الماضي.