بداية نهاية الشيخوخة في البطولة الوطنية لا يختلف اثنان في أن مستوى البطولة الوطنية الجزائرية في تدهور مستمر منذ أكثر من عشر سنين، وهذا راجع إلى تراجع مستوى اللاعب الجزائري الذي أضحى لا يضاهي مستوى اللاعبين في بطولات الأشقاء كتونس والمغرب، وحتى مصر، وهو ما أثّر على المستوى الفني والتقني لبطولتنا التي أضحت تضاهي أضعف البطولات على المستوى العالمي، لكن لا داعي لتشخيص الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع الرهيب في المستوى، لأن الأمور أضحت واضحة والعلة شخصت منذ مدة طويلة، يعلمها العام والخاص؛ ألا وهي سوء التسيير من جهة، وغياب مراكز التكوين من جهة أخرى، مما أدى إلى عدم بروز لاعبين شبان في السنوات الماضية. وبمجرد أن يظهروا، يمضوا على اختفائهم نهائيا بعد سنة واحدة على أقصى تقدير. * الشيخوخة تصنع أمجاد الفرق الوطنية رغم أن الجميع يتحدث عن عدم الاعتماد على الشبان في فرقنا وعن غياب التكوين لديها، لكن الحقيقة أن اللاعبين الكبار الذين فاق عمرهم الثلاثين فأكثر، لازالوا يصنعون الفرجة في نواديهم، مما يجعل الاستغناء عنهم أمرا مستحيلا حاليا. فما يصنعه دزيري بلال وعمار عمور في إتحاد العاصمة، وعرفات مزوار في مولودية وهران، وبرڤيڤة في شباب بلوزداد، وحتى فيصل باجي في مولودية الجزائر، لا يمكن أن يصنعه أحد من اللاعبين الشبان الحاليين. ففريق إتحاد العاصمة على سبيل المثال، عزف عن الفوز لمدة أربع جولات كاملة، غاب عنها بورحلي ودزيري. وبمجرد عودة هذا الثنائي، عاد الفوز لملعب بولوغين وسجل ثعلب المساحات ثنائية وفاز اتحاد العاصمة بثلاثية ثمينة، وهو ما يثبت أن الشيخوخة تطغى على بطولتنا وتسيطر عليها بشكل مطلق. * تراجع المستوى أثّر بشكل مباشر على الفريق الوطني الحديث عن تراجع مستوى البطولة الوطنية وغياب التكوين، يقودنا مباشرة للحديث عن تراجع مستوى المنتخب الوطني. فلاعبون صنعوا أمجاد المنتخب من قبل، كدزيري وتاسفاوت، لم يعودوا قادرين على اللعب في المنتخب حاليا، والبديل أضحى غائبا، مما أثّر على الفريق الوطني في العشرية الأخيرة. والسبب الوحيد؛ هو الاعتماد على لاعبين كبار في البطولة، وإهمال الفئة الشبانية، لكن مسؤولي الفرق لا يملكون الخيار طالما البديل غير موجود والضحية بقي دائما المنتخب الوطني، الذي عزف عن التأهل مرتين متتاليتين إلى كأس إفريقيا للأمم، بعدما كان من قبل ينافس على الفوز بها في كل دورة، وما تأهل منتخبنا للدور الثالث حاليا إلا بفضل الاعتماد على اللاعبين المحترفين الذين يفوق مستواهم مستوى لاعبينا في البطولة، على غرار زياني، بوڤرة، عنتر يحيى والبقية، وإلا لكان منتخبنا يعاني مع أضعف المنتخبات العالمية حاليا. * "الفاف" تطل بقوانين جديدة على البطولة الوطنية قررت الفدرالية الجزائرية لكرة القدم، برئاسة محمد روراوة، تشريع قوانين جديدة ستطرأ على البطولة الوطنية بمختلف أقسامها خلال الموسم الكروي الجديد 2009 2010، الهدف منها الرفع من مستوى البطولة الوطنية ومنح فرصة أكبر للشبان. كما مست هذه القوانين اللاعبين الأجانب، ومست حتى الأقسام السفلى، والتي تدخل في إطار الإصلاحات التي ينوي روراوة القيام بها في كرة القدم الجزائرية في العهدة الأولمبية الجديدة؛ وهدفه الوحيد هو القضاء على كل المشابهات والأمور التي شوهت الكرة في الجزائر، والتي مست بشكل مباشر الفريق الوطني الجزائري، الذي أضحى يعاني من أزمة يصعب الخروج منها، وكل هذا من أجل منح فرصة أكبر للشبان وقطع الطريق في وجه المناجرة غير المعتمدين. * لاعبان أجنبيان في الفريق وواحد منهما في ورقة اللقاء ومن بين القوانين الجديدة التي أطلت على كرة القدم الجزائرية، والتي ستدخل حيز التنفيذ خلال الموسم الكروي الجديد 2009 2010، انتداب لاعبّين أجنبيّين فقط في القائمة النهائية للفريق، لكن لا يحق لهما اللعب في نفس اللقاء، وبالتالي فإن الفرق الجزائرية ستكون مجبرة على وضع لاعب أجنبي واحد ضمن القائمة ال 18، وهذا حسب القانون الجديد الذي أقرته الفدرالية الجزائرية لكرة القدم، بعدما كان بمقدور الأندية جلب ثلاثة لاعبين أجانب وإمكانية إشراكهما في مباراة واحدة. لكن بداية من السنة القادمة، ستتغير الأمور وسيصبح الأجانب أقل بكثير مما هم عليه حاليا. * إشراك الشبان إجباري في اللقاءات الرسمية وبخصوص اللاعبين الشبان الذين تقل أعمارهم عن 18، 19 و20 سنة، فإن الفدرالية الجزائرية لكرة القدم وضعت قانونا جديدا يجبر الفرق الجزائرية، وبكل أقسامها، على تسجيل ثلاثة أسماء في ورقة اللقاء ضمن القائمة ال 18 لفريق الأكابر، مع إجبارية إشراك لاعبَين طوال اللقاء، وهذا ما سيعطي الشبان فرصة كبيرة للعب مع الأكابر الموسم القادم. وبما أن كل لاعب معرض للعقوبة والإصابة، فسيضطر كل فريق إلى تسجيل أكثر من خمسة لاعبين من الأواسط في قائمة الفريق، التي ستلعب البطولة، وهذا ليتمكن من إشراك لاعبَين على الأقل في كل مواجهة. * القضاء على الشيخوخة في الأقسام السفلى كما أتت الفدرالية بقوانين جديدة أخرى، تخص أعمار اللاعبين؛ والهدف منها القضاء على الشيخوخة وإعطاء الفرصة أكثر للشبان لتفجير طاقاتهم، حيث قررت هيئة روراوة عدم السماح للاعبين الذين تتجاوز أعمارهم 32 سنة لعب كرة القدم، وهنا الأمر يتعلق ببطولة ما بين الرابطات، بينما في بطولة القسم الجهوي، الولائي وما قبل الولائي، فإن الفدرالية الجزائرية وضعت 30 سنة كأقصى حد للاعبين للمشاركة. ويفهم من حيثيات هذه القوانين، أن "الفاف" تنوي تشبيب البطولة الوطنية لكرة القدم الجزائرية للفئات الصغرى، وترى أن هذه الفئات هي المصدر الأول الذي يمول القسم الوطني الأول، والدليل أن أكبر اللاعبين مروا على الأقسام السفلى، على غرار عمار عمور، دراڤ، ديس، ماروسي، بلعواد... والقائمة طويلة. * روراوة يشجع اللاعبين الشبان في البطولة بعد سرد هذه القوانين التي نصتها الفيدرالية الجزائرية لكرة القدم، بعد التشاور مع الرابطة الوطنية، والإمضاء عليها من طرف رئيس الفاف محمد روراوة، فإن الشيء الملاحظ أن المبتغى الأول هو القضاء على الشيخوخة في البطولة الوطنية، بداية بإلزام إشراك لاعبَين من أصل ثلاثة من الأواسط في اللقاءات الرسمية، وهذا ما سيستبشر له الشبان الذين فقدوا كل الأمل في اللعب مع فرقهم في القسم الأول، لكن القوانين الأخيرة تهدد الشيخوخة وتمنح فرصا أكبر للشباب الذين لا تفوق أعمارهم 19 سنة، أي ما يعادل سن الأواسط. والمبتغى من هذه القوانين؛ هو محاولة دفع الشبان إلى التألق ومحاولة الحد من ظاهرة الشيخوخة في بطولتنا التي أضحت تعتمد عليهم بسبب نقص الطاقات الشبانية. ... ويرى أن تقليص الأجانب يرفع من مستوى البطولة والفريق الوطني من بين الأمور التي تطرق إليها القانون الجديد ل "الفاف"؛ هو تقليص اللاعبين الأفارقة إلى لاعبَين فقط بدل ثلاثة، ومشاركة لاعب واحد في اللقاء. والمبتغى من هذا القرار واضح؛ وهو محاولة الرفع من مستوى البطولة الوطنية لتزويد أكبر للفريق الوطني، فنظرية كثرة اللاعبين الأجانب في البطولة تؤثر على مستوى الفريق الوطني ثبتت في أكبر البطولات العالمية، على غرار البطولة الإيطالية التي اعتمدت على النجوم العالميين، مما جعل المنتخب الإيطالي يتراجع ولم يتمكن من العودة إلى الواجهة حتى تخلص من الانتدابات، مما جعله يفوز بكأس العالم الأخيرة. والدليل الثاني، هو الفريق الإنجليزي الذي لم يشارك في بطولة أمام أوروبا الأخيرة بسبب كثرة نجوم الكرة العالميين في بطولتهم، وكل هذا جعل روراوة يفكر بنفس الطريقة، مما جعله يقلص من عدد الأجانب، مما يجعل مشاركة لاعب واحد فقط في المباراة، وهذا محاولة منه الرفع من مستوى البطولة والفريق الوطني. * رؤساء الفرق بين مؤيد ومعارض عرفت هذه القرارات ردود أفعال متباينة لرؤساء الفرق والمدربين و التقنيين، فمنهم من ساند السيد محمد روراوة وأكد أنه في خدمة كرة القدم الجزائرية وستساهم هذه القوانين في تطويرها، ومنهم من رفضها جملة وتفصيلا واعتبر الأمر وقوفا في طريقهم، خاصة أكبر رؤساء الفرق الذين يعتمدون على جلب أفارقة ذوي مستوى كبير من جهة، ويعتمدون على سياسة النجوم، حيث يرون أن إشراك لاعبَين من الأواسط يقف في وجههم ولا يسمح لهم بالتنافس على الألقاب، كما هو الحال في الوقت الراهن، ووصل ببعض رؤساء الفرق حتى الطعن في القرار وطلب اجتماعا برئيس "الفاف" لمناقشة هذه القرارات التي يرون أنها مجحفة في حقهم. ومن بين المعارضين لهذه الفكرة، هم المناجرة المعتمدين وغير المعتمدين، خاصة الأفارقة الذين ينشطون في الجزائر، حيث يرون تقليص عدد الأفارقة لا يخدم البطولة الوطنية، خاصة الفرق التي تعود بأرباح طائلة في حال تحويلها لأحد اللاعبين إلى البطولات الأوروبية، ولهذا ارتأينا أن نقدم بعض التصريحات لرؤساء الفرق والمدربين لأخذ صورة معينة عن رأي كل واحد منهم حول القرارات الأخيرة للفيدرالية الجزائرية لكرة القدم.