قد تكون مررت بتجربة تستيقظ فيها مفزوعا وتشعر بثقل على صدرك يمنعك من الحركة ولا تقدر على تحريك أي عضلة من جسمك بما فيها لسانك لتصرخ طالبا النجدة ممن يقطنون معك في المنزل، أنت مستيقظ ومتأكد بلا جدال من ذلك لأنك ترى ما حولك في الغرفة رؤية طبيعية وتسمع حديث من الغرفة المجاورة ولكنك مهما حاولت، لا تقدر على القيام من فراشك والهروب من هذا الشيء المفزع الذي يفترسك من أخمص قدمك إلى آخر شعرات رأسك، ثم فجأة يتحرر جسد مثل الزنبرك !. هذه الحالة تسمى بالعامية – بالجاثوم- طبعا كانت على مر التاريخ مناط للأفكار الشعبية وعللت تعليلات خرافية بوجود كائن يجثم على الصدر ويمنع النائم من القيام، ولكن كالعادة فإن – العلم- آلة مجنزرة تهرش كل هذه الخزعبلات الهشة تحت وطأة التحليل والبحث الواعي عن الأسباب والمسببات. علمياً تدعى هذه الحالة ( بشلل النوم ) وهي تحدث عند إقتحام الحواجز بين عالمي اليقظة والنوم, قد تكون بعد النوم أو قبله، ولكن بالغالب بعد دخول حالة النوم، تكون فيها حاستي السمع والنظر فعالة بشكل إعتيادي ولنضيف القراء فزعا قد تكون هذه الحالة مصحوبة بهلاوس سمعية أو بصرية أحيانا، أي قد تسمع أصواتا غير موجودة في الحقيقة بشكل وكأنها فعلا موجودة!. الآلية والسبب : يقسم النوم الى دفعات من المراحل تتأرجح بين طورين، الأولى هي الحالة التي لا تتواجد فيها الأحلام والثانية هي حالة الإنخراط في الأحلام، المصطلح الثاني هنا يشير الى حركة ( العين السريعة ) والأولى بدون هذه الحركة. نقدر أن ندعي بثقة أن الإنسان الذي يدخل الطور الثاني هو في واقع الأمر يحلم، لأن هذه الحركة العشوائية للعين هي فعليا محاكاة لحركة العين التي ترى المشاهد في الأحلام. أي لو كنت تحلم ورفعت نظرك لترى مشهدا معينا في سماء حلمك، سوف تتحرك مقلة عينك الحقيقية إلى أعلى!. تتناوب هاتان المرحلتان على عدة دفعات بحيث يكون لكل واحدة ما يقارب ال90 دقيقة. أما في الطور الثاني (أي الأحلام) يحدث فصل بين الدماغ والعضلات الإرادية بعمومها، هذا لغرض هام وهو عدم قيام الجسم وعضلاته بالتفاعل فعليا مع الأحداث التي ينخرط فيها الدماغ الحالم. تخيّل لو أنك كنت تحرك يديك وقدميك واقعيا لتحاكي ما يدرور في أحلامك وأنت نائم، سيكون هناك خطر عليك من هذه الحركات اللاواعية،.المسألة كما يبدو ميكانيزم تطوري ضد هذه المضمار. مربط الفرس : ولكن في بعض الحالات يستيقظ المرء قبل نهاية المرحلة الثانية، لذا يجد عضلاته مشلولة ومفصولة عن نشاطه الواعي وخارج نطاق سيطرته رغم أن سمعه وبصره وإدراكه لمحيطه سليما مبدئياً!.لذلك لكون واعياً لذاته ولكن غير قادر على التحكم في جسده. لوحظ من خلال الدراسات إن شلل النوم يكون بالغالب مرتبطا بالنوم على الظهر والوجه إلى أعلى ( لاحظ كيف أن هذه النقطة تزيد قناعة البعض بوجود مخلوق قميء يجثم على صدورهم!). ومن مُسببات هذه الحالة : 1- عدم الانتظام في النوم... 2- تراكم الضغوط والقلق... 3- تعاطي المهلوسات. إجراءات وقائية إتباع عادات نوم منظم – محاولة الحد من القلق قبل النوم – الإبتعاد عن العقاقير المهلوسة. نصيحة أخيرة : إذا دخلت في شلل النوم وحدث وأن تحررت منه لا تعد للنوم فورا، لأنه سوف يعود ويمسك بك ليرعبك مرة ثانية.