يعرض حاليا برواق محمد راسم، معرض لوحات كاريكاتورية للرسام الكاريكاتوري الراحل ناجي العلي، برعاية وزيرة الثقافة وجمعية البيت للثقافة والفنون وبمساهمة الاتحاد الوطني للفنون الثقافية. المعرض الذي تم افتتاحه في إطار تظاهرة "القدس عاصمة أبدية للثقافة العربي"ة وضمت أكثر من 40 لوحة كاريكاتورية ذات مواضيع متنوعة مركّزة على الأم والوطن، إذ تميزت هذه اللوحات بالجرأة والتنوع في الطرح، كما في لوحة "إنني لست حزينا" التي تصور القمع والحصار من خلال شخص يطير بأجنحة من جواز سفر اسرائيلي رمزا للحرية وصورة للجنود الفلسطينيين المكفنين بجواز سفر فلسطيني. المعرض لم يقتصر على صور الجنود بل شكلت المرأة والأم والرضع والعجائز مكانة كبيرة لدى ناجي العلي، التي انتهكت حقوقها ورمّلت وفقدت فلذات أكبادها وكانت كل الصور تعبر عن حب الأم وخوفها على أبنائها الذين يقتلون يوميا برصاص الغدر وكأن ناجي العلي يؤكد خوف إسرائيل من الجيل الجديد الذي ينمو وفي أحشائه حب الوطن. إلى جانب مجموعة من اللوحات المتنوعة التي اتخذت من الأشواك الشائكة إطارا لها وصور أخرى لجراح الفلسطينيين المبتوري الأيدي والأرجل وهم في حالة سكون. وكان ضمير الثورة في لوحاته ينطق عبر التعليقات المدونة في لوحاته وكأنها تفسير للمشاهد الذي لا يفهم معنى اللوحات المقصود منها والتي يتحدث عنها بضمير الغائب المتفرج لما يحدث بفلسطين. وشكّلت المواضيع المتنوعة في لوحاته ثراء فنيا، أضفى على قاعة محمد راسم جوا رهيبا وكأنه نقل لنا المشاهد الدموية الحيّة إلى القاعة، ليقول أنا مع تحرير فلسطين كاملة، وكأنه يرفض تسليم شبرو احد منها، ليؤكد أن همّه هو همّ الجميع. وتحدث عن الحزن والعاطفة الوجدانية والإنسانية النبيلة، وكان موضوع الرصاص والخطوط الحمراء شاهدا عليها منذ طفولته، ليؤكد للقرّاء أن ما أسماه حنظلة الموجود عبر لوحاته رمزا للمرارة في البداية وقدّمه طفل صغير تطور مع الوقت ليصبح حنظلة هو الأفق القومي والكوني والإنساني، وفسّر إدارته لظهره بأنه متفرج أول للوحاته وأنه يروي المراحل الأولى للرسمة. وكان يقول عن إمكانية رسمه لحنظلة مكشوف الوجه "عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة وتستعيد كل الشعوب حريتها عندها يمكن لحنظلة أن يدير بظهرة ليكشف لنا عن ملامح وجهه". للإشارة، فإن ناجي العلي من مواليد عام 1936 وينحدر من أسرة فقيرة تعيش على الزراعة سافر عام 1948 إلى لبنان ودرس بمدرسة اتحاد الكنائس المسيحية وتعذر عليه مواصلة الدراسة، ليتجه للعمل في الزراعة ثم ذهب إلى طرابلس ليتعلم صنعة في المدرسة المهنية التابعة للرهبان البيض، ليغادرها بعد عامين إلى بيروت، ليعمل في ورشة صناعية ليعيش حياة متقشفة حتى عام 57 حين سافر إلى السعودية بعدما تحصل على دبلوم في الميكانيك، وكان يتخذ من الرسم فسحة لينفّس عن همومه. أنشأ نشرة سياسية بيده عام 60 ليدخل أكاديمية الرسم (اليكس بطرس) لمدة عام ولم يداوم فيها بسبب متابعة الشرطة له. دخل عدة مرات للسجون اللبنانية، زاول دراسته بعد خروجه في كلية الجعفرية لمدة 3 سنوات ليسافر إلى الكويت للعمل في مجلة الطليعة الكويتية رساما ومخرجا ومحررا وصحفيا ليجمع المال لإكمال دراسته بالقاهرة أو بإيطاليا. وفي عام 68 عمل بجريدة السياسة الكويتية حتى عام 75، وعمل بجريدة السفير 83 / 79 وانتخب رئيسا لرابطة الكاريكاتير عام 82، ليعتقل بصيدا خطأ، وكان مشواره السياسي قد أنهك عائلته ليسافر إلى الكويت للعمل بجريدة القبس الكويتية حتى عام 85، وكانت له عدة مشاركات في المعارض العربية والدولية. صدر له ثلاثة كتب من 76 إلى 85، ضمت عدة رسومات وكان بصدد نشر كتابه الرابع لولا رصاص الغدر. حصل على عدة جوائز في معرض الكاريكاتير للفنانين العرب في دمشق عام80 وكان عضو الأمانة العامة للاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين. نشر أكثر من 40 ألف لوحة كاريكاتورية، عدا اللوحات المحظورة وقد اختارته صحيفة (اساهي) اليابانية كأحد أشهر عشرة رسامي الكاريكاتير في العالم ووصف من قبل اتحاد ناشري الصحف في باريس بأنه واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير في نهاية القرن 20.