قلق أممي وعربي من غارة إسرائيلية بسوريا أعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض أن أي تفاوض بشأن مستقبل سوريا يجب أن يرتكز على رحيل نظام الرئيس بشار الأسد، في حين أعلن البيت الأبيض أن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي سيبحث الأزمة السورية السبت مع رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب، بينما فشلت بريطانيا في إقناع الأوروبيين بتعديل حظر على مبيعات الأسلحة إلى سوريا لدعم المعارضة. وعقد الائتلاف المعارض الخميس اجتماعا في القاهرة بعد يوم من تصريحات لرئيسه أبدى فيها استعدادا مشروطا لمحاورة النظام، حيث أكد الائتلاف أن أي مفاوضات يجب أن تكون بشأن رحيل النظام ورموزه، وأنه يرحب بأي جهد دولي يهدف إلى تحقيق هذه الغاية. ومن جهته، نفى الخطيب في حديث للجزيرة أن يكون تعرض لأي ضغط حين أبدى استعداده للحوار، مؤكدا أنه لا يقبل أوامر من أحد، وأنه أبدى استعداده للتحاور فقط مع من لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين داخل نظام الأسد. وأضاف أن بعض الجهات اجتزأت التصريحات التي أدلى بها أمس, مؤكدا أن ما قاله بشأن الحوار كان بقناعة. وردا على سؤال عما إذا كان موقفه قد يوتر العلاقة مع المجلس الوطني السوري وهو أكبر مكون في الائتلاف، قال الخطيب إن هناك اتفاقا في الائتلاف على كل النقاط التي ترفع المعاناة عن الشعب السوري. ويذكر أن المجلس انتقد تصريحات الخطيب قائلا إنها تخالف ميثاق الائتلاف الوطني. وكان الخطيب قد اشترط للتفاوض إطلاق 160 ألف معتقل -لا سيما النساء- في سجنيْ المخابرات الجوية وصيدنايا، وتمديد أو تجديد جوازات سفر السوريين في الخارج لمدة عامين. تحرك أمريكي من جهته، أعلن البيت الأبيض أن بايدن سيبحث الأزمة في سوريا السبت مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي ورئيس الائتلاف السوري. وقال توني بلينكن أحد مستشاري نائب الرئيس الأميركي إن بايدن سيبدأ الجمعة في ألمانيا جولة أوروبية تقوده كذلك إلى فرنسا وبريطانيا، وإنه سيجري مشاورات مع المسؤولين المذكورين على هامش المؤتمر حول الأمن في ميونيخ. ويأتي هذا اللقاء عقب تصريحات أميركية وإسرائيلية عدة تحذر من انتقال أسلحة من النظام السوري إلى حليفه اللبناني حزب الله، حيث قال بن رودز نائب مستشار الأمن القومي الأميركي "لقد أوضحنا أنه ينبغي ألا تزيد سوريا من زعزعة الاستقرار في المنطقة بنقل أسلحة إلى حزب الله"، وقال إن بلاده تراقب ترسانة سوريا للسلاح الكيماوي. الإبراهيمي: الحل لن يكون إلا عبر مجلس الأمن من جهة أخرى، لم يبد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الخميس تحمسا لمقترحات بريطانية تدعو إلى رفع الحظر المفروض على تدفق الأسلحة إلى سوريا بشكل جزئي للمساعدة في تسليح المعارضة. وقال وزير الخارجية النمساوي ميكائيل سبيندل إيغير "لا يمكن أن تكون أقصى أهداف مهمتنا توفير مزيد من السلاح لسوريا، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي كنا دوما نعارض فكرة إرسال السلاح، وأعتقد بأن هذا يجب أن ينطبق على سوريا أيضا". واتفق معه وزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرز ونظيره الهولندي فرانس تيمرمانس، لكن الأخير صرح بقوله "إنني واقعي لدرجة تجعلني أرى أن جانبا في الصراع يحصل على الأسلحة، وأن الائتلاف يزداد غضبا إزاء حقيقة أن خصومه يحصلون على دعم دولي، أما هم فلا". وفي نيويورك، قال الإبراهيمي لإذاعة الأممالمتحدة إن إعلان جنيف يتحدث عن حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة، بينما يبقى تعريف هذه الصلاحيات الكاملة موضع خلاف، ولذا لا بد أن تتفق الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على معنى هذه الصلاحيات. وأكد أن تلك الحكومة الانتقالية يجب أن تضم أطرافاً من الحكومة والمعارضة معاً. كما نقلت صحيفة الحياة عن الإبراهيمي قوله "الآن نتحدث مع مجلس الأمن، وقلت بصراحة إن الإخوة في سوريا عاجزون عن أن يتكلموا ويحلوا مشكلتهم بأنفسهم". من جهة أخرى عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن "القلق العميق" بشأن غارة إسرائيلية استهدفت موقعا في سوريا قرب الحدود اللبنانية، ودعا إلى احترام سيادة الدول في المنطقة، وذلك عقب تقدم النظام السوري باحتجاج رسمي إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي، بينما تتصاعد ردود الفعل الدولية تجاه الغارة. وقال بان في بيان إنه يطالع بقلق عميق التقارير الواردة عن الهجوم، مضيفا أن الأممالمتحدة لا تملك حاليا تفاصيل عن الحادث المذكور، وليست في وضع يسمح لها بالتحقق بشكل مستقل عما حدث. ودعا البيان كل المعنيين إلى منع التوترات أو تصعيدها في المنطقة، وأن يلتزموا بصرامة بالقانون الدولي، وخاصة في ما يتعلق بسيادة كل الدول في المنطقة. وفي هذه الأثناء، قال إدواردو ديل بوي المتحدث باسم بان إن قوات الأممالمتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان لم ترصد أي طائرات فوق المنطقة الفاصلة، مشيرا إلى أنه لم يكن ممكنًا تأكيد الحادث، حيث أوضحت القوات الأممية أيضا أن الأحوال الجوية كانت سيئة. وكانت قيادة الجيش النظامي السوري قد ذكرت الأربعاء أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت فجر اليوم نفسه أحد مراكز البحث العلمي "المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس" في منطقة جمرايا بريف دمشق، لكن مصدرا أميركيا ذكر أن الغارة استهدفت قافلة تقل صواريخ مضادة للطائرات من طراز "أس.أي17" قرب الحدود مع لبنان، وسط نفي رسمي من سوريا ولبنان. واستدعت وزارة الخارجية السورية قائد القوات الأممية إقبال سنغا وأبلغته باحتجاجها على الانتهاك الإسرائيلي لاتفاق فصل القوات لعام 1974 والالتزامات المترتبة عليه، وطالبته باتخاذ ما يلزم لوضع الأطراف المعنية في الأممالمتحدة في صورة هذا الانتهاك "والعمل لضمان عدم تكراره". واعتبرت الخارجية السورية في رسالة بعثت بها إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة وفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أن "فشل مجلس الأمن في الاضطلاع بمسؤولياته في ردع هذه الاعتداءات" سيكون له مخاطره الجمة على الاستقرار في المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين، كما حملت "إسرائيل ومن يحميها بمجلس الأمن المسؤولية الكاملة عن النتائج المترتبة على هذا العدوان". وقال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم في تصريح صحفي "يدرك الإسرائيلي وخلفه الأميركي والمتواطئون معه من الأنظمة العربية والإقليمية، أن سوريا التي تدافع عن سيادتها وأرضها تملك قرارها وتملك المفاجأة في الرد على العدوان". وبينما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الغارة، استبعد رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم أن تقوم سوريا أو حزب الله برد عسكري. كما رفض وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي التعليق، حيث أوضح كل من وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ونظيره الألماني جيدو فسترفيله في بروكسل أن المعلومات المتوفرة ما زالت غير كافية. من ناحيته، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الغارة واعتبرها انتهاكاً واضحاً لأراضي دولة عربية ولسيادتها، وخرقاً للقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، مطالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووضع حد لتمادي إسرائيل في اعتداءاتها. وفي لبنان، أدان الرئيس ميشال سليمان الغارة متهما إسرائيل باستغلال الأوضاع في سوريا لتنفيذ سياستها العدوانية، كما استنكر رئيس كتلة المستقبل في البرلمان فؤاد السنيورة الهجوم قائلا "نحن لا نقبل أن يتم الاعتداء على أي أرض عربية من قبل العدو الإسرائيلي"، بينما وصف حزب الله الغارة بالوحشية وأكد وقوفه إلى جانب النظام السوري. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية سلجوق أونال الخميس إنه ليس لدى بلاده معلومات رسمية حول الغارة الإسرائيلية، إلا أنه رأى أن هذا التطور يشكل مؤشراً على تدهور الوضع في سوريا وتهديده السلام الإقليمي والدولي. وفي غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي إن بلاده تحث على الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، وتأمل من الأطراف المعنية تجنّب القيام بأية تحركات قد تصعّد الوضع الحالي في سوريا، كما عبرت روسيا في وقت سابق عن قلقها من الغارة.