تنتشر بمنطقة بسكرة حاليا ظاهرة التداوي بالأعشاب في أوساط العديد من المواطنين الذين لا يتأخرون في اقتناء تشكيلات من المواد العشبية التي يزعم بائعوها أنها تجلب الشفاء. وحسبما رصد عبر العديد من مدن الزيبان فان العلاج بالعقاقير والأعشاب يلقى إقبالا بصفة خاصة لدى قاطني القرى وكذا الأشخاص ذوي التحصيل العلمي المتدني، حيث يعمد هؤلاء المواطنون إلى شراء مزيج من الأعشاب التي ينعتها مروجوها بأنها "خلطة " تقضي على كل أشكال الداء في جسم المريض. وهذه النمط من السلوك المنتهج من جانب بعض المواطنين في مكافحة المرض وكذا إسداء النصيحة باستعمال الأعشاب من طرف هؤلاء الأشخاص لآخرين يعانون من متاعب صحية كأفراد العائلة والأقارب والجيران لا يخلو من عواقب وخيمة على حياة الإنسان وفقا لممثل جمعية حماية المستهلك. ويرى نفس المصدر أن الرغبة في الحصول على علاج ضد بعض أنواع الأمراض بما في ذلك المستعصية من خلال تناول الأعشاب بغض النظر عن التأثيرات الجانبية السلبية فكرة حفزت عليها محطات تلفزيونية أجنبية وكذا رواد الفضاءات التجارية الذين يتولون تسويق منتوجات من الأعشاب مستغلين بساطة بعض المواطنين. وساهم في استفحال الظاهرة حسب ذات المتحدث التقاليد المتوارثة التي تحبذ اللجوء إلى الأعشاب طلبا للعلاج حيث تستعين الكثير من العائلات بكتاب "تحفة الخليل في تاريخ بسكرة النخيل" لمؤلفه المرحوم أحمد خمار الذي يحتوي على ذكر جملة من فوائد الأعشاب للعلاج ومن ذلك العرعر لعلاج الإسهال والفجل ضد السعال والحرمل بالنسبة للرثية المفصلية الحادة " داء المفاصل". وحسب السيدة ح . سعدية التي صادف وجودها في محل لبيع الأعشاب فإن الحاجة وشدة المرض يدفع بالإنسان إلى تجربة مختلف السبل التي من شأنها أن تساعد المريض على توفير فرصة علاجية. ومن خلال القبول الملاحظ للتداوي بالمواد الطبيعية في الوسط المحلي ازدهرت تجارة العقاقير والأعشاب التي توصف بأنها طبية حيث ظهرت مؤخرا عدة محلات متخصصة في هذا المجال فضلا عن انتشار تجار متجولين يمارسون هذا النشاط عبر الأسواق اليومية والأسبوعية عبر الولاية. ويحرص التجار عبر الأسواق على تقديم أنفسهم للجمهور على أنهم قدامى في ممارسة هذا النشاط كما أنهم يتمتعون بخبرة واسعة في هذا الميدان والتعريف بهوياتهم كأن يقول بأنه من الناحية التلية للوطن أو من الجانب الغربي أو الصحراوي مدعيا بأن الأعشاب المعروضة ذات منافع مضمونة وجلبت من بلدان افريقية وأسيوية بعيدة. ولا يتوانى هؤلاء التجار الذين يأخذون أماكن إستراتيجية بالفضاءات التجارية، لاسيما عند مدخل السوق في استغلال مكبرات الصوت للترويج للبضاعة وترديد عبارات منسجمة لجذب الزبائن و من بين ما يتردد من جمل القول " لدينا أفضل الأعشاب فقط للأحباب" و" كل مريض علاجه قريب". واستنادا إلى الأستاذ سعداني أحد المهتمين بالأدب الشعبي بجامعة بسكرة "فإن الألفاظ التي يصطادها تجار الأعشاب ذات لغة شعرية بسيطة تجد صدى لها في نفوس المواطنين الذين يتوافدون بكثافة على نقاط التسويق للاستماع للفوائد التي توفرها الأعشاب وطرق الاستعمال في حالة شراء نماذج منها". وأكد الدكتور طرشي طبيب عام يشتغل بعيادة طبية خاصة على أن "اللجوء إلى الأعشاب للعلاج وتصنفيها في خانة الطب التقليدي لا يخلو بأي حال من أخطار محدقة ومضاعفات غير محسوبة على صحة الإنسان لاسيما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كضغط الدم والسكري".