أكد مصدر من محافظة الغابات بولاية جيجل، أن مصالح القطاع تعمل من أجل استرجاع المساحات الضائعة من أشجار البلوط الفليني الذي تشتهر به الولاية، والذي تعرض إلى عمليات تدمير خلال العشرية السوداء، سواء بالحرائق أو النهب، إلا أن تقرير لجنة الفلاحة والري والغابات للمجلس الشعبي الولائي يعتبر أن الجهود المبذولة قد فشلت فيما يتعلق بعمليات التشجير بالطريقة المتبعة حاليا، ودعت اللجنة إلى إيقافها والبحث عن طرق أخرى ناجعة عبر عمليات كبيرة يتم إنجازها بتنسيق بين محطة الأبحاث الغابية ومحافظة الغابات ومديرية المصالح الفلاحية. ولاحظ نفس التقرير تراجع إنتاج الفلين بالولاية من 85 ألف قنطارا سنة 1985 إلى 8 آلاف قنطارا سنة 2010 بينما شجرت محافظة الغابات 5982 هكتارا من الأشجار الغابية بلوط كافور صنوبر في الفترة الممتدة بين 2003 و2010 المساحات اعتبرت قليلة جدا إذا ما قورنت بما يتلف سنويا. وكمثال على هذا الضعف، ذكر التقرير أن المساحة التي أتت عليها الحرائق ما بين 2004 إلى 2010 هي 17006 هكتارا، في حين أن المساحة المغروسة خلال نفس الفترة هي 1829 هكتارا وهوما يمثل 10.75 بالمائة فقط من المساحة المحروقة. أشجار مقاومة للحرائق وحسب بعض المختصين، فإن تعرض غابة الفلين لحريق لا يعني تدمير كل أشجارها، فهذه الشجرة مقاومة جدا للحريق. وحتى يتم القضاء عليها نهائيا، يجب أن تتعرض إلى الحريق ثلاث مرات متتالية مرة كل عام. وفيما يتعلق باسترجاع المساحات الضائعة، ذكر مصدرنا السابق أن محافظة الغابات قامت بعدة تدابير منها.. خلق مشتلة تنتج 750 ألف شجيرة فلين في السنة. ويتم في إطار البرنامج الوطني للتشجير غرس 2400 هكتار في السنة، مع التوجه نحو الزيادة مستقبلا للوصول إلى 3 آلاف هكتار سنويا، بما في ذلك برنامج بغلاف مالي قيمته 60 مليار سنتيم لتشجير الأحواض الدافقة الذي استفادت منه الولاية لحماية السدود من انجراف التربة وتخفيف الضغط عن الغابة باستحداث مساحات رعوية وفلاحية. وذكر أيضا مصدرنا أن التصدي للإعتداءات اليومية على الغابة من المهام اليومية للشرطة الغابية إذ يتم تسجيل معدل حوالي 10 محاضر يوميا ما بين تعدي على الغابة بمختلف الأشكال خاصة سرقة الفلين، والقطع العشوائي للأشجار وتعرية الغابة قصد فلاحة الأرض أو السكن فيها، وأن ولاية جيجل كانت تنتج حوالي 30 ألف قنطارا. لكن بسبب الحرائق والإتلاف العمدي، تراجع الإنتاج إلى ما بين 10 و14 ألف قنطارا في السنة. وكان الإنتاج هذه السنة كما قال 10 آلاف قنطارا. بإمكان الجزائر استرجاع مكانتها في إنتاج الفلين ويشير أحد المصنعين المختصين في تحويل مادة الفلين وتصديرها إلى الخارج بمرارة، إلى تقهقر الجزائر في إنتاج وتصدير مادة الفلين من الريادة عالميا إلى آخر مراتب الدول السبع المنتجة لهذه المادة والمتواجدة كلها على ضفاف البحر المتوسط، ولكنه يؤكد أن الجزائر بإمكانها استعادة المبادرة واسترجاع مكانتها خلال مدة لا تزيد عن 15 سنة إذا طبقت سياسة رشيدة في رعاية غابات البلوط المنتجة للفلين وتوسيع مساحاتها، مما يسمح بإمكانية استحداث 100 ألف منصب عمل مباشر في مصانع تحويل الفلين بدلا من 2000 منصب الموجودة حاليا عبر الوحدات الموجودة عبر التراب الوطني. من جهة أخرى، ذكر مسؤول مصنع لتحويل الفلين يقع في عاصمة الولاية بأن الجزائر كانت قبل 30 سنة تحتل المرتبة الثالثة عالميا في إنتاج الفلين ب 25 ألف طن وتحتل المرتبة الأولى من حيث التصدير، لأن أغلب إنتاجها يوجه للتصدير مثلما هوالحال إلى اليوم. والمؤسف كما يقول هو أن إنتاج الجزائر اليوم لا يتعدى 5 آلاف طن مما يضعها في المرتبة ما قبل الأخيرة قبل فرنسا، في حين تسبقها تونس التي تنتج 10 آلاف طن رغم أن مساحة الفلين عندها لا تتعدى مساحة ولاية الطارف. وقد كانت سنة 1978 دائرة الميلية وحدها تنتج 7 آلاف طن. وتحتل البرتغال الريادة عالميا باستحواذها على 54 في المائة من السوق العالمي، وتأتي بعدها كل من إسبانيا وإيطاليا. ويعود سبب تراجع الجزائر هذا بالدرجة الأولى، إلى العشرية السوداء التي تضررت الغابات الجزائرية خلالها ضررا فادحا، لكن هذا جانب فقط تضاف إليه جوانب أخرى تعود المسؤولية فيها حسبه إلى إدارة قطاع الغابات لا سيما نقص المراقبة والصيانة والسماح لأيدي عاملة غير مدربة بالعمل في تقطيع الفلين حتى صار كل من هب ودب يقوم بهذا العمل، مما يلحق أضرارا بليغة بالأشجار ويؤدي حتى إلى موتها ويجعل كذلك نوعية الفلين رديئة بعدما كانت النوعية الجزائرية من أجود النوعيات عندما كان الإستغلال يتم وفق طرق علمية مدروسة، دون أن ننسى نهب الغابة من طرف صناع الفحم النباتي الذين يقطعون أشجار البلوط من أجل صناعة هذه المادة المطلوبة كثيرا من طرف بائعي الشواء ومجامر المطاعم الشعبية. ويرى هؤلاء أن أفضل طريقة لحماية الأشجار، هي قيام مصالح الغابات بإدماج السكان المجاورين للغابات في برامج صيانة وحماية البيئة التي تكاد تكون مهملة تماما، والتعاقد معهم على هذا الأساس ليقوموا بأعمال ميدانية تدر عليهم دخلا محترما يحفزهم حقيقة على الحفاظ على هذا الدخل القار بتنفيذ البنود التي ينص عليها دفتر الشروط. ميدان الفلين مشبع ولا يسمح بالمزيد من الوحدات يرى بعض المختصين أن الكمية المحدودة من الفلين المنتجة حاليا بالوطن، لا تسمح بإعطاء ترخيصات جديدة لإنشاء وحدات تحويل في هذا المجال، وبالتالي فلا داعي لخلق مضاربة ستضر الجميع وتهدد مناصب الشغل الموجودة، والتي تضر خاصة المصنعين الجزائريين الذين قاموا باستثمارات ثقيلة مكلفة ينبغي أن يكافؤوا حسبهم بالتشجيع، لأنهم يقومون بتحويل منتوج وطني مائة بالمائة وتوجيهه نحو التصدير، مما يعطيهم الحق في الأفضلية من الإستفادة من تسهيلات مماثلة لتلك التي تعطيها باقي الدول لمصدريها، مثل تمديد فترة تسديد القروض للبنوك وتسهيلات جمركية كفتح الرواق الأخضر أمامهم ومعاملتهم كمؤسسات من الدرجة الأولى ومرافقتهم ماليا وإداريا. لكن الذي يحدث عندنا حسب هؤلاء هو حصول متعاملين أجانب كان متعاملونا يصدرون لهم منتوجنا على رخص إنشاء وحدات تحويل هنا في الجزائر وتصدير المنتوج إلى بلادهم بأبخس الأثمان.