طغت على واجهات محالات الأزياء بالجزائر شتاء المعاطف الكشميرية والباريسية والجاكيت الجلدي دون منازع لسنوات عدة، وها هي اليوم تفقد شيئا من مكانتها بعدما غزت بعض الملابس التقليدية بتشكيلات مختلفة الواجهات في حلة عصرية سواء للرجال أو النساء، نتيجة الرواج الكبير الذي تلقاه في أوروبا بحيث يروج لها بطريقة غير مباشرة من خلال البرامج التلفزيونية والمسلسلات الأوروبية. تعرض في الآونة الأخيرة الكثير من المحلات التي مازالت وفية للملابس التقليدية، تشكيلات معتبرة من القشابيات النسوية المصنوعة من الصوف والقشابية الخاصة بالرجال المصنوعة من الوبر، والتي حملت ألوانها ورسوماتها جمال الطبيعة الجزائرية، وتعرف القشابية النسوية متوسطة الطول إقبالا معتبرا من طرف الفتيات والسيدات اللائي اكتشفن سحرها الذي عصفت به رياح الموضة، لكنها بقيت محافظة على مكانتها خصوصا أنها تعتبر أحد أبرز معالم الزي التقليدي الجزائري الأصيل، علاوة على ماضيها وتاريخها العميق، كما تزينت أعناق الشباب والشابات بالكوفية الفلسطينية التي دخلت عالم الموضة من بابه الواسع بألوان وأشكال مختلفة هذه السنة. إقبال واسع بسعر لا يتجاوز 3500 دج تزينت واجهات المحلات على طول شوارع العاصمة بقشابيات صوفية نسوية مختلفة الألوان يترأسها الأحمر والأسود والأبيض المصفر، مطرزة بأشكال هندسية وتصاميم دقيقة ومتناسقة جدا أبدعت الأنامل الجزائرية في تطريزها لإعطائها شكلا جميلا يتماشى مع آخر صرعات الموضة، حيث عادت القشابية بقوة في عصر التغيرات الاجتماعية والحضارية لتذكر بالجذور الأصيلة وعمق التاريخ الجزائري، هذا ما لمسناه أيضا من مظهر الفتيات والسيدات هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية التي عرفت فيها تراجعا كبيرا أمام أصناف أخرى من الألبسة. ويتراوح سعر القشابية بين 2800دج و3500دج، ما يجعلها في متناول كل الفتيات، وخاصة منهن المحجبات اللواتي أعجببن بالقشابية النسوية الجزائرية التي تبحث عن الحفاظ على مكانتها مع غزو الجلابة المغربية للسوق الجزائرية بما تحمله من أصالة وعراقة. ولم يغيب عالم الموضة والجمال الرجال من قائمته، فالقشابية الرجالية أيضا عرفت هي الأخرى ومنذ سنتين تقريبا حضورا قويا وسط الشباب بالعاصمة بعدما كانت حكرا على الكهول والشيوخ في المناطق الداخلية للوطن وخصوصا الهضاب العليا والصحاري التي تمتاز ببردها القارس وثلوجها الكثيفة، إلا أن حضورها يبقى محتشما جدا ومقتصرا على فئة معينة من الشباب من متتبعي الموضة، علما أن سعر القشابية الوبرية بيضاء اللون أو البنية باهظ جدا ويصل في بعض الأحيان إلى 90 000 د ج، إلا أنها تتوفر بنوعيات مختلفة تتراوح أسعارها في الغالب بين 5000دج إلى 10 آلاف دينار. الكوفية الفلسطينية تتلون بغير الأحمر انتشرت الكوفية الفلسطينية بصورة كبيرة في محلات بيع الملابس الجزائرية كما تراها عند الكثير من الشباب، على الرقبه أو الرأس أو صدر الكبار والصغار بنقشتها المميزة شباك أو أسلاك شائكة مربعة ومستطيلة، ثقيلة وخفيفة، بألوان مختلفة الأبيض والأسود، البنفسجي، الأحمر، والأزرق، والوردي، والبني، وعرضت بسعر 400 دج، علما أن معظم الكوفيات الملونة مستوردة من الصين وتايلاند. فالكوفية الفلسطينية هي الأخرى عادت لتميز موضة الشتاء وهي تعتبر رمز الرجولة والشرف عند الفلسطينيين، وارتبطت لسنوات طويلة بنضال الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل والتي كان يرتديها الزعيم الراحل ياسر عرفات، وشكلت منذ الستينيات وسيلة الشباب للتعبير عن ثورتهم، كما أن اللون الأسود فيها يعكس بساطة الحياة الفلاحية، حيث كان الفلاح يعتمد عليها في مسح عرقه، في حين استعملها الفدائيون لإخفاء معالم وجوههم، وهاهي اليوم تخرج عن رمز الرجولة والشهامة بدخولها عالم أزياء النساء سواء من ناحية ارتدائها أو من ناحية الألوان الأنثوية الصارخة التي تلونت بها. وفي جولتنا بين أسواق العاصمة أين كنا نتفحص هذا النوع الجديد من الكوفيات، كان يؤكد لنا أصحاب المحلات أن الشباب غالبا ما يطلب اللون الأبيض بالأسود الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الفلسطينية، في حين تفضل الفتيات الألوان الزاهية التي تتماشى مع ملابسهن التي تخضع لسلطة الموضة.