حصيلة القتلى والجرحى التي تحدث الآن في جماهيرية القذافي لا تضاهيها سوى حصيلة حرب تدور بين دولتين متساويتين في القوى والعتاد، وما يحدث الآن هو إعلان حرب على شعب، والقذافي يريد أن يبرهن للعالم أنه مجنون بحق وليس مجرد كلام تتداوله مجالس الناس، لهذا فهو لا يهمه إن استعمل الطائرات الحربية وخردة السلاح المتهالك الذي كان يهدد به إسرائيل ولم يطلق منه طيلة أربع عقود رصاصة واحدة ضد إسرائيل ولا ضد الولاياتالمتحدة، ولم يستعمله في 1986 ضد الولاياتالمتحدة حين هاجمت بلاده وهدت قصره وقتلت طفلته التي تبناها. ورغم ذلك، القذافي ليس مجنونا ويدرك أن عهده سينتهي كما انتهى عهد جاريه، ولكن يحاول أن يثبت أنه مجنون فعلا لسببين اثنين.. أولهما كي لا تدينه محاكم جرائم الحرب الدولية، لأنه مرفوع عنه القلم، وثانيا انتقاما من الشعب الليبي، وربما يمكن إضافة سبب ثالث وهو أنه ليس "الزين" ولا مبارك، فقد كنا نقول إن أفعال بن علي في حق شعبه لا تضاهيها أعمال أخرى، ثم ظهرت أعمال مبارك في جرائمه وبلطجيته، فظهرت جرائم بن علي قطرة في بحر. وحين ظهر القذافي بجرائمه ومرتزقته الأفارقة، رحنا نفكر كيف صبر الشعب الليبي كل هذه العقود في ظل حكم رئيس عصابة ومرتزقة؟ والغريب في الأمر، أن الدول الغربية التي أطربتها ثورات البنفسج في دول أوربا الشرقية وفتحت أبواب الإعلام واسعا للحديث عن بعض الإصابات بين المتظاهرين، لم تستطع توجيه الأنظار إلى جرائم الإبادة في حق الشعب الليبي، لدرجة أن هذا الشعب الذي لا يتعدى عدد أفراده ال 6 ملايين يستنجد بالعالم لإنقاذه من الإبادة، وسيفعلها العقيد إن استمر الصمت، لأنه أعلن الحرب على الشعب وسيبيده، ولا ضير بعدها إن صار رئيسا لمرتزقة يستوردهم من بوراندي وزائير وبوركينا فاسو، وغيرها من الدول الإفريقية ليتلو عليهم كتابه الأخضر.