ارتبط تاريخ مدينة تنس الساحلية بالبحر، إذ يمتد شريطها الساحلي على أكثر من 100 كلم، وهو ما يشكل نسبة معتبرة من الساحل الوطني البالغ طوله إلى 1200 كلم، وهو ما أهّلها لأن تكون قطبا سياحيا، في وقت تحتل فيه ولاية الشلف المرتبة الخامسة من حيث عدد مناطق التوسع السياحي عبر كامل تراب الوطن ب: 10 مناطق تعد من أهم المناطق الساحلية. يغطي الساحل الولائي أكبر موقعين من الجهة الغربية ممتدا من بني حواء إلى مدينة تنس، بحيث يطل على أجمل منظر من أعالي زكار، ومن أهم هذه المواقع الغابية "بوشغال" و"تراغنية" و"دومية" التي تؤلف منظرا باهرا، خصوصا بالموقع الذي يتدفق فيه المرجان، حيث يمتد على طول 70 كلم، وهو الأوسع بين الشواطئ من الجهة الشرقية يحد "واد المالح" و"واد تاغزولت"، ومن الجهة الخارجية المنطقة السكنية "القلتة" بداية من شاطئ "الدشرية" بلدية "الظهرة" وبالرغم من كل هذا يظل قطاع السياحة بولاية الشلف يعاني نقص وضعف الاستثمار ولم يصل إلى المستوى المطلوب. تبعد مدينة تنس 53 كلم من عاصمة الولاية الشلف ويمتد شريطها الساحلي من الحدود الإدارية لولاية تيبازة من الجهة الشرقية، وولاية مستغانم من الجهة الغربية، وتتزين مناظرها الخلابة بالغابات وزرقة البحر، والطريق رقم 11 يعانق هذا الساحل بداية من الساحل الغربي لولاية مستغانم إلى غاية مشارف العاصمة الجزائر، مرورا بمدينة تنس والطريق الولائي رقم 34 ويقطع هذا الأخير غابة بيسة التي تعتبر محمية طبيعية بها حيوانات ونباتات من بينها أشجار الفلين والصنوبر الحلبي، إلى جانب الطريق الولائي رقم 30 بين تنس ووسط المدينة، بحيث تطل على ميناء تنس إلى جانب منابع معدنية موزعة كلها عبر تراب الولاية، كما تمتاز بخصوصيات علاجية تستغل في الوقت الحالي من قبل أهالي المنطقة، لكن مجراها لم يؤهّلها لذلك لأن تكون محطات معدنية استشفائية، مثل عين بوشاقور وعين بوزعرور الواقعة بمجاجة وحرحور ببني راشد. غطاء نباتي عزز قدرات السياحة الغطاء النباتي عزّز من القدرات السياحية كغابة المرسى التي قدرت ب:2000 هكتار والواقعة جنوبالمرسى، والتي نبت فيها الصنوبر الحلبي، وبغابة القلتة ب:5000 هكتار، وغابة بيسا وقدرت مساحتها ب:1437 هكتار كما تتوفر هذه الغابات على إمكانيات كبيرة للتجول والاسترخاء والصيد. وتتوفر هذه الأخيرة على معالم وكنوز أثرية يعود تاريخها إلى فترات وحقب زمنية مختلفة، تدلل على حضارات غابرة تركت بصمتها على تراب هذا الموقع التاريخي والثقافي بكل من عين أمران وأبيض مجاجة وبلدية تلعصة، كما توجد بها كهوف تقع بكل من سيدي مروان ومقابر فينقية، ومسجد سيدي بمعزة العتيق، وحمام القديم وكذلك مصلى لالة عزيزة، إلا أن هذه المعالم الأثرية، كلها مهددة بالاندثار والزوال بفعل العوامل الطبيعية، وخاصة الإهمال، ولامبالاة من طرف المواطن الذي لا يراعي القيمة الأثرية، خصوصا خلال السنوات الأخيرة التي شهدتها المنطقة مما جعلها في طي النسيان من طرف السلطات المعنية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ينحصر في زاوية واحدة ويصب في قالب واحد، من طرف المجتمع، وهو الاستجمام والراحة إذ يتوافد المصطافون على البحر في كل صيف من كل حدب وصوب فرادى وجماعات، قدر عددهم خلال سنة 2008 ب:أزيد من 75 ألف مصطاف خلال شهر جوان فقط وهو رقم يدخل تاريخ الولاية بالمقارنة بالأعوام الماضية. وحسب التقارير التي أعطتها مديرية السياحة والصناعة التقليدية، وكذا مديرية الحماية المدنية بولاية الشلف، فإن المفهوم الحقيقي للسياحة يبقى شبه غائب عن الأذهان، حيث كان للظروف الصعبة التي عرفتها المنطقة خلال العشرية السوداء أثر ووقع كبير على نفس المواطن، الشيء الذي جعله يبتعد عن الاستغلال الحقيقي لهذه الخيرات الطبيعية، وكذلك نفور الكثير من المستثمرين عن توظيف رؤوس أموالهم في مشاريع سياحية محلية وتحويلها إلى وجهات مغايرة خارج الولاية. مناطق سياحية تتوسع.. تبحث عن دعم هذا الثراء رغم تنوعه وغناه من حيث المؤهلات بتوفر منتزهات طبيعية جد خلابة جعل مديرية السياحة لولاية الشلف تدرج 10 مناطق للتوسع السياحي تتمثل في شاطئ مانيس، التراغنية، واد المالح، وبوشغال، والدوموية، وبني حواء، وادي تيغزة، القلتة، جزيرة كولومبي، المرسى، وعين حمادي، وهي كلها مناطق تطمح لاحتضان مشاريع سياحية خاصة، تشرف عليها مصالح السياحة بولاية الشلف. استثمارات سياحية .. باتت فرصا لرهن العقار رغم ما خصصته الدولة من أموال ضخمة للنهوض بهذا القطاع الحساس من أجل النهوض بالاستثمار السياحي بالمنطقة، بإنشائها لمركبات سياحية هامة عبر عدة مناطق مختلفة غير أنها تراجعت، وتركت الفرصة للمستثمرين الخواص، دون مراعاة لأدنى الشروط التحفيزية مما أدى إلى ضبط قواعد السوق في هذا المجال من طرف هؤلاء، وهو ما جعل التضارب في العقار السياحي يعرف أوجه خلال الفترة المنصرمة، وهذا لفائدة وخدمة أغراض خارجة عن الإطار السياحي إلى جانب ظهور التباسات فيما يتعلق بالعقار ذاته، وهذا أدى بدوره إلى خلق مشاريع استثمارية وهمية في غالب الأحيان مثل مشاريع السكنات الإيجارية والمحلات التجارية، ونفس المشاكل تشهدها مناطق التوسع السياحي، إضافة إلى الانتهاكات المتعددة، التي يأتي في صدارتها البنايات الفوضوية، التي أدت إلى تقليص مساحات مخصصة للمنشآت السياحية كمنطقة القلتة وبلدية المرسى التي قلصت مساحتها من 100 هكتار إلى 10 هكتارات، تم فيها بناء مساكن فوضوية وأخرى ريفية، رغم وجود نصوص قانونية واضحة تكفل حماية العقار السياحي من الاستغلال غير المشروع، وهي المعطيات التي أجبرت مديرية مسح الأراضي على التوقف عن إتمام ما تبقى من مخططات منذ أكثر من سنتين، إضافة إلى نقص الموارد البشرية التي سخرت حينها، وكذلك انعدام وجود الإجراءات التمويلية. وأما عن الفنادق المتوفرة عبر تراب ولاية الشلف فوصل عددها إلى 8 فنادق ب:245 غرفة بطاقة استيعاب إجمالية تصل إلى 501 سرير، ومن أشهرها فندق الونشريس، ثم يليه فندق المدينة، وفندق فلاق، وفندق بلاتان. مشاكل جعلت القطاع في تدني من بين الانشغالات التي حالت دون تحقيق الآمال المرجوة في قطاع السياحة بتنس كشفت مصادر موثوقة من مديرية السياحية بالشلف ل "الأمة العربية" عن عدم الاستقرار الهيكلي وغياب صلاحيات كفيلة بإعطاء دفع للقطاع، إضافة إلى انعدام الموارد المالية للمديريات بعدما ألحقت الفنادق ب "الهولدينغ" التي كان من المنتظر أن توفر مداخيل جد معتبرة لهذا القطاع. هذه الظروف وأخرى متعددة جعلت مديرية السياحة تفتقد إلى أبسط الإمكانيات المادية والبشرية مقارنة بمديريات أخرى، حيث لا تمتلك حتى عربة نقل تقل المسؤولين لمتابعة نشاطهم الميداني على مستوى مختلف مناطق الولاية وخصوصا عبر المدن الساحلية، إلى جانب ضيق المقر الذي لا يصلح تماما لمديرية القطاع الذي تعلّق عليه الدولة آمالا كبيرة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يبقى غياب الظروف الملائمة للعمل على كافة المستويات مثل غياب الثقافة والاستثمار السياحي اللذان عرّضا العقارات السياحية المخصصة للشأن ذاته إلى بنايات تعرف عدة مشاكل من أهمها تحويل المشاريع في الإطار الاستثماري السياحي، كما هي عليه بعض الحالات التي كان يفترض أن تنجز فيها هياكل تدعم القطاع مثل الفنادق وغيرها. ورغم كل هذا، قدمت مديرية السياحة عدة اقتراحات جادة إلى مختلف الجهات الوصية بالولاية والوزارة قصد النهوض بالقطاع والرفع من مدا خيل الولاية، التي يعود تاريخها إلى حوالي 3200 قبل الميلاد، هي متواجدة في تنس التي كانت آنذاك تمثل ميناء ومركزا تجاريا أسّس على يد الفينيقيين، وشواهد وآثار تعود للحقبة الرومانية، ومن بينها اللوحات الفسيفسائية المهددة بالزوال بسبب العوامل الطبيعية مثل الزلزال الذي ضرب ولاية الشلف في 10 من أكتوبر 1980، السور الذي كان يحيط بالمدينة الذي انهار تماما، كان طوله يصل إلى أكثر من 500 متر وعرضه حوالي 40 مترا، ناهيك عن معالم أثرية أخرى يعود تاريخها إلى أيام الرومان والفينيقيين، وكلها ما تزال تعاني الإهمال كضريح الفينيقيين، الذي فقد الكثير من قيمته التاريخية بفعل الحصار الذي تضربه الأوساخ والقاذورات من حوله، كما توجد هناك مغارات ترجع إلى فترة ما قبل التاريخ تعرضت إلى الهدم جراء الانفجارات العنيفة للمحجرة المحاذية لها بجبل سيدجي مروان. وبين الإهمال والتسيب تبقى النداءات تتكرر لإنقاذ ما تبقى من معالم الحضارات التي عايشتها مدينة تنس قبل أن تزول نهائيا. صناعات وحرف بدأت تندثر تتميز مدينة تنس بعادات وتقاليد راسخة، لكنها بسبب تدني وضع السياحة، أضحت هذه الأخيرة عرضة للاندثار بسبب عزوف الشباب عن ممارسة هذه المهن التي تعتبر موروثا تقليديا ليس إلا، يدخل في مميزات المنطقة، إذ يضم قطاع الصناعات التقليدية 577 حرفي موزعين على مختلف الأنشطة والتخصصات التابعة لقطاع هذه الصناعة، بينهم 24 حرفيا في صناعات التقليدية والفنية، و84 حرفيا في الصناعة التقليدية لإنتاج المواد و46 حرفيا في الصناعة التقليدية للخدمات. أما عن الصناعة التقليدية بولاية الشلف فما زالت لحد الساعة مهمشة، فمن واجب الجهات المعنية إبراز هذه الصناعة التي تدر أموالا طائلة في مناطق من أخرى من الوطن، لأن لها دورا من الناحية الثقافية والاجتماعية، وذلك بإحياء الحرف والصناعات التي مارسها أجدادنا وأسلافنا ولضمان استمرار دورها الاقتصادي من خلال توفير مناصب شغل للشباب الذي يعاني البطالة وقلة ذات اليد.