رفض مجلس الدولة في هولندا -وهو أعلى هيئة قضائية استشارية- مشروع قانون منع النقاب الذي تزمع الحكومة المتحالفة مع اليميني المتطرف خيرت فيلدرز تنفيذه العالم المقبل، معتبرا أنه اختيار شخصي وأن النساء أنفسهن هن المعنيات بقرار لبس النقاب أو عدمه. وصوت مجلس الوزراء الهولندي في جانفي المنصرم على قرار منع الملابس المغطية للوجه وفرض غرامة مالية على المخالفات. وجاء ذلك القرار بموجب وثيقة اتفاق حكومة الأقلية مع حزب الحرية الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، تقضي بفرض مجموعة من القوانين الصارمة على الأجانب ذوي الأصول غير الأوروبية بما في ذلك منع النقاب، مقابل دعم الحزب للحكومة في البرلمان دون أن يكون مشاركا فيها. وعلل مجلس الدولة رفضه لمشروع قانون منع النقاب بأن اللباس اختيار شخصي، موضحا في الوثيقة التي وجهها إلى الحكومة والغرفة الأولى والثانية أن منع ارتداء النقاب "يتعارض مع حرية التدين التي تضمنها كل التشريعات الوطنية والدولية". وأوضح المجلس في استشارته أن المرأة نفسها هي التي تحدد الوضع الذي يمكن أن تكون عليه سواء بتغطية وجهها أو تركه مكشوفا وليست القرارات الحكومية، وذلك ردا على ما ذهبت إليه الحكومة من أن منع النقاب سببه أنه يعارض مبدأ المساواة بين المرأة والرجل ويبعث على الشعور باضطهاد المرأة. أما قول الحكومة إن النقاب يبعث على الخوف وعدم الإحساس بالأمان لدى الناس في الأماكن العامة، فقال المجلس الهولندي إن الإحساس بعدم الأمان لا يوفر أرضية لإحداث قانون يحرم الآخرين من حق شخصي.ورغم أن الحكومة ليست ملزمة باستشارة مجلس الدولة، فإن قانونيين يرون أنها لا تستطيع أن تتغاضى عن هذه الاستشارة، وهو ما يفتح أفقا لحوار أوسع في البلاد واحتمال تأخير تنفيذ مشروع قانون منع النقاب.وقد عبر مسؤول من مجلس إدارة الشرطة الهولندية الأسبوع الماضي في برنامج تلفزيوني على القناة الهولندية عن استحالة تنفيذ قانون حظر النقاب في الأماكن العامة، قائلا "مبعث الخطر والتهديد في ارتداء مثل هذا النوع من اللبس غير بادٍ، ومهمتنا في الأساس حفظ الأمن، وفي هذه اللحظة لا نرى في تغطية الوجه أولوية أمنية ملحة".كما صرح في وقت سابق عمدة بلدية أمستردام وهو المشرف العام على الشرطة في بلديته بأن منع البرقع يعتبر إجراء مفرطا في الصرامة وتساءل هل ذلك من ضمن أولوياته؟ ولا توجد إحصائيات رسمية في هولندا تحدد عدد النساء المرتديات للنقاب ولكن مصادر غير رسمية تتحدث عن حوالي مائة منقبة، كما أن عددا كبيرا من المنقبات قد نزعن النقاب بسبب الصعوبات التي يواجهنها.وتساءلت زعيمة حزب اليسار الأخضر، يولانده ساب عن جدوى سن قانون خاص يستهدف مجموعة محددة ومحدودة العدد، وبينت أن هذا يدخل في إطار المزايدة السياسية ودغدغة أحاسيس الناس العاديين وتحويل اتجاه النقاش من القضايا الرئيسية إلى قضايا ثانوية.v