تشهد أسعار الماشية في الآونة الأخيرة بولاية البيض ارتفاعا محسوسا وكبيرا إذ تجاوزت الزيادة في الأسعار 100 بالمئة في بعض الأحيان، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسعار اللحوم الحمراء والتي قفز سعر الكلغ منها من الخروف إلى حدود 800 دج، وهو السقف الذي لم يسبق له أن وصله بولاية رعوية تحصي أكثر من 2.5 مليون رأس من الماشية على ترابها، حسب مصالح الفلاحة المحلية. ولمعرفة الأسباب، تجولت "الأمة العربية" بالسوق الأسبوعية للماشية بمدينة بوقطب التي تعد القطب الأهم في تجارة الماشية ليس على مستوى ولاية البيض فحسب بل بكامل الجهة الغربية للوطن، حيث يدخل سوقها أسبوعيا، حسب مفتشية البيطرة بالبيض ما لا يقل عن عشرة آلاف رأس من الماشية ويقصده التجار من كل جهات الوطن، ويعد سوقها "البارومتر" الحقيقي لوضعية سوق الماشية بالجهة الغربية للوطن. الوضعية بالسوق تتحكّم فيها تجاذبات كثيرة منها تساقط الأمطار، سعر الأعلاف، الإقبال على شراء الماشية لمناسبات معينة، والأهم من ذلك حسبما استقيناه بعين المكان، تهريب الماشية نحو الجارة المغرب والتي ترتبط بشكل مباشر بوضعية الحدود، فكلما تم تهريبها خارج الحدود زادت أسعارها والعكس صحيح. لتبقى السمة المميزة للسوق، الارتفاع الكبير لأسعار الماشية والذي لم تعرفه في وقت سابق وعلى مر سنوات طويلة. وبمقارنة بسيطة بسعر الخروف في الفترة نفسها من العام الماضي، نجد أنه قد سجل زيادة تفوق 10 آلاف دج فسعر الخروف المتوسط حاليا لا يقل عن 16 ألف دج، أما الحولي فإن سعره قفز إلى ما فوق 20 ألف دج بزيادة تفوق 8000 دج عن المعتاد لسببين، كما أشار إلى ذلك سي محمدي، أحد الموّالين بعين المكان، والذي ورث مهنة تربية الماشية أبا عن جد، حيث أكد أن ارتفاع الأسعار ناجم بالدرجة الأولى عن الأمطار الغزيرة التي تساقطت على المنطقة العام الحالي والتي ساهمت في إحجام الموّالين عن شراء الأعلاف التي وصلت أسعارها بعض الأحيان إلى حدود 3000 دج ودفعت بالكثير من الموّالين إلى تطليق الحرفة. وأضاف "الصحراء حولتها الأمطار إلى مروج واسعة من الأعشاب". وأما الأمر الثاني حسبه فهو "الإقبال الكبير على شراء الماشية من كل الفئات سواء المواطنين أو التجار..." محدثنا أشار كذلك إلى أن نصيبا هاما من الماشية التي تشترى لا تعرف وجهتها، معللا ذلك بالإقبال الكبير والهام على شراء الماشية غير المسبوق في ظل الارتفاع الكبير في أسعارها، وهو ما يترك الباب مفتوحا لكثير من التأويلات التي تصب في خانة خروجها إلى ما وراء الحدود. والغريب، حسب المتحدث ذاته، أن كل أنواع الماشية تشترى حتى تلك الكبيرة في السن أو ما يعرف محليا بالشارف !! وهي التي زاد سنها على المعقول والتي كانت إلى وقت قريب تعاني من البوار وعزوف عن شرائها. ما استطعنا التأكد منه بالسوق أن الأمطار التي تساقطت بالمنطقة فعلت فعلتها بالأخص على تجار الأعلاف والذين وجدناهم يعانون من كساد سلعتهم وقلة الإقبال عليها وهو ما لخصه لنا تاجر أعلاف من ولاية غليزان بقوله "العام راه زين" ويقصد بذلك أن العشب متوفر بالصحراء، فلماذا يشتري الموّال الاعلاف !!! ونشير إلى أن سعر القنطار من العلف الذي كان لا يقل عن 3000 دج بات لا يتعدى 1000دج، ورغم ذلك فهو يعاني من البوار!!! من خلال جولتنا بالسوق أجمع الموّالون الذين التقيانهم على أن ارتفاع أسعار الماشية وزيادة الطلب عليها بالشكل الحالي هو المقياس الحقيقي والأكيد أنها تهرب إلى خارج الحدود بحكم ما أسموه بالتجربة الميدانية مع الحرفة التي يزاولونها منذ سنوات طوال.