عادت معظم الطرقات الجبلية بولاية جيجل لتغلق، أمس الأول، أمام حركة المرور بفعل التساقطات الثلجية الجديدة التي تهاطلت على جبال عاصمة الكورنيش التي يزيد علوها عن (200) متر طيلة ليلة الإثنين وصبيحة امس الاربعاء، وهو ما ضاعف من مأساة سكان هذه المناطق المحاصرين وسط أكوام الثلوج منذ أزيد من أسبوعين. وقد دفعت موجة التساقطات الثلجية الجديدة، وكذا الأخبار التي تحدثت عن قدوم اضطراب جوي جديد محمل بكميات من الثلوج بداية من ليلة أمس، بالعشرات من سكان الأرياف الجيجلية الى ترك الجمل بما حمل والهروب نحو المناطق المنخفضة خاصة أولئك الدين يتوفرون على أهالي بالمدن المحاذية للساحل الجيجلي، وذلك بعدما تهاوت عزائمهم وأصبحوا عاجزين عن مقاومة البرد القارس وكذا خطر انهيار مساكنهم التي تساوى ارتفاع بعضها مع ارتفاع الثلوج، في مشهد أكد شيوخ هذه المناطق والذين تجاوز سن بعضهم الثمانين سنة بأنهم لم يعايشوه طيلة حياتهم. وعلى الرغم من تفطن السلطات بمعظم بلديات عاصمة الكورنيش للنقائص التي وقعت فيها فيما يتعلق بطريقة ازاحة الثلوج والتغلب عليها من خلال ابقاء الآليات المسخرة لإزاحة المارد الأبيض، وطلب دعمها باليات اخرى على مستوى المناطق الجبلية حتى تكون جاهزة للتدخل في أي لحظة، إلا أن ذلك لم يمنع من قطع معظم الطرقات التي تم فتحها خلال أول أمس بعد تهاطل كميات كبيرة من الثلوج ليلة الثلاثاء الى صبيحة امس الاربعاء ماأدخل المئات من سكان القرى والمناطق الجبلية، في عزلة جديدة بداية من صبيحة أمس أول الثلاثاء رغم محاولة الآليات الثقيلة اعادة فتح هذه الطرقات التي تضرر الكثير منها بفعل انجراف طبقات الزفت التي تغطيهاو وهو ما سيدخل مستعمليها في أزمة أخرى مباشرة بعد انتهاء أزمة الثلوج. من جهة أخرى، أطلق عدد من رؤساء المجالس الشعبية البلدية بعاصمة الكورنيش نداء استغاثة باتجاه المحسنين والتجار من أجل المساهمة في توفير المؤونة لسكان المناطق المعزولة، بعدما عجزت ميزانيات البلديات التي يشرفون عليها على تغطية نفقات القفف التي تم تخصيصها لسكان المناطق المنكوبة، وهو النداء الذي تفاوتت نسبة الإستجابة له من بلدية الى أخرى بحسب مصادرنا في الوقت الذي تواصلت فيه الهبة الشعبية من أجل تقديم يد العون لسكان المناطق المحاصرة من خلال توجه المئات من الشباب الى أعالي الجبال لتقديم الخبز والحليب، وحتى قارورات الغاز للمنكوبين، الى درجة أن بعض الشبان قطعوا أكثر من (20) كلم على الأقدام للوصول الى بعض المناطق التي عجزت وسائل الدولة عن بلوغها. .. وخسائر فادحة في المحاصيل الزراعية وأشجار الزيتون دق العشرات من الفلاحين وسكان المناطق الجبلية بجيجل، ناقوس الخطر بشأن الخسائر الفادحة التي تكبدوها من جراء التهاطلات الثلجية الأخيرة، والتي فاقت بكثير تلك المسجلة خلال حرائق الصيف الماضي وكذا العاصفة الثلجية التي ضربت الولاية سنة (2005). وأكد عدد من الفلاحين بأن الخسائر التي خلفتها الثلوج الأخيرة في صفوف مواشيهم وكذا حقولهم الزراعية تفوق الوصف، حيث هلكت العشرات من المواشي والأبقار وحتى الدواجن من جراء موجة الصقيع التي نجمت عن العاصفة الثلجية الأخيرة وكذا نفاذ العلف الذي أدى الى نفوق عدد كبير من هذه المواشي، بل ودفع ببعض الفلاحين الى ذبح بعضها بعدما أضحت تواجه الموت المحتوم، كما تسبب سقوط العديد من الأكواخ والإسطبلات التي كانت تأوي العشرات من المواشي في نفوق عدد كبير منها واصابة أخرى بجروح مختلفة بحسب بعض الفلاحين المعنيين، الذين أكدوا بأن الحصيلة الرسمية لموجة الثلوج الأخيرة تبقى مرشحة للإرتفاع في ظل تواصل سقوط الثلوج ووجود العشرات من رؤوس الماشية التي نجت من عاصفة، الأسبوع الماضي، تحت دائرة الخطر. من جهة أخرى، وفي سياق متصل بخسائر الثلوج الأخيرة، قدم عدد من الفلاحين صورة قاتمة عن حجم الخسائر التي طالت المنتجات الزراعية، حيث دمرت حقول بكاملها من جراء التساقط الكثيف للثلوج، وكذا الصقيع الذي أتلف عدد من المنتوجات الموسمية، ولو أن أفدح الخسائر هي تلك التي مست أشجار الزيتون، حيث تهاوت أغصان المئات من هذه الأشجار تحت ثقل الثلوج التي تجمعت فوقها، وهو ما يبشر بحسب هؤلاء الفلاحين بموسم زيتون كارثي خلال العام القادم، مما سيضاعف حتما من أزمة زيت الزيتون بعاصمة الكورنيش، والذي بلغت أسعاره أرقاما قياسية خلال الأسابيع الفارطة لكثرة الطلب عليه.