في معادلة يعجز الكثير من المتابعين للسوق المحلية بالبيض تفسيرها فضلا عن السكان، وعلى بعد أيام قليلة من شهر رمضان يسجل مؤشر أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء في الآونة الأخيرة عبر أسواق بلديات البيض ارتفاعا محسوسا ومفاجئا، مما جعله يدخل دائرة التحريم أكله على الفقراء وذوي الدخل الضعيف. فيما تعرف أسعار الماشية في مفارقة غريبة سقوطا حرا عبر كامل أسواق الولاية بات يهدد ثروة وطنية هامة بالزوال. ارتفاع أسعار اللحوم رده جزارو وسط مدينة البيض في اتصال ب '' الحوار '' إلى ارتفاع الأعلاف المخصصة للماشية، حيث يفوق سعر القنطار من الشعير حاليا الألفين وخمسمائة دج، في ظل الجفاف الذي ضرب الأراضي الرعوية التي لم تعد تتسع للأعداد الهائلة والكم الكبير من المواشي التي ترعى فوقها، والذي قارب المليوني رأس. وازداد الوضع سوءا بعد توافد موالي ولايات الجلفة والأغواط والنعامة عليها، إضافة إلى تأخر وصول العلف المدعم من الدولة إلى الموالين كما وعدت بذلك الحكومة، لأسباب متعددة لعل أبرزها تأخر فتح الوكالة الجهوية لصندوق التعاون الفلاحي بالبيض لحد الساعة، رغم أن مديرها معين منذ أكثر من سنة إلا أنه لم يظهر له أي أثر. ورغم المعطيات السالفة إلا أن أسعار اللحوم وصلت إلى أسعار قياسية غير مسبوقة، فقد وصل سعر الكلغ الواحد من لحم الخروف إلى 600 دج، أما لحم النعجة قليل الاستهلاك فوصل إلى 500 دج، أما الجدي فوصل سعره إلى 470 دج، أي بزيادة تصل إلى مايقارب العشرين في المائة عن الأسعار المعتادة بالبيض. والغريب أن هذا يحدث في ظل الكساد وتدني الأسعار الذي تعرفه الماشية بأسواق الولاية، بل قد وصلت إلى أسعار كارثية ببعضها، كسوق البيض مثلا الذي وصل به سعر الخروف السوق الماضي إلى حدود السبعة آلاف دج، وبات متأرجحا بين 7000 دج و 12000 دج، هذا إذا ما قارناه بسعره منذ حوالي الشهرين، حيث كان يتأرجح مابين 13000 دج و 25000 دج، ليتضح بجلاء حجم الخسارة التي بات يتكبدها الموالون والتي وصلت إلى درجة مقلقة الأمر الذي دفع بالكثير منهم إلى التوقف عن الحرفة التي توارثوها عن الآباء والأجداد. أما أسعار اللحوم البيضاء التي كانت في الأيام القليلة في متناول كل الشرائح فعرفت هي الأخرى زيادات معتبرة منذ أكثر من أسبوع، فقد وصل سعر الدجاج إلى 280 دج للكلغ، ويعوز ذلك التجار المحليون الذين اتصلنا بهم إلى غياب المربين بالولاية، وغلق ستة مسالخ مؤخرا وتوقف أصحابها عن النشاط، بسبب ما أسموه بالضرائب القاسية التي فرضت عليهم، لتبقى السوق المحلية تعتمد في تموينها على ولاية سعيدة . وتبقى المفارقة التي يصنعها الجزارون بالبيض والتي تثير الدهشة أن أسعار اللحم رغم كل تقلبات سوق الماشية تبقى ثابتة، هذا إن لم تعرف الصعود لأن منطقهم لم يعد مبنيا على أساس تحقيق الربح فقط بل تعداه إلى حرق جيوب المواطنين.