أضحى ''الزواج الأبيض'' هاجس العديد من الشباب الجزائري الذي يحلم بالعبور إلى الضفة الأخرى، فيجتهدون في البحث عن شريك حياة صوري فيقيمون عقد القران شكليا ومنهم من يقيم حفل الزفاف كذلك، فيتم الاتفاق على مبلغ محدد ليتم الطلاق بعد الحصول على الوثائق. إنها تجارة أصبح يعتمدها العديد من الشباب المقيم في الخارج من أجل جني أموال ويعتمدها المقيمون في الداخل من أجل الظفر بلقمة عيش في أوروبا، تجارة تزداد أرقامها يوما بعد آخر. كان حلم عبد الهادي منذ صغره أن يعيش في أوروبا كي يعود كل صيف إلى الجزائر وهو يقود سيارة فارهة ويبني بيتا واسعا جميلا، ولتحقيق ذلك لم يجد عبد الهادي غير وسيلة ''الزواج الأبيض'' لتحقيق أحلامه. يقول عبد الهادي العيش في أوروبا حلم كل شاب يعيش ظروفي، فجل أقاربي يوجدون في المهجر، يعودون كل سنة وهم يركبون أفخر السيارات ومحملين بهدايا ثمينة، هذا الوضع جعلني أفكر في الهجرة إلى أوروبا بأي ثمن، فلم أجد سوى وسيلة الزواج الأبيض الذي سيساهم في تحسين وضعي الاجتماعي. الرغبة الشديدة في العبور إلى أوروبا جعلت عبد الهادي يقترن شكليا بشابة مغربية مقيمة بفرنسا مقابل مبلغ مالي اتفقا عليه مسبقا وهذا ما تم بالفعل. يضيف عبد الهادي تحصلت على وثائق إقامة وانفصلت عن الفتاة ولقد لاحظت أن هناك الكثير من الشباب الجزائري والمغاربي ككل يعتمد هذه الطريقة التي يراها سهلة للحصول على وثائق الإقامة دون مشاكل. أما نوال فهي فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها سلكت مسلك غيرها من الشباب فهاجرت إلى فرنسا رفقة شقيقتها المقيمة هناك ولتتمكن من الحصول على وثائق الإقامة قررت الزواج بشاب مقيم في فرنسا بنية الحصول على الوثائق غير أن الزواج الأبيض أصبح ''مزركشا'' لأن الشاب الذي عقد قرانه عليها رفض طلاقها ، تقول نوال كان الاتفاق مع شاب جزائري من أقاربي مقيم بفرنسا على أن أقترن به شكليا على أساس أن يتم الطلاق بعد حصولي على الوثائق وبعد أن أقمنا حفلا صوريا للزفاف وحصلت على الوثائق وحصل هو على المال وبعد مدة رفض طلاقي فأعاد إلي المال الذي أخذه وأخبرني أنه مقتنع بأن أكون زوجة له، وتعلق نوال على الموضوع مازحة أنصح كل من أقدمت على الزواج الأبيض أن تختار رجلا مناسبا حتى إن رفض طلاقها لا تندم، وتؤكد نوال أن الكثير من الفتيات وقعن ضحية للزواج الأبيض فكثير منهن رفض الأزواج تطليقهن. محمد شاب عاطل عن العمل 31سنة مستوى جامعي انجرف وراء حمى الهجرة إلى أوروبا فتوسط له صديقه للحصول على زوجة مقابل مبلغ مالي مهم، خاض تجربة الزواج الأبيض فاقترن بفتاة مغربية تقيم ببلجيكا وبعد حصوله على الوثائق ورحيله إلى هناك وجد الحياة مختلفة تماما، إذ فشل في الحصول على عمل مناسب وظل سنة بأكملها ليعود إلى الجزائر ولم يجن حتى ربع ما دفعه مقابل رحيله إلى هناك. يقول محمد بأسى عميق مثل أي شاب جزائري له حلم في الحصول على عمل مستقر، كنت أتصور أن الحياة في أوروبا سهلة خاصة أن المهاجرين في الصيف يصورون لنا أوروبا على أنها جنة فقدمت لفتاة مغربية مبلغ5 آلاف أورو مقابل الزواج بي صوريا، تجرعت بعدها الألم والحسرة. وأضاف محمد وهو يبدي أسفه قائلا:''ما أثر في كثيرا وما زاد من آلامي هو أنني كلفت أبي مالا يطيق من أجل الحصول على المال والنتيجة أنني لم أستطع حتى استرداد جزء من المال الذي حصلت عليه، وختم محمد بنصيحة لكل شاب مقبل على هذا النوع من الزواج أن يصرف عنه النظر. الزواج الأبيض حرقة من نوع آخر يجتهد العديد من الشباب في الحصول على صفقة الزواج الأبيض ولكن بأقل التكاليف، فيلجؤون أحيانا للزواج من أجنبيات عبر الاعتماد على أقاربهم بالخارج، يقول صلاح الدين ''العديد من الشباب يعجز عن توفير مبلغ من المال من أجل زواج أبيض من عربية فيلجأ للبحث عن أجنبية عبر وساطة أحد أقاربه، لكن هذه الفئة تبقى قليلة، يحدثنا صلاح الدين عن تجربته قائلا: توسط لي قريب لي مقيم بإيطاليا من أجل الزواج من إيطالية بمقابل مالي، فوافقت فأتت إلى الجزائر وتزوجت بها فأقمنا حفلا وبعد أن ذهبت إلى إيطاليا طلقتها. ورغم ما يقال عن الزواج الأبيض ومشاكله فإن بعض الشباب يتشبث به كوسيلة من أجل الابتعاد عن حياة الفقر والبؤس، يقول سعيد 21 سنة مازلت أبحث عن زوجة من أجل العيش في أوروبا فلا يهم السن ولا الجمال المهم هو الرحيل إلى أوروبا فعوض أن أركب قارب الموت أفضل زواجا صوريا ينتهي بوثائق إقامة. ويضيف سعيد أود أن احصل على عمل وزوجة في بلدي لكن الله غالب لا يبدو أن هناك بارقة أمل في الأفق والزواج الأبيض أقل خطرا من الحرڤة التي أبقت مصير الكثير من شبابنا مجهولا لحد الآن، والزواج بأجنبية أو بفتاة مقيمة في الخارج هو حلم الكثير من الشباب اليوم حتى وإن كان على الورق فقط إلا انه يمنح فرصة ذهبية للشاب للعيش في أورويا.