حالات سرطان وحساسية غريبة تهدد حياة بقايا عمال "كاراكولا" في مغنية. فقد أعاد اكتشاف حالة سرطان مؤكدة في المدة الأخيرة بأحد المستشفيات الفرنسية، عند تقدمت أم عائلة من هذا الحي للعلاج هناك، مشكل هذا الحي العمالي إلى الواجهة من جديد بعد أن أرهقت الإجراءات الإدارية التي سعى من خلالها عمال مركب الذرة السابقين لأجل الاستفادة من حق تنازل الإدارة السابقة للمركب عن هذه السكنات لفائدتهم، وهو ما وافقت عليه تلك الإدارة آنذاك دون استكمال إجراءات التنفيذ. فبعد مرور ثلاثين سنة على إنجاز هذه الشاليهات، أدى تنازل الشركة الوطنية للصناعات الكيماوية عن تكفلها بصيانة هذا الحي العمالي المبني من الخشب، إلى تحول هذه السكنات إلى وضع بلغ حدا من الترهل والتدهور، جعل الأسر الساكنة به في وضع حرج أثناء فصل الشتاء وخطير أثناء فصل الصيف، بعد أن انتهت صلاحيات المواد التي بنيت بها هذه السكنات، وخاصة منها صوف الصخر، وتحولت إلى مادة سامة تسببت في حالات سرطان وحساسية كثيرة. ورغم الإجراءات التي سعى من خلالها العمال السابقون لوحدتي الخزف والذرة التابعتين آنذاك للشركة الوطنية للصناعات الكيماوية- سنيك- منذ الثمانينات الأخيرة، لم يتوصل العمال بعد إلى تسوية أوضاع سكناتهم هذه لأسباب، يؤكدون، أنهم لا يفهمونها رغم المجهودات التي بذلوها منذ سنوات طويلة، مما دفع بأبنائهم إلى حمل مشعل هذا الهم لمواصلة طرق أبواب الإدارة الموصدة. شبان حي "كاراكولا"، باعتبارهم أبناء عمال المركب السابق، وجهوا منذ 2007 رسائل إلى جهات عديدة قبل أن يلجؤوا مؤخرا إلى فخامة رئيس الجمهورية لعلهم يجدون الوسيلة الناجعة لحل المشكل الذي استعصى على أوليائهم. وهم لا يزالون يبذلون هذه المساعي على أمل أن يأتي اليوم الذي يخلصون فيه أمهاتهم وإخوتهم الصغار من هذه المخاطر الحقيقية المحدقة بهم. تعود وقائع هذا المشكل إلى بداية الثمانينات عند انتهاء الشركة الاسبانية "كاراكولا" من بناء مصنعي الذرة والخزف بمدينة مغنية بتكليف من السلطة الوطنية الوصية. وهكذا سكن عمال الشركتين هذه الشاليهات بعد خروج العمال الأسبان منها مع بداية الثمانينات. إلا أن السكنات التي بنيت لصلاحية لا تتعدى العشر سنوات مر على بنائها الآن ما يربو عن الثلاثين سنة تم خلاها "إعادة هيكلة" "سنيك" لتتولد عنها مؤسستان هما مصنع الخزف ومصنع الذرة، تمهيدا للتنازل عنهما فيما بعد. وقد تسببت هذه التحولات ودخول أطماع الكثيرين من خارج الوسط العمالي في تعقيد إجراءات تنازل الدولة للعمال عن سكناتهم، وهذا ما أدى بالتالي إلى تحول هذه السكنات مع مرور الوقت إلى مصدر لأمراض خطيرة جراء تجاوز مدة صلاحيات المادة العازلة (صوف الصخر) التي تعزل الجدران الداخلية من صفائح الخشب عن الجدران الخارجية منها. العمال من جهتهم، وبعد مرور كل هذه المدة من دون فائدة ترجى من جهودهم، ركنوا لليأس بعد أن تغلبت عليهم الصعاب التي لاقوها لدى الأطراف المعنية. لذلك فهم يعلقون آمالهم كلها على أبنائهم في مواصلة طرق الأبواب وقدكل متنهم ولم تكلمهم الإدارة بهذا الشأن.