أسرار وحقائق مثيرة كشفها عادل الجوجري في كتابه الجديد بعنوان "اعترافات القادة العرب" صدرت طبعته الأولى في 2012 والصراع بين القادة التاريخيين من أجل الحكم، ويذكر أن الجوجري كان من المحكوم عليهم بالإعدام. وبعد وفاة بومدين فكر في العودة إلى الوطن، فكتب رسالة إلى الشاذلي بن جديد عندما أصبح رئيسا للجمهورية ورسالة أخرى إلى العقيد عبد الله بلهوشات، ولكن قرار دخوله تأجل بسنة، استفاد الجوجري في ديسمبر 1979 على العفوالرئاسي رفقة بن بلة ومجموعة من المحكوم عليهم بالإعدام والمنفيين، ودخل الجزائر أواخر عام 1980 في هدوء وسرية بأمر من الشاذلي بن جديد بعد 13 سنة قضاها في المنفى. تحدث عادل الجوجري في كتابه عن مذكرات الشاذلي بن جديد معتمدا على ما أوردته الصحف الوطنية بعدما تم إدخال تعديلات على بعض الوقائع التي تمس بأسماء شخصيات وقيادات تاريخية، خاصة في القضية المتعلقة بمحاكمة وإعدام العقيد شعباني، وأن بن بلة هو من كان وراءها، وأن مذكرات الشاذلي بن جديد كانت تصفية حسابات شخصية بينه وبين الجنرال خالد نزار الذي كان وزيرا للدفاع آنذاك، لأن هذا الأخير كان من الدفعة المعروفة ب "لاكوست". ما جاء به الكاتب لا يخرج عما أورده متتبعون لمسار الرجل، وقد واعتمد الكاتب في هذه التصريحات على ما نشر في الصحف الوطنية عندما تطرق إلى موقف الشاذلي بن جديد من قضية الأمازيغية في الصفحة 207، والتي اعتبرها الشاذلي بن جديد مجرد تقاليد ولغة ميزت بعض القبائل التي تنتمي إلى حضارات وثقافات كانت موجودة قبل الإسلام، وأن الأمازيغية لغة تجاوزها الزمن ولا يمكن تطويرها. وباعتماده على صحيفة محلية أخرى، يكشف عادل الجوجري الصراع الذي دار بين الشاذلي ورئيس بلدية تيزي وزو بخصوص نفس القضية (الأمازيغية)، والشيء نفسه ما جاء في الصفحة 210 و211 عندما وظف العنوان: الشاذلي بن جديد المتسبب الوحيد في أحداث أكتوبر 88، وهو كما يبدو عنوان استعاره الكاتب من إحدى المقالات المنشورة في الصحف الوطنية والمواقع الإلكترونية. كما يكشف عادل الجوجري مساعي أحمد بن بلة لإنفراده بالحكم مثل نفيه لفرحات عباس إلى الصحراء ومحاصرة وزير الداخلية أحمد مدغري إلى غاية إجباره على تقديم استقالته. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل سعى إلى تقليص نفوذ هواري بومدين على الجيش عندما قرر تعيين العقيد شعباني قائدا للأركان باقتراح من محمد خيضر، وانفراده كذلك في تحضير المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني في 1964، وكانت النتيجة أن قرر كل من بومدين وقايد أحمد، بوتفليقة وشريف بلقاسم أن يقدموا استقالة جماعية، وخشية من خسارته المؤتمر رفض بن بلة هذه الاستقالة. من خلال تصريحاته في الصفحة 217، يبدو أن الكاتب كان وسيطا بين بومدين وبن بلة، أوبالأحرى الخيط الذي يربط بينهما، ينقل أخبار كل واحد منهما للأخر بعدما عينه أحمد بن بلة قائدا للأركان، حيث يقول في الصفحة 218: "عندما التقيت ببومدين أخبرته أن ال "سِّي أحمد" غضبان ويلوم عليكم"، في إشارة منه إلى الرئيس أحمد بن بلة، وتجنب إخباره بكامل الحقيقة حتى لا يزيد النار اشتعالا، ومن هنا بدأ بومدين يحتاط لتحركات بن بلة ويتتبع أخطاءه، ولم يجد بن بلة إلا أن يتوسط للرئيس المصري جمال عبد الناصر ليعينه على التخلص من بومدين، كما حول بن بلة عداءه إلى بوتفليقة الذي أعلن وفاءه وولاءه لبومدين، وكذلك قايد أحمد ومدغري وشريف بلقاسم. وقد قام بن بلة بإزاحة عبد العزيز بوتفليقة عن منصبه في الخارجية، مستغلا في ذلك غياب بومدين الذي كان متواجدا بالقاهرة لإنشاء المجلس العربي للدفاع المشترك، كما خطط بن بلة لإقالة هواري بومدين، وكان صاحب الكتاب قد تفطن لنقل الخبر لبومدين مثلما في الصفحة 222 من كتابه. الانقلاب على بن بلة في ملعب كرة أشار عادل الجوجري إلى أن "الرياضة" لعبت دورا بارزا في العمل السياسي، وكانت ورقة يستعملها القادة السياسيين، إلا أن الملاحظ هنا أيضا أن الكاتب حاول الخلط بين الأحداث، عندما تحدث عن الصراع بين بن بلة وبومدين. وأشار الى أن الرئيس بومدين استغل مناسبة نهائي كأس الجمهورية لكرة القدم في 19 جوان 1965 من أجل الانقلاب عسكريا على بن بلة، موضحا أن هذا الأخير تم اعتقاله أثناء متابعته المباراة بملعب وهران. معمر القذافي يتواطأ مع بن بلة للإطاحة بنظام بومدين وبعد هذه الأحداث الرياضية التي أعطيت لها صبغة سياسية تميزت بالانقلابات على القادة يعود صاحب الكتاب عادل الجوجري بعجلة الزمن إلى الوراء ب 32 سنة، أي إلى شهر سبتمبر من عام 1969، وعن طريق مذكرات رئيس الأركان الجزائر الطاهر الزبيري "نصف قرن من الكفاح"، والتي كشف فيها تواطؤ الرئيس الليبي معمر القذافي مع بن بلة للإطاحة بالنظام البومديني من أجل تحرير بن بلة وإعادته إلى السلطة. يذكر أن الكتاب يحتوي على 302 صفحة قسمه إلى 19 فصلا، خصص خمسة فصول للحديث عن النظام الليبي في عهد القذافي، ليربط الفصل الخامس بنظام بورقيبة والعراق، والنهاية التي وصل إليها الرئيس المخلوع صدام حسين ليعرج للحديث عن النظام الناصري مرورا بعرفات والغزوالعراقي للكويت.