يحلم الكثير من شبابنا بالهجرة إلى أوروبا، ويعانون الأمرّين كي يستقروا هناك، وقد تدوم معاناتهم سنوات كي يتمكنوا من تأسيس بيوت وضمان الحد الأدنى من العيش الكريم، وبعدها يعودون للوطن لاختيار شريكة الحياة التي يفضلونها أن تكون ابنة الوطن لتسافر الزوجة الجديدة مع زوجها المغترب وهي متأكدة أنها ظفرت بحلم العمر، والمغترب بدوره يعتقد أن كفاحه ومعاناته في الغربة ستخففها عنه رفيقة الدرب التي اختارها من الوطن وفضل عليها شقراوات أوروبا، لكن الذي يحدث يقلب كيان الزوج المغترب ويعيده إلى نقطة الصفر، هذا إن لم يصب بالجنون، بعدما تستغل الزوجة القوانين الغربية التي تعطي حرية مطلقة للمرأة، هذه الأخيرة التي لم تكن تحلم بالعيش بالغربة، تستغل القوانين لصالحها، لترمي الزوج الذي اختارها ووثق فيها ومنحها لقبه، ترمي به إلى المجهول. هذا "الطابو" المسكوت عنه، اقتحمته "الأمة العربية" لتكشف عن بنات البلاد في الخارج، وكيف تتحوّل تصرفاتهن ويحوّلن حياة الزوج إلى جحيم. أولا، علينا أن نعترف أن العثور على مغتربين وقعوا ضحية زوجاتهم في الغربة، لم يكن بالأمر السهل، باعتبار أن الأمر أصبح "طابو"، خاصة في مجتمعنا المحافظ. إلا أن بحثنا الذي دام طويلا، قادنا إلى عينات التقينا بها مباشرة، وعينات سمعنا حكاياتهم من أفواه أقرباء لهم أو أصدقاء. توفيق وابنة الخال.. رحلة عذاب في إسبانيا حكاية توفيق لا تختلف كثيرا عن حكاية سفيان التي سنوردها فيما بعد، إلا أننا لم نسمعها منه، بل سمعناها من صديق له يعيش معه في إسبانيا. والحكاية بدأت حينما سألناه عن سر إبقاء زوجته في البلاد، رغم أنه متزوج منها منذ أربع سنوات، فأجابنا أنه لن يأخذ زوجته إلى إسبانيا مهما حدث، متعظا من حكاية صديقه توفيق الذي تزوج من ابنة خاله، التي ما إن وطأت أرض إسبانيا، حتى خلعت حجابها، وهذا ما أصاب توفيق بفقدان السيطرة على أعصابه، فاشتكت ابنة خاله لمحامي هناك ورفعت ضده دعوى تقول فيها إنه يجبرها على أن تلبس لباسا لا تريده، مستغلة عقدة الغرب من الثقافة الإسلامية، لتحكم المحكمة لصالحها، هذا ما جعل توفيق يطلقها، وحتى هي لم تهتم بما أنها وجدت مساعدة مادية من الجمعيات الإسبانية هناك، وكذا أخذت البيت الذي كان يستأجره توفيق وألزمته بدفع الإيجار، إلى أن تزوجت شخصا آخر، رفض صديق توفيق البوح بجنسيته، لأسباب قال إنها خاصة، وسكنت معه في بيت زوجها الأول. سفيان.. بعد 16 سنة في الغربة حطمته الزوجة التي اختارها دلنا عليه أحد الأصدقاء، وبعد وساطة هذا الصديق دامت أيام، حيث أقنعناه بعدم نشر اسمه الحقيقي، وأيضا أن الهدف من فتح هذا الموضوع هو من أجل التنبيه والتحذير كي لا يكرر الشباب نفس الخطأ، وكذلك تحذير الأسر من خطورة ما يحدث في الغربة، والكثير من البيوت التي خربت. وكان لقاؤنا به في مقهى ب "ميسوني" بالعاصمة، ويحكي سفيان صاحب 38 سنة عن مأساته التي لم يكن يتصور أنها ستنهي كل ما بناه خلال 16 سنة من الغربة على يد المرأة التي اختارها لترافقه رحلة الحياة. اعترف لنا أنه رفض الكثير من عروض الزواج من نساء أوربيات، رغم أنه كان محتاجا لوثائق، وكان من الممكن أن يرتبط بامرأة أوربية في بداية مشواره في الغربة ويحصل على وثائق إقامة بسهولة، إلا أنه رفض أن يختار أما لأطفاله على غير دينه وعلى غير ثقافة بلده، ففضل المعاناة مع مطاردات الشرطة والعيش عيشة اللصوص من دون وثائق، على أن يرتبط بأوربية، إلى أن سوّى وضعيته وكان أول ما قام به هو العودة إلى البلاد واختيار شريكة حياته. ورغم أنه سأل عن شريكة حياته وأحاط بكل جوانب حياتها، إلا أنه لم يكن يعتقد أن بريق أوربا سيجعل زوجته تستغل القانون ضده يضيف سفيان "حين ارتباطنا لم تكن الدنيا تسعها، وكنت أرى ذلك الفرح في عينيها وأنا أحضّر لها أوراقها كي تسافر معي إلى فرنسا. بعد 3 أشهر قضيناها بين تونس والجزائر، سويت وضعيتها وسافرنا معا إلى نيس، لم تصدق نفسها وهي تدخل البيت أول مرة وبدأت تبكي من الفرحة، ووعدتها أني سأعمل المستحيل لأسعدها، ولم تمر إلا شهور قليلة على إقامتنا في نيس، حتى بدأت تختلق المشاكل، حيث صرت أعود في المساء من العمل فلا أجدها، وحين أسألها تقول إنها حرة وتفعل ما تشاء، وهذا ما زاد في غضبي، فلم أتمالك نفسي يوما حين تأخرت ولم تعد إلى البيت إلا على التاسعة ليلا، وقالت إنها كانت مع مجموعة من صديقاتها، فصفعتها، فاتصلت بالشرطة وأشهدت الجيران علي، لأقتاد إلى مركز الشرطة وأبيت ليلة هناك ووجدت سلسلة من الاتهامات موجهة ضدي.. لم أصدق أن المرأة التي حملتها لقبي وأعطيتها اسمي وانتشلتها من الفقر، تفعل بي هذا!". وأضاف سفيان أنه ندم ندما شديدا، لأنه لم يتزوج من قبل فتاة أوربية، وأكد أنه مهما حدث، فالأوربية حين نتوصل معها إلى تفاهم لن تلحق بنا الأذى. ورغم مرور سنوات على التجربة، إلا أن سفيان لم يتمالك نفسه وغادر المقهى دون أن يكمل، إلا أننا عرفنا من الصديق الذي دلنا عليه أن زوجته حصلت على الطلاق وأدخلته السجن 3 أشهر وكتب تعهدا على نفسه لدى القاضي والشرطة أن يكون بعيدا عنها مسافة 10 كلم من محيط سكنها الذي كان سكنه وأخذته منه، وفي الأخير عاد إلى البلاد ولم يفكر بالزواج ثانية. مهدية ابنة سوق أهراس: ليس له فضل علي وفرنسا أعطتني حقوقي مهدية 27 سنة، تزوجت من مغترب في 2004، اعترفت أنها كانت ماكثة بالبيت في بيت أهلها في سوق أهراس قبل أن تزورهم جارة طالبة صورتها من أجل قريب للجارة مغترب يبحث عن زوجة من البلاد، ولم تمض أيام حتى تم الزواج وانتقلت مهدية إلى باريس. إلا أنها وحسب ما قالت إن زوجها كان يعقد الكثير من الأمور، وكأنه لا يعيش في فرنسا بلاد الحرية، فكان يمنعها من محادثة بعض الجارات اللواتي وصفهن بأنهن سيؤثرن عليها بكلامهن، لاسيما وأن أغلبهن كن مطلقات، ومن بلدان مختلفة، تونسيات ومغربيات، وهذا ما رفضته مهدية معتبرة أن تواصلها مع الناس أمر شخصي، ثم بدأ يحد عليها الخروج، إلا برفقته، وهذا ما رفضته أيضا. وبعد أن أنجبت ولدا اعتقدت أنه سيتفهم الأمر، إلا أنه تضيف مهدية بقي مصرا على ما اعتبرته عنادا، خاصة في تدخله في نوع الألبسة التي ترتديها خارج البيت وطريقة لبس الخمار، وفي الأخير ضاقت ذرعا به وصارت ترفض انتقاده علانية، وهذا ما دفعه لضربها، فلم تجد بدا من تقديم شكوى للعدالة في شأنه. وأضافت مهدية أن فرنسا أعطتها حقوقها كامرأة، وأنها امرأة لها حقوق، وحين ذكّرناها بواجباتها كزوجة وأنها مهما كانت تظل عربية ومن بيئة مختلفة، كما ذكّرناها بفضل زوجها عليها، إلا أن كلامنا لم يقنعها، معتبرة أنها حرة وأن زوجها لم يقدم لها شيئا، خاتمة كلامها "فرنسا أعطتني كل حقوقي، وإن كنت أخطأت في حقه، ما عليه سوى تقديم شكوى ضدي في المحاكم الفرنسية". بعدما انتشرت الظاهرة سمير: أفضل أن تكون زوجتي من جنسية أخرى سمير 32 سنة، التقينا به صدفة في مطار هواري بومدين الدولي عائدا من لندن، حين سألناه إن جاء للبلاد قصد الزواج ضحك، وأردف بالقول إنه لن يتزوج ابنة البلاد كي لا يقع له ما وقع لآخرين غيره. وحين طلبنا منه توضيح الحكاية، أكد أن الكثير من الجزائريين تزوجوا ببنات البلاد وما إن طرن معهم إلى أوربا حتى تغيّرت شخصيتهن، مستغلات القوانين الأوربية والحقوق المطلقة التي لا تتماشى مع تقاليدنا وديننا الحنيف، لتتمردن على أزواجهن وتحطمن مستقبلهم وتنهبن أموالهم وتأخذن بيتهم بعد معاناة الأزواج في الغربة ربما تمتد إلى عقود. وحين استوقفناه وقلنا إن بنات البلاد ليسوا كلهن سواء، وحتى بنات من جنسيات أخرى قد يتصرفن بهذا التصرف، أكد أن الأمر صحيح، إلا أن ما لاحظه أن ابنة البلاد أحيانا تكون أمية لا تفهم شيئا ومحتشمة وذات أخلاق عالية، لكن ما إن تصل إلى الغربة وتعرف بعض القوانين، حتى تخرب الدنيا على زوجها، وقال إنه لا يقول هذا الكلام من فراغ، وإنما تجارب أناس يعرفهم شخصيا. وعن مستقبله الشخصي، قال سمير إنه سيرتبط ببريطانية مسلمة، أو من أي جنسية أوربية أو مشرقية، "على أن تكون ابنة البلاد دون أن يقلل من شأن ابنة البلاد فعلى الأقل حين نفترق وتسبب لي مشكلا، تكون غريبة عن بلدي، ومهما كان سأقول إنها غريبة عن ثقافتنا. أما إن كانت من بلدي، فحتما سأصاب في الصميم وأفقد الثقة حتى بأخواتي". في الأخير، علينا أن نشير إلى أن الظاهرة فعلا في انتشار كبير، لكن هذا لا يعني أنها عامة، إلا أن الجهل والحرية المطلقة في الغرب أثرت في عقول الكثير من بنات حواء الجزائريات في الغرب، وجعلت بناتنا في الغرب يستأسدن على رجال منحوهن اسمهم، ووثقوا فيهن ليكون جزاؤهم في الأخير طعنة في الظهر، فقط لأنهم أرادوا أن يحافظوا على هويتهم وتماسك أسرتهم في الغرب الذي لا يرحم.