بتجديد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رغبة الجزائر في تطوير العلاقات بين الجزائر والمملكة المغربية، والسمو بهذه العلاقات حسب رسالة الرئيس بوتفليقة لنظيره المغربي محمد السادس إلى المستوى الذي يتطلبه التاريخ المشترك وحسن الجوار، تكون الجزائر مرة أخرى قد برهنت على حسن نواياها لإقامة علاقات متميزة مع الجار المغربي. فعكس الاتهامات المغربية التي صار يكيلها السياسيون المغاربة للجزائر في كل مناسبة أو بغيرها، تظل الجزائر دوما تمد يدها من أجل بناء علاقات متميزة، رغم أن العلاقات بين أي بلدين تحكمها شروط ومصالح، وهنا مربط الفرس؛ فالمملكة المغربية تقريبا تحاول البحث عن علاقات متميزة دون شروط ودون أن تبحث الجزائر عن مصالحها، خاصة ما تعلق بقضية فتح الحدود التي أقفلت من طرف المغرب ومن طرف واحد، ولعل أهمها محاولة الجزائر الحفاظ على حدودها بالتنسيق مع المملكة في مكافحة التهريب بمختلف أشكاله، خاصة المخدرات، إلا أن المملكة لا تبدي اهتماما كبيرا بمثل هذه القضايا وهي تبحث عن فتح الحدود، وبعدها يمكن مناقشة الأمور الأخرى. ورغم أن الرئيس بوتفليقة كان صريحا في رسالته التي وجهها لمحمد السادس بمناسبة الذكرى الحادية عشر لاعتلائه العرش، حيث قال "لا يفوتني أن أجدد لكم عزمي الراسخ على السمو بالعلاقات الثنائية الجزائرية المغربية وتوطيد روابط الأخوة وأواصر القربى وحسن الجوار التي تجمع شعبينا الشقيقين بما يعود عليهما بالرقي والنماء والازدهار المشترك"، إلا أن المواقف المغربية من عدة قضايا تظل جامدة. وليست هي المرة الأولى التي يبدي الرئيس بوتفليقة حسن نيته في بناء علاقات متينة مع الجار المغربي، على أساس الاحترام والمصالح المشتركة بين البلدين، ولكن في كل مرة أبدت الجزائر فيها حسن نيتها لرفع مستوى العلاقات لما يطمح له الشعبان وما يليق بتاريخهما وجوارهما، يخرج علينا مسؤول مغربي باتهام يتكرر في كل مرة، سواء وزير الخارجية أو أحد مستشاريه أو المعارضة التي تثير ما تسميه " أملاك المغاربة المطرودين من الجزائر". ورغم أن الجزائر تعبّر عن رغبتها في بناء علاقات جيدة على أكبر مستوى، ممثلة في تصريحات رئيس الجمهورية في كل مرة، إلا أن المملكة تبحث عن استغلال حسن النية هاته بمحاولة فرض شروط خاصة بها. وفي الوقت الذي لا تود سماع الشروط الجزائرية، بمعنى أن المغرب يحاول بناء علاقات تخدم مصالحه دون الحفاظ على مصالح الجزائر، وهو أمر غريب في العلاقات بين الدول، لأن العلاقات تبنى عن طريق المصالح المشتركة والتنازل المشترك للقضايا التي يمكن حلها، إلا أن الأكيد في العلاقات بين الجزائر والمغرب هو أن الجزائر دوما تبدي حسن النية واستعدادها التام لبناء علاقات قوية مبنية على المصالح المتبادلة بين البلدين والاحترام، ولكن المسؤولين المغاربة دوما يردون على مثل هذه الشارات الإيجابية بمحاولة إقحام قضية الصحراء الغربية، ومحاولة وضع العصا في دواليب العلاقات التي يطالبون بأن تتحسن، وفي الوقت نفسه يعملون على تعطيلها .