أجبرت أشغال "ترامواي العاصمة "ومنذ انطلاقها في صائفة 2007 العديد من التجار، خصوصا في الضاحية الوسطى والشرقية في العاصمة، إما على كراء محلاتهم ودكاكينهم بأسعار متدنية أو التخلص منها عن طريق البيع، وقلة أخرى اختارت الصبر والتريث. وفي انتظار ذلك، ما يزالون يتكبدون خسائر بالملايير سنويا، لاسيما أولئك الذين تمتد عقاراتهم التجارية على المحور الرئيسي للترامواي أو الخطوط الفرعية والتي تشكل جميعها خطا ب 36 كليمترا أو أكثر من حي المعدومين ببلدية حامة العناصر، إلى حدود مدينة درڤانة التابعة إقليميا إلى بلدية برج البحري. وقد ازدادت مخاوف التجار من أصحاب "هيبر وسوبر ماركت" والمحلات التجارية الكبرى، وأيضا أصحاب محلات الخدمات والمهن الحرة، أكثر بعد الأخبار الأخيرة التي راجت حول احتمال تأخير تسليم هذا المشروع سنتين إضافيتين، وهو الذي كان مقررا تسليمه في غضون الثلاثي الأخير من العام الماضي 2009، بمعنى أن الحركة التجارية ستتعطل إلى غاية 2012، وهو ما يعني خسائر إضافية يتكبدها التجار. والواقع أن أكثر من 2000 محل تجاري وأكثر من 200 مركز خدمات ومحلات الخدمات، تضررت ماليا من جراء ضعف الأداء ونقص الإيرادات منذ 2007 تاريخ بداية اشغال "الترامواي"، ولعل أهم البلديات تضررا هي بالدرجة الأولى بلدية برج الكيفان التي أصبحت مدينة شبح بعد أن كانت تستقطب مئات الآلاف من الزوار، خصوصا خلال الفترة الممتدة ما بين شهري ماي وسبتمبر، والمعروفة بتجارة المثلجات والشواء، وأيضا بلدية باب الزوار المعروفة أيضا بالعدد الكبير من محلات الخدمات على امتداد خط سوريكال جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين باب الزوار، وأيضا الفنادق من ذوات التصنيف "نجمة" و"نجمتين"، إلى جانب بلدية المحمدية والتي يشقها خط الترامواي إلى نصفين. وفي هذه البلدية، نجد أن تجار محور تاماريس برج الكيفان هو أكثر المحاور التجارية تضررا، حيث تسيطر تجارة مواد البناء والخردوات وعتاد الأشغال العمومية والتجهيزات الصناعية المختلفة. ترامواي العاصمة لم يراع جوانب تقنية كثيرة وحسب العديد من المواطنين الذين يقطنون بمحاذاة خطوط الترامواي، فإن أشغال هذا الأخير لم تراع العديد من الجوانب التقنية، على اعتبار أن الشريط الذي فسح لحركة الراجلين والسيارات على جانب الخطوط الحديدية، ضيق جدا ولا يزيد في بعض المقاطع عن متر واحد، مما يشكّل خطرا على حركة مرور الراجلين، لاسيما وأن كل المناطق التي يعبرها الترامواي حضرية وتتوسط نسيجا عمرانيا كثيفا. إلى جانب ذلك، فإن الأشغال الجارية حاليا لم تحترم العديد من شروط الأمان والسلامة، بالرغم من بداية المراحل التجريبية الأولى على محور برج الكيفان حي قهوة الشرڤي. "ننتظر تسليم المشروع على أحر من الجمر" وقد صرح لنا العديد من التجار الذين تحدثنا إليهم خلال الجولة الاستطلاعية الميدانية التي قادتنا إلى منطقة قصر المعارض "الجهة الشمالية"، وحي عدل بالمحمديةوبرج الكيفان، أنهم ينتظرون تسليم المشروع على أحر من الجمر، لأن الأشغال كبدتهم خسائر بالملايير سنويا جراء تقلص الطلب وتراجع المنحنيات العامة للحركة التجارية بالمنطقة، والحقيقة أن حركة المرور أصبحت جد معقدة في كل المحاور التي يقطعها الترامواي، كما أن العديد من الطرق تم قطعها وتوقيف حركة المرور بها بشكل مؤقت منذ جانفي 2008، وهي طرق تسيطر على 40 من حجم تجارة التجزئة في المنطقة. مشاريع ترامواي وهران وقسنطينة يجب أن تستدرك أخطاء ترام العاصمة من جانب آخر، صرح لنا العديد من المواطنين أن المشاريع المماثلة لترامواي العاصمة المرتقبة في ولايتي وهران وقسنطينة وتلمسان وسطيف لاحقا، يجب أن تستفيد من تجربة ترامواي العاصمة، وذلك أولا بالتقيد بشروط السلامة والأمان في الورشات، وأيضا توسيع الشرائط المخصصة للراجلين وحركة مرور العربات، لأن حركة النقل في الترامواي تختلف إلى حد بعيد عن حركة النقل عبر القطارات، بالرغم من انتماء الخدمتين إلى نفس المجموعة، أي النقل عبر السكك الحديدية، فالمجال بالنسبة للنقل عبر القطارات مفتوح ومضبوط عبر التسيير الأوتاوماتيكي المركزي، لكن حركة "الترامواي" حرة وتسير جنبا إلى جنب مع الراجلين وحركة مرور السيارات. شريط المرور الاستعجالي.. لا وجود له على خارطة "ترام" العاصمة ويتساءل العديد من المواطنين عن الأسباب التي تقف وراء عدم تخصيص مهندسي مشروع ترامواي العاصمة والقائمين على أشغاله التقنية والفنية، لشريط المرور الاستعجالي الضروري جدا في حال وقوع نكبات أو كوارث طبيعية، مؤكدين أن ترام العاصمة وبمخططه الحالي يعقّد من حركة المرور أكثر ويرفع من نسب التعطل والإزدحام. كما أن محطات التخليص التي أنشئت بين كل 4 إلى 5 كيلوترات، لم تراع أيضا النسيج الحضري وحركة مرور العربات والسيارات، مما سيعقّد أكثر من حركة المرور، لاسيما في المفترقات والمحاور الفرعية للترامواي. وزير النقل.. متفائل وبالرغم من كل النقائض المسجلة، وأهمها احتمال تأخر تسليم المشروع سنة أو سنتين إضافيتين، عبّر وزير النقل عمار تو عن تفاؤله من أن المواطن سيشرع في استخدام الترام خلال السداسي الأول من العام المقبل 2011، الأمر الذي سيمكّن وبدرجة كبيرة من احتواء أزمة الاختناق وتخفيف الضغط عن وسائل النقل الأخرى، لاسيما في البلديات التي لا تشملها خدمة النقل عبر القطارات الكهربائية التي دخلت الخدمة قبل حوالي سنة ونصف السنة، مؤكدا أن البلديات التي تضررت من المشروع ستستفيد أكثر حال تسليم المشروع، على اعتبار أن حركة النقل عبر هذه الوسيلة ستشهد إقبالا كبيرا، لاسيما على محور برج الكيفان برج البحري وباب الزوار وسط العاصمة التي تشهد يوميا حركة نقل كثيفة لا تسعها الوسائل الكلاسيكية، مثل حافلات النقل الحضري وسيارات الأجرة. مشروع تركيب القطارات محليا سيقلص من النفقات وآجال التسليم وبخصوص المشاريع المشتركة بين شركة "الستوم" الفرنسية بالشراكة تجمع شركات جزائرية لتركيب وصيانة قاطرات الترامواي، فإن هذا المسعى الجاري حاليا من خلال البعثات المتتالية للتقنيين الفرنسيين إلى الجزائر، سيسمح إلى حد بعيد من التسريع من آجال الإنجاز، وأيضا ضمان الخدمات المستمرة للصيانة، لاسيما وأن هذه الوسيلة تتطلب متابعة ومرافقة تقنية مكثفة. وحسب المتتبعين لملف ترامواي العاصمة، فإنه وفي حال التوصّل إلى أرضية وفاق جزائرية فرنسية حول إنشاء مركب تصنيع القاطرات وصيانته محليا، فإن هذه الشراكة ستختزل العديد من النفقات والأتعاب، خصوصا وأن الجزائر تمتلك كل الإمكانيات المادية والبشرية لاستحداث هذا المركب المشترك.