رغم أن أغنية الراي برزت في الثمانينيات بالملاهي الليلية لفئة معينة ووصلت للعالمية بسرعة البرق واشتهرت في الجزائر، إلا أنها عرفت مراحل أخرى بين النجاح والإخفاق. جريدة "الأمة العربية" وقفت وراء الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة لنتساءل عن الأسباب الحقيقية لنجاحها والمغزى وراء الدعم الموجه لأغاني الشاب خالد ومامي في المحافل الدولية حيث تلقى دعما من مختلف الجهات خارج وداخل الوطن، وأصبح لنجاحها العالمي سببا في بروز كتّاب كلمات مختصين بالأغنية الرايوية التي ساهمت في تكريس الرداءة من خلال استعمال كلمات ساقطة مرفوضة لدى العائلات الجزائرية والموجهة مباشرة لفئة الشباب الذي يرقص على أنغام أوجاعه ومعاناته دون أن يتفطن أحد لهذه الجريمة التي تقع في حق الشباب الجزائري. محمد عباس "باحث" نجاح أغنية الراي مرهون بفترة قصيرة صرّح "محمد عباس" أن أغنية الراي تعبّر عن مرحلة من مراحل الفن الجزائري، حيث وضعت بصمة قوية ولها مكانة داخل وخارج الوطن، وهي ظاهرة عرفت نجاحا في مرحلة معينة ثم أصبحت تتدهور، بسبب أغاني مغنيي المواسم. وأكد أن القليل فقط من تمكن من استرجاع مكانته، كالشاب حسان، رضا الطالياني وآخرين، مؤكدا أن أغنية الراي لها فئة معينة هي الشباب الذي يهتم بالإيقاع دون التركيز على الكلمات. ويرجع محمد عباس أسباب تفوّقها على الطبوع الأخرى إلى إيقاعها السريع، وأرجع إخفاق الطبوع الأخرى إلى الإيقاع البطيء، مؤكدا أن أغنية الراي تؤدي دورها على مستوى الإيقاع فقط. وأضاف أنه يجب أن نكون موضوعين اتجاه نجاحها دون أن نتجنب أسباب نجاحها رغم ضعف الكلمات، ولا ننسى أن بعض الأغاني تحتوي على كلمات مستوحاة من هموم الشعب مثل أغنية مامي "جيبولي مالي"، المستمدة من التراث، وأضاف أن الموجة الجديدة مرتبطة بالوقت وهي قصيرة العمر عكس الأغاني التي لها هدف معين. عمور بوزيد "مختص في علوم الموسيقى: "أغنية الراي ضيّعت الشباب ودعم فرنسا لها مقصود" وأضاف عمر بوزيد أن أغنية الراي سجلت نجاحا، خلال الثمانينيات، حيث تزامنت والظروف الاجتماعية القاسية للشباب والتي دعمت بالإشهار المكثف للحفلات، مؤكدا أن الإعلام الفرنسي دعّمها في التسعينيات، متسائلا عن الدعم الموجه لها في هذه الفترة بالذات عكس ما كانت تصرح به خلال الستينيات، ولا ندري لماذا هذا التغير المفاجئ؟ وأنا لا أعيب على أغنية الراي إيقاعها السريع، بل أعيب عليها كلماتها البذيئة والتافهة والساقطة في أغلبها، والتي لا هدف لها إلا إثارة الشباب من خلال تدعيم أغانيها باللغة الفرنسية، وحتى الذين يشجعون الفرانكو- عربية لم يكونوا بهذا المستوى، كما حدث في مصر، حيث فشلت التجربة، مضيفا أن كلمات أغنية الراي ساهمت في عدة حوادث كانتشار المخدرات. ورغم انحطاط أغنية الراي إلا أنها لا تزال تلقى الدعم والمساندة، ونوّه عمر بوزيد بالروح الفنية لبعض الفنانين الذين اعتزلوا أغنية الراي وغيروا اتجاههم الغنائي، وتساءل عن أسباب تبنّي باريس لمهرجان الراي لمدة شهر كامل في الثمانينيات، ولم تفعل ذلك مع الأغنية الأمازيغية أو الأغنية الوهرانية، لنصل إلى نتيجة مفادها أن دعم أغنية الراي في الجزائر يتم دون رقابة وهو فعل مقصود، وهذا لا يعني أن نمنع الغناء عن الحب أو الغزل بل يجب أن نحترم المستمع ولا يتم ذلك إلا بالرقابة. فوزية لارادي" شاعرة" أكدت فوزية لارادي أنه يجب أن نقتدي بأغنية بن قيطون التي تتغنى بالمرأة ونختار الكلمات الراقية، مؤكدة أن تدني أغنية الراي أصبح محسوسا في الآونة الأخيرة، ولا يبقى في الساحة الفنية إلا الأعمال الجيدة رغم كونه من التراث الجزائري. وتساءلت الشاعرة عن الأسباب التي تدفع بالاهتمام بالطبوع الغنائية المعروفة بالجزائر، وعن الأسباب التي جعلتها في مرتبة ثانية بعد الراي التي اكتسحت الساحة وقلوب الجزائريين وكأنه النوع الغنائي الوحيد عندنا، وأرجعت ذلك للإعلام العربي والأوربي الذي ساهم في انتشارها، حيث يعرفون كل أسماء وأغاني الراي التي لا ترقى إلى مستوى الاستماع خاصة في الوطن العربي، وصرحت أنها ليست ضده بل هي مع الفن الجميل ومراعاة المستمعين من الشباب الفقير والعاطل عن العمل، لكن يوجد من الفنانين من يراعي الكلمات والجانب الفني ويرجع السبب لاكتساح أغنية الراي إلى الظروف الاجتماعية لأن الاستماع للأغاني الهادفة يجب أن يكون متحررا من مشاكل الحياة، فأغنية حيزية تتغنى عن الحب ويصور "جمال حيزية" بأدق أوصافها لكن بأسلوب مهذب، وهذا ما جعل عمر الأغنية يطول ويحب أن نختار ما نقدم لمجتمعنا مع مراعاة ما يحبه الشباب، وأغنية الراي لا تراعي هذا الجانب. والغريب في الأمر أن أغنية الراي التي كانت تقدم في البيوت الليلية ولفئة معينة أصبحت تقدم عبر الإذاعة والتلفزيون بل حتى في الأعراس، وتضيف أن المواضيع التي تتناول المرأة تستعمل الألفاظ المبتذلة، حيث أصبحت تشمئز منها، أما اختيار الشباب لأداء أغنية الراي فترجعه للربح السريع وتطالب بتنقية الكلمات فقط مع مراعاة أذن المستمع.