مع اشتداد موجات البرد وتتابعها في هذه السنة برزت ألبسة تقليدية على أعتاق الشباب الجزائري وفي مقدمتها "القشابية" التي كنا نظن أنها كانت محصورة في المناطق الهضاب والولايات الداخلية وفقط ليمتد زحفها إلى العاصمة والمدن الساحلية الكبرى. محمد شيحات لم يعد من الغريب أن نشاهد شبابا وفي مختلف الأماكن خاصة في الأيام الباردة والممطرة التي تعيشها الجزائر هذه الأيام يلبسون "القشابيات" وحتى "البرانس"، وكل متوجه إلى وجهته أيا كانت المدرسة الجامعة أم الشركة. تقدمنا من أحد هؤلاء الشباب وهو طالب كان متوجها إلى الجامعة فسألناه عن سبب لباسه لهذه "القشابية" فقال لنا إنه يلبسها لأول مرة هذه السنة وقد اشتراها من مدينة بوسعادة. وأضاف أنها لباس ملائم فهي دافئة ولا تخترقها مياه الأمطار إذا تبللت، أما حميد والذي يعمل شركة خاصة ببوزريعة فقال إن المكان الذي يعمل فيه بارد ورغم أنه لم يكن يستسيغ لباس القشابية من قبل ولكنه بعدما لمح العديد من الشباب هنا بالعاصمة يلبسونها أصبح لا يتوانى في الخروج بها حتى للعمل. أما السيد مروان والذي يبيع بعض أنواع هذه القشابيات والبرانس فقال لنا إن هذه الألبسة التقليدية أصبحت مطلوبة من الجزائريين هنا وبخاصة الشباب الذين ارتفع معدل شرائهم لهذه الألبسة. أما البرانس فما زال الكبار في السن هم أكثر زبائنها. وعن نوعية القشابيات التي يقبلون عليها قال لنا بأنها بسيطة وتكون في الغالب مصنوعة بأنواع من الصوف وهي تتجاوز أسعارها في المناطق الداخلية 1500 دينار أما هنا في العاصمة فتباع ب2200دينار، وبالنسبة للأنواع الأخرى فيقل الإقبال عليها خاصة المصنوعة ب 100 بالمئة من الوبر والتي يتجاوز سعر قماشها الثلاث ملايين سنتيم ناهيك عن ثمن تفصيلها بحسب مقاس الزبون وهي تصنع بحسب الطلب. أما السيد محمد، الذي تمتلك أسرته محلين لبيع وتفصيل القشابيات والبرانس والملابس التقليدية بالمدية، فأكد لنا أن هذه الألبسة "زاد الطلب عليها في المدية وخاصة من أبناء العاصمة فهناك شباب ورجال يأتون خصيصا من العاصمة والبليدة وحتى تيبازة من أجل شراء البرانس التي نقوم بتفصيلها بحسب قياساتهم"، مؤكدا أنه يقوم بتفصيل أجود الأقمشة باليد وهذا ما يرفع من أسعارها حتى 38 ألف دينار أما الأنواع الحسنة من الأقمشة والتي تكون في الغالب خليطا بين الصوف والوبر بنسب مختلفة فإنه يقوم بتفصيل أجزاء منها بماكينة وأجزاء أخرى باليد كي يكسبها لمسته الخاصة. لم نتوقف عن رصد آراء الشباب الذين يقومون بالتمسك بهذه الرموز التقليدية عند هذا الحد فقط، فلقد التقينا العديد من الشابات بشكل خاصة يحملن حقائب نسائية تقليدية، ويتوجهن بها إلى أعمالهن ومدارسهن وحتى في جولاتهن وتسوقهن. "جقجيقة" قالت لنا بأن هذه الحقيبة لا تفارقها كما أن لديها العديد من الألبسة التقليدية والتي لا تتوانى في لبسها في أحيان عديدة فهي ترى فيها رموزا لهويتها. كما أكد لنا "حمزة" بأن هذه الألبسة يزداد الإقبال عليها من طرف الفتيات في المواسم التقليدية، ضاربا مثالا بما تقوم به العديد من الفتيات في منطقة القبائل حيث يلبسن أثواب بيضاء تسمى ب "تاقندورت" و"تاكتيوت" خاصة في أيام الربيع الأمازيغي لمدة أسبوع .