يسري حديث واسع هذه الأيام على مستوى أسواق التجزئة للخضر والفواكه بالعاصمة وعدد من ولايات وسط البلاد عن كميات كبيرة من "الدلاع" وهومن صنف " البارا " أقحمت في السوق الاستهلاكية لكنها من مصادر "مشبوهة " حيث أكد العديد من التجار إحجامهم عن التمون من أسواق الجملة بهذا النوع من" الدلاع" بعد أن تبين و– التحقيقات جارية – أن كميات كبيرة منه تسقى بمياه ممزوجة بالمازوت لضمان اللون الاحمرار القاتم للفاكهة وأيضا استخدام مياه الصرف الصحي لضمان نمو أزهاره بسرعة في عدد كبير من المزارع المتخصصة في إنتاج هذه الفاكهة الموسمية . وقد قامت "الأمة العربية " بجولة استطلاعية في سوق الجملة للخضر والفواكه الواقع ببلدية الكاليتوس بالعاصمة وقد جمعت شهادات واعترافات على لسان العديد من التجار الذين يقصدون السوق مرتين إلى 3 مرات للتموين بالبضائع ( الخضر والفواكه ) واتفقت اعترافاتهم وتصريحاتهم على أن كميات كبيرة من الدلاع من صنف "البارا" الموجودة حاليا على مستوى أسواق التجزئة الموجهة للاستهلاك العام " مغشوشة " وقد كانت عبر كامل مراحل نموها في الحقول محل عمليات غير قانونية مثل إضافة كميات من مادة المازوت لماء السقي ربع لتر مازوت في كل 20 لترا من الماء وذلك بهدف ضمان الحمرة " المصطنعة " للمنتوج وأيضا اعتماد بعض الفلاحين على مياه الصرف الصحي "مياه قذرة "لسقي المنتوج والتي تساعد على ضمان النمو السريع لأزهار الفاكهة وتفتحها على "دلاع" قد يصل وزن الوحدة إلى 12 كلغ . إلى جانب هؤلاء التجار جمعنا شهادات العديد من المواطنين المستهلكين الذين أكدوا أنهم أصبحوا وبعد كل هذه الأحاديث التي تسيطر حاليا على الشارع الجزائري بشأن "دلاع البارا" يتجهون إلى استهلاك "الدلاع العادي" وآخرون فضلوا عدم استهلاكه أصلا واتجهوا نحوتشكيلة الفواكه الموسمية الأخرى مثل العنب والأجاص والبطيخ الأصفر و" بوشبيكة " والخوخ والتفاح الأخضر . دلاع ...بمذاق القطران وعلمت "الأمة العربية " على لسان العديد من تجار الجملة في سوق الكاليتوس والذين يتمتعون بدراية واطلاع كبيرين بخبايا الحقول والأسواق أن أراض كبيرة بعدد من ولايات شرق البلاد كانت تنتج "دلاعا "من نوع "البارا" أيضا بمذاق مر فهو في شكله كبير ويتراوح وزن وحداتها من 5 إلى 10 كلغ ويصادف أن تجد "دلاعة "بوزن 15 كلغ، وقد بينت التحليلات التي أجريت حينذاك على عينات من المنتج والتربة أن هذه الأخيرة كانت قبل سنوات تشكل أراض تنتج فيها شتى أنواع حشائش وفسائل التبغ وقد حول نشاطها من التبغ إلى إنتاج "الدلاع" مباشرة، والواقع أن تحويل نشاط الأرض من نتوج نباتي إلى آخر يتطلب العديد من العمليات قد تستغرق مدة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى سنتين وهذه العمليات تخص معالجة أديم الأرض وسقيها باستمرار وتغذيتها بالمواد الأساسية ( الأسمدة الآزوتية ) وذلك لتهيئتها من أجل ضمان نمو طبيعي للمنتوج الفلاحي الجديد. والأمر يكون أكثر تعقيدا لما نحول نشاط أراض كانت تنتج نباتات مرة مثل التبغ أو الشيح إلى إنتاج فواكه موسمية حلوة . إضافة المازوت إلى مياه السقي ...حيلة "مغربية" حديث سقي" الدلاع" بمياه الصرف الصحي ليس مستجدا فلقد سبق أن اكتشفت العديد من الحقول التي يعمد الفلاحون على سيقي منتجاتهم بمياه الصرف الصحي والواقع أن فاكهة"الدلاع" تتطلب ضعف أضعاف ما تتطلبه عمليات سقي المنتجات الفلاحية الأخرى، لهذه الأسباب وأمام شح الماء يلجأ عدد من "الفلاحين الغشاشين" إلى سقي حقولهم بالمياه القذرة. ولكن إضافة المازوت إلى ماء السقي هي " حيلة مغربية " جلبها العديد من الفلاحين الذين يزورون المغرب دوريا ومعروف أن المغرب من البلدان المتوسطية الأولى المنتجة لهذه الفاكهة ويوجه كميات كبيرة منها نحو التصدير إلى الخارج وقد بينت التجارب التي قام بها الفلاحين المغاربة أن إضافة كميات من المازوت إلى مياه السقي يضمن الاحمرار القاتم للمنتوج والواقع أن "الدلاع" من صنف "البارا "هو في الأصل ذي لون وردي وليس أحمر وقد عمد الفلاحون الغشاشون على تحويل البنية الجينية لزهرة "دلاع البارا" وتحويل لونه بالتالي إلى الأحمر . "الدلاع" يتصدر قائمة الفواكه الموسمية لدى الجزائريين رغم كل ما قيل وكتب في هذا الموضوع يبقى "الدلاع" من ضمن الفواكه الموسمية التي يفضلها المستهلك الجزائري بقوة ومايزال يتصدر قائمة ترتيب الفواكه المستهلكة ، ويليه العنب في الدرجة الثانية والتين في الدرجة الثالثة والأجاص والبطيخ الأصفر في نفس المستوى. ومعلوم أن فاكهة "الدلاع"تتشكل بنسبة 70 بالمائة من الماء إضافة إلى السكريات والنشأ بدرجة أقل وبعض المعادن الأخرى الضرورية لجسم الإنسان وتنمو في الجزائر على غرار باقي الدول المتوسطية الأخرى في الفترة التي تمتد من شهر ماي إلى أوت ويغطي الإنتاج الوطني من هذه الفاكهة طلب السوق بنسبة 300 بالمائة بمعنى أن هناك فائضا في الإنتاج ...وأغلب المناطق التي تنتج الدلاع نجد ولاية تيارت وتيسمسيلت وسيدي بلعباس ومعسكر في غرب البلاد وباتنة وأم البواقي والطارف في ولايات شرق البلاد وبدرجة أقل في منطقة المتيجة وسط البلاد . الدلاع ..خارج دائرة التصدير رغم ربحيته يتساءل العديد من المواطنين عن الأسباب التي تكمن وراء تغافل السلطات عن مشروع تصدير الدلاع إلى الخارج وخصوصا إلى أوروبا الشمالية وبعض المناطق الإفريقية جنوب الصحراء رغم ربحيته وجدواه الاقتصادية، ومعلوم أن المكسيك وهو البلد الأول في العالم المنتج لهذه الفاكهة يصدر مئات الأطنان من "الدلاع " سنويا إلى أوروبا وأمريكا الشمالية ما يضمن للدولة عائدات بالعملة الصعبة وقد سبق للعديد من الهيئات والمنظمات التي تعنى بشؤون القطاع الفلاحي طرح هذا الموضوع لكن السلطات لم تحمله محمل الجد رغم نجاح بعض المصدرين على قلتهم بولاية ميلة على سبيل المثال من تصدير كميات كبيرة من التين الشوكي " الهندي " إلى أوروبا وكانت العمليات ناجحة ومستمرة حتى اليوم، فلماذا لا يقتفي الدلاع آثار" الهندي" في الأسواق الأوروبية خصوصا وأن الجزائر تتمتع بمؤهلات طبيعية ( المناخ ) وزراعية ( الأراضي ووسائل الإنتاج) وبشرية هائلة تسمح لها بتغطية الطلب الخارجي بنسبة 100 بالمائة . وكان محمد بنيني مدير عام الوكالة الوطنية لدعم الصادرات "ألجاكس " قد أشار في مناسبات عديدة بضرورة أن تولى الأهمية للقطاع الفلاحي ليكون بدوره مصدرا للعملة الصعبة بالنظر إلى مردود العارض في الجزائر والتي تحسدها عليها العديد من الدول وبالتالي دعم الصادرات خارج قطاع المحروقات.