تواجه الحكومة التركية الحالية بقيادة رئيس حزب العدالة والتنمية، ذو التوجه الإسلامي أردوغان، حملة إعلامية وسياسية واسعة من طرف العلمانيين والمدافعين عن جمهورية كمال أتاتورك، لاسيما بعدما طالت يد الحكومة مثقفين إعلاميين، سياسيين وعسكريين متقاعدين، الداعمين للمنظمة الانقلابية "ارغينيكون"، خاصة بعد إشاعة وجود أطراف خارجية تقف وراء هذه المنظمة للإطاحة بحكومة أردوغان. يرى المحللون أن مواقف أردوغان الأخيرة، لاسيما أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، قد ساهمت بشكل كبير في عودة العلمانيين، من خلال محاولاتهم الإطاحة بحكومة أردوغان والتي كان آخرها، مظاهرة آلاف العلمانيين في أنقرة، إذ طالبوا باستقالة حكومة أردوغان احتجاجا على التحقيق الذي يجريه القضاء حول تنظيم "أرغينيكون" المتهم بالتخطيط لإسقاط حكومة "حزب العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية، حيث جرت هذه المظاهرة عند ضريح مؤسّس تركيا الحديثة "كمال أتاتورك"، مما يوضح حسب ما يراه المحللون، أن العملية تقف وراءها أطراف خارجية، للقضاء على الجذور الإسلامية لتركيا. وقد أسفرت التحقيقات التي جرت مع منظمة أرغينيكون السرية، عن كشف خيوط اللعبة، والتي تشير إلى احتمال وجود علاقة للموساد الإسرائيلي بهذا التنظيم. كما يرى المحللون السياسيون أن بلوغ الاستياء التركي على المستويين الرسمي والشعبي من انتهاكات الجيش الإسرائيلي في غزة مبلغا، أثار قلق القادة الإسرائيليين، لاسيما بعد أن انتقد رئيس الوزراء التركي أردوغان بشدة تل أبيب في كلمته أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، واصفا العدوان، بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، وما إن رفضت إسرائيل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860 والذي يحضها على الوقف الفوري لعدوانها على غزة، حتى ناشد أردوغان المجتمع الدولي بإجبارها على تنفيذ القرار وفرض عقوبات عليها ومنعها من دخول مبنى الأممالمتحدة. وبالتزامن مع إعلانه دعم تركيا للمجموعة العربية في الأممالمتحدة كونها عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي، استثنى أردوغان إسرائيل من جولة شرق أوسطية له عقب بدء العدوان، كما جمّد اتصالاته مع المسؤولين الإسرائيليين، حتى يتم وقف إطلاق النار، فضلا عن رفض وزير الخارجية التركي علي بابا جان طلباً من نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني لزيارة أنقرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو الأمر الذي يوضح جليا حسب ما يراه المحللون، وقوف إسرائيل وراء "أرغينيكون" للإطاحة بسليل العثمانيين وذي التوجهات الإسلامية طيب أردوغان.