لا تزال أسواق بسكرة الأسبوعية تستقطب العديد من باعة الأعشاب الطبية، أو ما يطلق عليهم بلغة أخرى "أخصائيي الطب البديل" وهذا عبر أغلب بلديات الولاية، حيث يلجأ إليهم المواطن المريض من كل حدب وصوب طلبا للعلاج وللتخلص من المرض الذي يعاني منه، وهذا بعد ما كلّ وملّ من تعاطي الأدوية وزيارة الأطباء، أو ربما لعجزه عن دفع فاتورة الطبيب، وما يصحبها من أدوية وتحاليل، ليجد هؤلاء الباعة وقد نصبوا خيامهم ورفعوا مكبرات الصوت فوقها، فيقف مبهورا لوقت طويل أمام عذب كلامهم!! من الباعة من يعرض على الزبائن خبرته الطويلة، وتجاربه المثيرة، وثقل هذا الإرث الذي ورثه عن أبيه وجده، ومنهم من يلجأ إلى لفت الانتباه بالحِكم والأمثال، فيبقى الزبون بذلك مشدودا إلى بائع الأعشاب منبهرا بخبرته. والغريب في الأمر أن من باعة الأعشاب من يدّعي شفاء الناس على التو ومن أصعب الأمراض، ومنهم من يدّعي مثلا قلع الضرس الفاسد بدون أي ألم وبدون اللجوء إلى أخذ أي مخدر، والأغرب من ذلك كله أن بعضهم يدّعي علاج كل الأمراض في آن واحد، فقد حضرنا إلى حلقة أحدهم، وسمعناه يرفع صوته ليؤكد للناس أنه يستطيع علاج الروماتيزم وآلام الكلى والأمعاء والمعدة والصداع وضعف السمع والبصر كما يستطيع مساعدة العاجزين جنسيا والذين لم ينجبوا ليجعلهم آباء بكل بساطة، إلى غير ذلك من الأمراض. كما لاحظنا أن المريض لا يجد حرجا في تناول أي دواء يعرض عليه وهذا أمام الملأ، حتى أن أحد المواطنين اضطر إلى نزع قميصه عن صدره، وشمّر سرواله إلى ركبتيه ليسلّم جسده للعشّاب ... أعني الطبيب ليفعل به ما يشاء، وهذا بغرض التخلص من داء آلام المفاصل ...عجبا! وبعد كل ما سبق، هل يجب علينا أن نلوم بائع الأعشاب على مبالغته في تبيان قدراته على علاج كل الأمراض بما فيها المستعصية، أم كان لزاما علينا لوم المواطن على لجوئه إلى هؤلاء الباعة دون تمييز بينهم، خاصة وأننا سألنا الكثير من الزبائن، والقليل منهم فقط صرّح لنا بأنه شفي من المرض الذي يعاني منه؟!