لم يخف الخبير الاقتصادي الدولي مبارك مالك سراي التداعيات السلبية الوخيمة التي من المحتمل أن يتعرض لها الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والبعيد في حال استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف حاليا بدول الاتحاد الأوروبي، وذلك من منطلق أن التعاملات التجارية للجزائر ترتبط بنسبة 80 بالمائة ) صادرات- واردات ( بدول أوروبا دون أن تفكر الحكومة يوما في الحلول التي من شأنها أن تحمي الاقتصاد الوطني وأبرزها البحث عن مناطق نشاط أخرى "احتياطية" ذات الربط الدولاري وهو مسعى شرعت العديد من الدول التفكير فيه قبل سنوات عديدة . وقال الخبير الاقتصادي الدولي ومسير مكتب الاستشارات العالمي " ألجيريا أنترناشيونال كونسولت " مبارك مالك سراي في لقاء جمعنا به مؤخرا على هامش زيارة وفد رجال الأعمال التونسيين إلى الجزائر أن " البحبوحة " المالية التي تعيشها البلاد اليوم ظرفية وليست أبدية، لكن "المؤسف" أن جزءا كبيرا من إيرادات البلاد تحول لتمويل مشاريع البنى التحتية والهياكل القاعدية " المرافق الخدماتية " عوض تخصيصها لتمويل المشاريع الاستثمارية المنتجة، مؤكدا أن مشاريع مثل "الترامواي" و" الميترو" اللذان يستنزفان المليارات من الدينارات سنويا رغم أهميتها على الصعيد الخدماتي إلا أنهما ليسا من "الأولويات" على الأقل في الوقت الراهن. وقال سراي أن الإجراءات التي أقرتها الحكومة لضبط وتنظيم قطاع الاستثمار في البلاد "مهمة وحساسة " بعد الفوضى التي عاشها القطاع خلال عشريتين كاملتين تحت شعار"الانفتاح الاقتصادي " الذي كانت نتائجه كارثية ولم يعد بفائدة تذكر على البلاد بسبب الأنانية المفرطة للمستثمرين ورجال الأعمال الأجانب الذين استفادوا من مزايا الاستثمار التي وفرها الدولة حينها، لكن عوض الاستثمار المنتج راحوا يعتبرون الجزائر سوقا استهلاكية ب "امتياز" ومفتوحة على كل السلع والخدمات المستوردة . ويبدو– يضيف سراي – أن الإجراءات التنظيمية الجديدة لم ترق للمستثمرين الأجانب وأدخلتهم في حالة من التردد والترقب بل والمؤسف أنهم يلجأون إلى استخدام أدوات الضغط والإشاعة لفكرة التراجع عن الاستثمار أوالانسحاب بهدف كسر إرادة الدولة وجعلها تتراجع، لكن الأمر مستبعد، بالمقابل يشدد سراي على ضرورة متابعة تنفيذ هذه الإجراءات والآليات الجديدة في الميدان لاحتواء العراقيل البيروقراطية، على مستوى الإدارة، وإعادة النظر في علاقات العمل التي تربط المستثمر بالبنوك والسياسة الجبائية وإيجاد حلول عاجلة للمشاكل التي يواجهها المستثمرون للحصول على العقارات الصناعية والأوعية الفلاحية. وفي تعليقه على الضجة التي أثيرت حول قانون إشراك المتعامل الجزائري بنسبة 30 بالمائة من رأسمال الاستثمار الأجنبي قال سراي أنها من صنيع "لوبيات " ذات مصالح تريد الاستحواذ على "كعكة" الاستثمار في الجزائر لوحدها وهي تتذرع في كل مرة بعدم قدرة الشركاء المحليين تقنيا وفنيا وماليا على مسايرة الاستثمار الأجنبي في البلاد وهي حجة واهية لأن المستثمرين المحليين العموميين والخواص أثبتوا خلال السنوات كفاءة عالية وتسيير ناجع للمشاريع التي أوكلت لها في جميع المجالات .