تعد اضطرابات النوم مشكل صحة عمومية حقيقيا، بحيث تعاني منها شريحة واسعة من المواطنين المرضى وغير المرضى، وبالمقابل تنعدم الدراسات المتخصصة حول الظاهرة المتزايدة التي لها آثار سلبية أخرى على الاقتصاد الوطني، وهي نقاط يفصل فيها البروفسور سليم نافطي رئيس مصلحة الأمراض الصدرية والتنفسية بمستشفى مصطفى الجامعي ورئيس الجمعية الجزائرية للأمراض الصدرية التي أشرفت مؤخرا على تنظيم ورشة حول انقطاع النفس واضطرابات النوم في هذا الحوار. - في البداية بروفسور، نود معرفة على أي أساس تم اختيار اضطرابات النوم كموضوع لانعقاد الورشات الأولى حول المشاكل التنفسية ؟ * يجب التنبيه إلى أن مشكل اضطرابات النوم هو مشكل صحة حقيقي، ومرض منتشر بكثرة، ولكنه غير مشخص لانعدام معلومات كافية حوله، وهذا سببه نقص الدراسات المتخصصة، بل إننا كمختصين في الأمراض الصدرية والتنفسية لاحظنا أن من الأطباء من لا يعتبرون اضطراب النوم مشكلا صحيا، لذلك جاءت فكرة الورشات الأولى حول اضطرابات النوم والتي اختير لها موضوع محوري يدور حول مشكل انقطاع التنفس أثناء النوم. - هل معنى هذا أن كل فرد معرض لانقطاع النفس أثناء النوم، ألا يعني ذلك إمكانية الاختناق؟ * طبّيا تزداد معدلات اضطرابات النوم بعد سن ال35، وما يجب معرفته هو أنه في النهار وأثناء الاستيقاظ يكون الحلق مفتوحا لأن عضلات الحلق تكون مشدودة، فتسمح للهواء بالدخول أثناء عملية التنفس دون أي إزعاج، أما في الليل فإن عضلات الحلق ترتخي فيرتخي الحلق باتجاه الداخل فتضيق مساحة دخول الهواء وعند حدوث عملية الشهيق يهتز سقف الحلق، وأحيانا قاعدة اللسان، وهذا ما يسبب صوت الشخير المزعج. تتطور الحالة ويحدث تضييق كبير في الحلق مما يؤدي إلى انقطاع في التنفس لمدة حوالي 10 ثوان، ثم يقوم بعدها جهاز الإيقاظ باستئنافه ثانية، وهذه الظاهرة يصاحبها صوت شخير صاخب، وقد يستيقظ الشخص بسرعة شاعرا بالاختناق أو نقص في الهواء، ويحدث هذا مئات المرات في الليل دون أن يشعر به الإنسان. - ربما هذا ما يفسر شعور الفرد بالتعب عند الاستيقاظ صباحا؟ * صحيح، فعملية النوم تمر بأربع مراحل، خلال المراحل الثلاثة الأولى ينتقل نوم الفرد تدريجيا من مرحلة الاستيقاظ إلى مرحلة النوم، ثم النوم العميق التي تصل بالنوم إلى مرحلته الرابعة، وهذه المراحل تمتد زمنيا خلال 6 ساعات، ولكن انقطاع التنفس أثناء النوم كما ذكرنا قد يتكرر لأكثر من 10 مرات في الساعة الواحدة بمعدل 10 ثوان إلى دقيقتين، ما يعني أن حالات انقطاع التنفس قد تتكرر لحوالي 60 مرة كل ساعة وهي تسبب انسدادا في البلعوم، وبالتالي نقص تدفق الأوكسجين إلى عضلتي القلب والمخ، إذاً استيقاظ الفرد أثناء نومه للحظات تؤثر على فترة راحته الليلية أو نومه العميق، وبالتالي شعر بالتعب عند الاستيقاظ في الصباح، ناهيك عن أعراض أخرى تتلخص في آلام الرأس المستمر، الفشل التام في كامل الجسم والنعاس طوال اليوم، وهنا أشير إلى أن اضطرابات النوم تتسبب في ما نسبته حوالي 30 من حوادث المرور، كذلك تظهر انعكاسات اضطراب النوم في الموت المفاجئ أو السكتة القلبية، وحتى في ارتفاع الضغط الشرياني المؤدي في الغالب إلى الجلطة القلبية. - وهل لهذا كله علاج واق، خاصة وأن الوقاية في هذه الحالة غير ممكنة؟ * هذا هو هدف الورشات الأولى حول اضطرابات النوم، فبعد ملاحظتنا أن معظم الأطباء العامين وكذا مختصي الأمراض الصدرية والتنفسية لا يفقهون كيفية التعامل مع مشاكل النوم، جاء تنظيم هذه الورشة يومي 5 و6 ديسمبر الجاري بمعهد الصحة العمومية، وهي الورشة التي ضمت أطباء من فرنسا وآخرين من الجزائر أشرفوا على تكوين حوالي 40 مكونا سيشرفون من بعد على تكوين الأطباء حول كيفية التعامل مع مرضى اضطراب النوم، ومنه آلة "cpap" أو آلة التنفس بالضغط الايجابي، وهي آلة تدخل في الأنف تتغلب على انسداد البلعوم وبالتالي تمنع حالات الاختناق والاستيقاظ أثناء النوم وهو ما يمنح راحة كبيرة للنائم. - وهل هذه الآلة متوفرة في السوق الوطنية؟ * حاليا تتعامل الجمعية الجزائرية للأمراض الصدرية والسل بالتنسيق مع الشركة الفرنسية "فيليبس ريسبيرونيكس" لتزويدنا بهذه الآلة المتوفرة حاليا عند بعض المختصين، مع الإشارة إلى أننا كجمعية نسعى لفتح النقاش مع صندوق الضمان الاجتماعي لدراسة إمكانية تعويض تكاليف شراء هذه الآلة، هناك كذلك آلة تسجيل التنفس أثناء النوم تسهل على الأطباء اكتشاف الأسباب وراء انقطاع التنفس أثناء النوم، وبالتالي تشخيص أحسن للمرض ومعالجته، وهي الآلات التي تغير تماما حياة الذين يعانون من اضطرابات في النوم للانعكاس الإيجابي على نومهم وصحتهم، وبالتالي حياتهم ككل. - وهل معنى كل هذا أن أي شخص معرض بعد سن ال35 إلى مشاكل في نومه؟ * لا، وإنما الدراسات العلمية الحديثة التي ترتكز على عينات لمواطنين من مختلف الأعمار بينت أن اضطرابات النوم تظهر بصفة أساسية ما بعد سن 35، أي مع تقدم السن من جهة وعند البدناء والمدخنين والمصابين بالسكري وعند الذين يعانون من معدلات احتشاء العضلات الداخلية مثل البطن أو الكبد وحتى الرقبة وضخم اللوزتين ومن يعانون من لحمات الأنف "النغانغ" وعند قليليّ الحركة، وعند كل هؤلاء لوحظ معاناتهم من مشكلة الشخير.