أقبل صديقي الأستاذ متأبطا جريدة، وراح يلقي علي محاضرة في السياسة والاقتصاد، قال: وأنا أقرأ خبر ترخيص الجزائر استيراد اللحم المجمد من الهند، حضر في بالي فيلسوف الهند وقائدها الروحي "المهاتما غاندي"، الذي كان يحارب الإنجليز بطريقته الخاصة، أي بتربية شعبه على العمل ليأكل مما ينتج، ويلبس مما تنسج أنامله، ثم عاد بي التفكير إلى أرض الوطن، و أنا أتساءل عما نأكل نحن في بلادنا، من صنعه، ومن أين جاء؟ فلم أجد شيئا يدعو إلى الافتخار والاعتزاز، فالنسبة العظمى مما يدخل بطوننا، مستورد من بلاد أخرى، الحليب الذي نشربه، يأتينا من مشرق الأرض ومغربها، من ماليزيا ومن كندا مرورا بفرنسا وهولندا، والخبز الذي نأكله مستورد أيضا من عدة بلدان، و كذلك الزيوت و مشتقات الحليب، والمعلبات والمجمدات، من اللحوم والأسماك، تأتينا من بلدان أخرى، وفي شهر رمضان لهذا العام، ستهضم كروشنا لحما جديدا لم نذق طعمه من قبل، سيأتينا من الهند، التي تربي البقر لتعبده، لا شك أننا سنقبل عليه إقبالا كبيرا، ينسينا المجمد الذي كان يأتينا من البرازيل و غيره. ومقابل هذه الوفرة من الأغذية الأجنبية في السوق الجزائرية، هناك قحط في السلع المحلية، فأحسن ما ينتج محليا هو تحويل فقط، عن منتجات خام مستوردة، قلت لصديقي الأستاذ: هون عليك، فالتمر من نخلتنا والخضر من أرضنا، هذه المنتجات يمكن أن تغنيك شهر رمضان عن بقية المواد المستوردة، في انتظار أن يشمر الجزائريون عن سواعدهم للعمل بالاعتماد على أنفسهم في إنتاج ما يأكلون و يشربون وما يلبسون، وإلى أن يحصل ذلك، ضع بطيخة باردة على رأسك وانتظر!