تراجع قيمة الدينار بنسبة 10 بالمائة أمام الدولار كشف الديوان الوطني للإحصائيات عن تسجيل ارتفاع وتيرة التضخم السنوية بنسبة 7.3 بالمائة خلال شهر جوان مقابل 6.9 بالمائة خلال شهر ماي، ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك بنسبة 6.87 بالمائة بعد ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية والمنتجات الزراعية الطازجة والمنتجات الصناعية الغذائية. وحسب الديوان فإن الارتفاع في الأسعار خلال شهر جوان الماضي قد مسّ بعض المنتجات الغذائية الطازجة لاسيما لحم الغنم الذي سجل ارتفاعا بنسبة 29.8 بالمائة، والفواكه الطازجة والخضر الطازجة البطاطا والدجاج ولحم البقر. كما أن أسعار كل المنتجات الغذائية الصناعية سجلت ارتفاعا مسّ ارتفاع أسعار المشروبات غير الكحولية والسكريات والزيوت والدهون وكذا الحليب والجبن ومشتقاته. وأضاف الديوان أن المنتجات المصنعة ارتفعت بأكثر من 7.7 بالمائة والخدمات ب 5.3 بالمائة. ويرجع سبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية المذكورة، لاسيما المستوردة، إلى تراجع قيمة الدينار الجزائري بنسبة 10 بالمائة أمام الدولار، وهو ما أدى إلى تسجيل ارتفاع في الأسعار على المستوى المحلي، وهو ما شعر به المواطن الجزائري مؤخرا. الخبير الاقتصادي فارس مسدور يحذر : التراجع المستمر في قيمة الدينار كابوس يهدد الجزائريين من جهة أخرى حذّر الخبير والمحلل في الشؤون الاقتصادية فارس مسدور، من تداعيات استمرار تراجع قيمة الدينار الجزائري أمام عملة الدولار، حيث دقّ ناقوس الخطر معلنا أن «تخفيض قيمة الدينار هو أسوأ ما يمكن أن يحدث للجزائريين في الوقت الحالي». وفي هذا الخصوص أوضح مسدور، في اتصال ب «البلاد» أمس، أن «هذا التخفيض سوف يأكل كل الزيادات في الأجور وسيُعزز ارتفاع الأسعار أكثر، والأخطر من ذلك رفع نسبة التضخم الرسمية التي لا تُعلن عنها الجهات الرسمية وتكتفي بإعطاء نسبة غير حقيقية». وأشار الخبير إلى أن «هذه العملية سوف تكون في مصلحة كبار رجال الأعمال وخسارة كبيرة للمواطن وكل الإنجازات والمكاسب المحققة فيما يتعلق برفع الأجور في الآونة الأخيرة ستذهب هباء وسيدفع المواطن وحده الثمن». وفي سياق متصل، يرى المحلل الاقتصادي أنه يفترض في هذه المرحلة أن يتم اللجوء إلى رفع قيمة الدينار الجزائري وليس تخفيضه، وذلك استنادا إلى المعطيات الاقتصادية الكلية التي لا تستدعي تخفيض القيمة، والمتمثلة في ارتفاع احتياطي الصرف إلى أزيد من 200 مليار دولار وتسجيل ميزان مدفوعات إيجابي وأيضا حركة السلع خاصة المحروقات. وأكد أن الأصوات التي تلوّح برفع الأسعار في إشارة منه إلى تصريح إسعد ربراب الرئيس المدير العام لمجمع سيفيتال نهاية الأسبوع حول إمكانية ارتفاع أسعار بعض السلع التي تستورد موادها الأولية من الخارج في حال استمرار تراجع قيمة الدينار بنسبة 10 بالمائة مقارنة بعملة الدولار «تُحاول تبرير رفع أسعار بعض المنتجات، وهي تستعمل في ذلك ممارسات «مافياوية» تحاول من خلالها ترسيخ منطق الاحتكار بمبررات اقتصادية لا مبرر لها وكاذبة لا علاقة لها بالمعطيات الاقتصادية الكلية التي سبق ذكرها». وحذّر الخبير من تداعيات هذه الممارسات على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، حيث قال في هذا الشأن «إن تخفيض قيمة الدينار هو أسوأ ما يُمكن أن يحدث للجزائر في الوقت الحالي، وستأكل كل الزيادات في الأجور التي استفاد منها العمال والموظفون». وفي السياق نفسه، أكد ساري «في الواقع، يتبع بنك الجزائر تطور سعر الصرف أيضا في السوق الموازية لأنه مؤثر، وسجلنا أن الدينار تراجع في الآونة الأخيرة، وبات الفارق بين سعر الصرف الرسمي والموازي يتسع. ولأن الجزائر تمتعت براحة مالية ووفرة في العملة الصعبة، فإن الواردات أيضا عرفت نموا معتبرا قارب 15 بالمائة ما بين 2010 و،2011 لذلك باشرت السلطات عملية تخفيض الدينار تمت بصورة تدريجية، ليقترب سعر الصرف الرسمي مع الموازي»، مضيفا «إن الدولة تحملت أعباء من خلال رفع الأجور والتحويلات الاجتماعية التي قدرت بحوالي 25 مليار دولار، وبالتالي كان خيار تخفيض قيمة صرف الدينار، وهو إجراء عمدت دول وحكومات سابقا إلى القيام به، فقد قام الجنرال ديغول عام 1969 تحت ضغط الشارع بعد أحداث 1968 بتخفيض قيمة الفرنك الفرنسي، للعودة إلى نقطة الصفر لامتصاص جزء من التضخم، ولكن أيضا لتقليص جزئي للواردات، لأننا بتخفيض قيمة العملة الوطنية نضاعف تكلفة الاستيراد لدى المتعاملين». وكان خبراء اقتصاديون قد كشفوا هذا الأسبوع، أن «الجزائر لا تتكلم رسميا عن تخفيض الدينار، لأن الأمر مرتبط بالسيادة والحس الوطني لذلك يتم التخفيض تدريجيا على مراحل. ويتوقع محللون اقتصاديون ارتفاع المواد الغذائية المستوردة من الخارج بعد انخفاض الدينار الجزائري أمام الدولار الأمريكي بنسبة 10 بالمائة وهذا منذ بداية الشهر الجاري. من جهة ثانية، كان وزير المالية كريم جودي قد نفى بداية السنة أي تخفيض من طرف بنك الجزائر في قيمة الدينار، معترفا بأن العملة الوطنية عرفت تراجعا طفيفا مقارنة ببعض العملات كالدولار والأورو، مؤكدا أن صلاحية تخفيض قيمة العملة تعود إلى الحكومة والبرلمان.