لقد اعترفت إيطاليا بجرائمها المرتكبة في حق الشعب الليبي وطلبت الاعتذار وفوقه تعويضا ماديا قدمته للجماهيرية. وبعد هذا الاعتراف تكون روما قد طوت صفحة سوداء من تاريخها الذي لا يشرّف حضارتها العريقة. ولأن فرنسا لا ترقى حضارتها القديمة إلى حضارة روما العظيمة، فلا يجب علينا نحن الجزائريين أن ننتظر منها اعترافا ولا تعويضا ولا هم يحزنون.. ولأن فرنسا ضاربة "الأصالة" في الوقاحة لا يجد رئيسها غضاضة في اعتبار الاستعمار سلوكا محمودا وله الفضل في إنجازات عظيمة في البلدان التي احتلتها فرنسا. ولأن ساركوزي قاصر البصيرة نسي أو تجاهل أن الاستعمار الذي يمجّده ترك خلفه شعوبا أمّية وبلدانا خاوية على عروشها، والدليل ما وقع للجزائر بعد قرن و32 سنة من الاحتلال البغيض. ولأن فرنسا أيضا بلا حضارة وبلا حياء ترى كل هذا الخراب إنجازا لصالح الإنسانية.. على كل، مهما حاول البعض لأن يكون فرنسيا أكثر من الفرنسيين فإن العيب كله لا يقع على فرنسا فهي كما أسلفنا بلا حياء ولا أخلاق ولا ضمير، وإنما اللائمة تقع على الذي جرى عليه الفعل الاستعماري ولم يطالب بحقوقه ووصل الصمت عندنا لدرجة أن ارتفعت أصوات فرنسية مطالبة بتعويض المعمّرين والأقدام السوداء ورد ممتلكاتهم التي هي ملك للدولة الجزائرية مهما كانت مبررات الطرف الآخر. وأمام وقاحة فرنسا فمن غير المستبعد أن ترفع قضية ضد الجزائر تطالب فيها الدولة الجزائرية بالاعتراف والتعويض جراء ما اقترفه جيل أول نوفمبر في حق الجيش الفرنسي ومن غير المستبعد أيضا أن تطالب بحل المنظمات الثورية لأنها تشكل تهديدا وخطرا على فرنسا. وإن تجرّأت فرنسا وطلبت بمحاكمة بعض مجاهدينا لأنهم اقترفوا "جرائم حرب" في حق الجنود الفرنسيين، فلا تستغربوا الأمر فكل شيء وارد أمام دولة وقحة تعتبر الاستعمار شكلا من أشكال الحضارة مثل فرنسا، ودولة تعجز عن المطالبة بحق مشروع في اعتراف العدو بجرائمه لا زالت آثاره إلى الآن ظاهرة للعيان.. وأمام كل هذا لا تستغربوا يوما إن طلبت فرنسا من الجزائر الاعتذار لها رسميا.