أخيرا، اكتشف عمار تو أنه حان الوقت لتسهيل الاستثمار لشركات النقل البري، بعدما اعترف أن الكثير من الناقلين الخواص يحملون البشر كما يحملون الخرفان، لا يفرقون في حافلاتهم بين "عنزة وتيس" ويرصون الخلق كما يرص السردين في العلب، لكن الغريب كيف اكتشف وزير الحافلات وما شابه أن المواطن يعاني من هذه الظاهرة ومن الحافلات المهترئة والحافلات القديمة التي تفوح منها رائحة المازوت، وهو الوزير الذي لم يستقل حافلة في حياته الوزارية، بما أن الطريق تفتح له كلما مر موكبه ولا يمكنه رؤية الحافلات والناس المرصوصة داخلها. الغريب في حكاية، فتح باب الاستثمارات للخواص في قطاع النقل، ليس القرار بحد ذاته، ولكن في كيفية تفطن الوزير لذلك، وهو الذي يعتقد أن قطاعه يعيش أزهى أيامه في عصر عمار تو الأول، خاصة وأنه يعتقد أن القطارات المكهربة قد وفت بالغرض، وأيضا "الترام واي" سيحل المشكلة، رغم أنه لم يدخل بعد الخدمة؟ أما حكاية "الميترو"، فتلك حكاية من ألف ليلة وليلة، لأن تو سيحكي عنها وسيورّثها لأولاده من بعده لتتداول حكاية مشروع ما زالت تحكي عنه شهرزاد ولن تسكت عن الكلام المباح، لأن "ميترو" الجزائر أصبح وكأنه أسطورة من أساطير شعوب المايا أو الأنكا الغابرة، شرع في إنجازه منذ عقود، ولكن لا أحد يعلم متى تنتهي الأشغال منه. ورغم ذلك، ننتظر أن يكون الاستثمار في القطاع لأصحاب الاختصاص وليس للناقلين الذين دأبوا على نقل الأبقار.