تعيش نحو 180 عائلة بمزرعة "سكوتو" بحي سيدي مبارك الواقع ببلدية بئر خادم، حياة مزرية للغاية داخل بيوت لا تمت بصلة إلى سكنات البشر، فهي أقرب ما تكون إلى زريبة حيوانات منه إلى سكنات، فأسقفها من قصدير، وجدرانها متشققة، وبعضها مصنوع من لوح مرصوص ومشدود بأسلاك ومسامير معرضة للانهيار في أية لحظة بمجرد هبوب رياح ضعيفة. يعود تاريخ تشييد هذه البيوت الفوضوية إلى ما يزيد عن ال30 سنة، حين كانت المنطقة عبارة عن مزرعة تعود ملكيتها للدولة، استوطنها هؤلاء المواطنون وبنوا فوق ترابها بيوتهم، بعدما تعذّر عليهم إيجاد مكان آخر يلجأون إليه، ثم التحق بهم آخرون على فترات متعاقبة إلى أن أصبحت هذه المزرعة تضم نحو 180 بيت فوضوي. تطالب هذه العائلات بإيجاد حل وتسوية لوضعيتها وانتشالها من الجحيم الذي تعيش فيه، إما بترحيلها إلى سكنات اجتماعية لائقة، وإما بمنحها رخص البناء حتى تتمكن من إدخال تعديلات على هذه السكنات وتهيئتها، فحسب السكان الذين تحدثت إليهم "الأمة العربية" فقد قامت السلطات المحلية بإصدار قرار ينص على ملكيتهم للقطع الأرضية التي شيدوا فوقها بيوتهم، لكنها لم تمنحهم رخص البناء، فيما منحت آخرين هذه الرخص لكن بعد فوات الأوان، أي بعد انتهاء مدة صلاحيتها، حيث كان من المفروض أن تعطى لأصحابها في سنة 1996 لكنها لم توزع إلا في سنة 2001 بعدما أصبحت من دون فائدة. ويقول أحد المواطنين إن بلدية بئر خادم تركتهم ك"المعلق من عرقوبه" فمن جهة تقرّ بأنهم أصحاب حق، ومن جهة أخرى تمنعهم بكل الوسائل إذا ما حاولوا توسيع منازلهم، وتقوم بهدم كل بيت جديد على اعتبار أنها بيوت فوضوية وأن الأرض المقامة عليها هي ملك للدولة، لذلك يطالب هؤلاء السكان بالتسوية الفورية لوضعيتهم، وتوضيح حدود التصرف في ممتلكاتهم، ومنحهم رخص البناء حتى يتمكّنوا من تهيئة وتزويد بناياتهم بالأساسيات التي لا تزال غير متوفرة عليها. ...لا ماء، لا غاز ولا كهرباء...وسكان يغرقون في القاذورات بالإضافة إلى المشكل الأساسي الذي يتخبط فيه سكان مزرعة "سكوتو" وهو هشاشة البيوت، يعاني هؤلاء المواطنون من جملة من الصعاب أرهقت كاهلهم، فالحي يغرق في القاذورات المنتشرة هنا وهناك ساعدت على اجتذاب الحيوانات الضالة وانتشار الحشرات الضارة والجرذان، والروائح الكريهة، الأمر الذي من شأنه التأثير على صحة أفرادها خاصة الأطفال منهم الذين لا يجدون حرجا في اللعب في وسط تلك القاذورات وبها، وتقول إحدى السيدات التي وجدناها عائدة من المستشفى لتلقي العلاج بعد تعرضها لعضة جرد، إن حياتهم أصبحت لا تطاق وسط كل تلك المخاطر، فالجرذان والأفاعي والعقارب و...تحتل منازلهم وتعرّض حياتهم لخطر الموت في كل حين. كما أن هذا الحي غير مزود بشبكة المياه ولا غاز ولا حتى كهرباء، فرغم وجود الأعمدة الكهربائية، إلا أنها غير موصولة بالتيار الكهربائي، فالسكان يضطرون إلى إيصال منازلهم عبر أسلاك كهربائية مأخوذة من عدادات جيرانهم أصحاب الفيلات، أما عن الماء فهم يجلبونه من المسجد أو المدارس الابتدائية المحاذية لحيهم. وفي انتظار إيجاد تسوية نهائية لمشكل رخص البناء أو اختيار حل الترحيل، يبقى مواطنو حي سيدي مبارك يعيشون مع معاناتهم في ظل غياب أدنى شروط الحياة الكريمة.