احتجاجا على تجاوزه في تسليم ليبيا المحمودي أكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أنه فكّر في الاستقالة من منصبه، على إثر تسليم الحكومة التونسية البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إلى السلطات الليبية يوم 24 جوان الماضي، من دون إبلاغه، ما اعتبره تجاوزاً خطيراً، في حين كشف القيادي في حركة النهضة الإسلامية الصحبي عتيق أن حركة "حماس" الفلسطينية نصحت بعدم التنصيص على تجريم التطبيع مع إسرائيل في الدستور التونسي الجديد. وقال المرزوقي، في حوار تليفزيوني لقناة "النهار" الجزائرية، بثته مساء أول أمس، إن الاستياء مما فعلته الحكومة، التي يقودها حمادي الجبالي (من حركة النهضة)، وصل به حدّ "كتابة خطاب استقالتي على متن الطائرة التي كان يستقلها من الجنوب إلى العاصمة تونس، رداً على قيام الحكومة التونسية بتسليم البغدادي المحمودي". وأضاف أن المحيطين به أقنعوه بضرورة التراجع عن الاستقالة، وأن الحكومة اعتذرت له، ما جعله يتخلّى عن قراره. وهذه المرّة الأولى التي يعترف فيها المرزوقي بأنه اتخذ قراراً بالاستقالة من منصب رئاسة الدولة، بسبب تجاوز الحكومة إياّه في تنفيذ قرار تسليم المحمودي إلى السلطات الليبية. وكان المرزوقي في جولة بمناطق الجنوب التونسي، على متن طائرة عسكرية، رافقه فيها وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، وقائد أركان الجيوش رشيد عمار، عندما كانت عملية تسليم المحمودي إلى السلطات الليبية تتم في قاعدة العوينة العسكرية في العاصمة تونس، ولما علم بالخبر، اعتبر أنه تعرّض إلى طعنة حقيقية، بسبب التزاماته السابقة، كمناضل حقوقي، وكأول رئيس منتخب لتونس ما بعد الثورة، ودفع به إلى كتابة رسالة، كان سيتوجّه بها إلى الشعب التونسي عبر الإذاعة والتليفزيون، ليعلن من خلالها عن قراره بالاستقالة من منصب رئاسة الجمهورية. في غضون ذلك، قال قيادي في حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، إن حركة "حماس" الفلسطينية نصحت بعدم التنصيص على تجريم التطبيع مع إسرائيل في الدستور التونسي الجديد. وأوضح الصحبي عتيق، الذي يرأس كتلة حركة النهضة الإسلامية في المجلس التأسيسي التونسي في تصريحات تلفزيونية، أن القياديين في حركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية وخالد مشعل، "نصحانا أثناء زيارتهما لتونس بعدم التنصيص على تجريم التطبيع مع إسرائيل في الدستور التونسي الجديد". وزار إسماعيل هنية تونس في 5 يناير الماضي، وأثارت زيارته في حينه ردود فعل متباينة، كما أثارت جدلاً سياسياً بسبب شعارات بقتل اليهود رفعها عدد من الإسلاميين أثناء استقباله في مطار تونسقرطاج الدولي، بينما زار خالد مشعل تونس في يوليو الماضي للمشاركة بأعمال المؤتمر التاسع لحركة النهضة الإسلامية التونسية. وتأتي تصريحات القيادي في حركة النهضة الإسلامية فيما عادت مسألة "تجريم التطبيع" لتطفو على السطح من جديد مع بدء أعضاء المجلس الوطني التأسيسي التونسي في مناقشة مسودة الدستور الجديد. وتثير هذه المسألة جدلاً واسعاً بين القوى السياسية التونسية، حيث تسعى في الوقت نفسه غالبية القوى اليسارية والتقدمية وخاصة منها القومية إلى تضمين الدستور التونسي الجديد بندا واضحاً ينص على تجريم التطبيع مع إسرائيل، فيما ترى حركة النهضة الإسلامية وشريكها في الحكم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أنه "ليس هناك ما يدعو لتضمين الدستور مثل هذا البند باعتبار أن الشعب التونسي يرفض التطبيع". ويتناقض هذا الموقف الجديد لحركة النهضة الإسلامية التونسية مع موقف سابق لها كانت تدعو فيه إلى ضرورة التنصيص على "تجريم التطبيع مع إسرائيل" في الدستور التونسي الجديد، كما يتناقض أيضاً مع قرارات المؤتمر التاسع لحركة النهضة الذي أقر مبدأ تجريم التطبيع مع إسرائيل، حيث شدّد البيان الختامي للمؤتمر على ضرورة "تحريم التطبيع مع الكيان الصهيوني".