بعد غلقها لمدة 23 سنة ثم استغلالها في الحملات الانتخابية (عطر نسوي في لوحات ليشاني ميمية ولطيفة بوالفول) تنفس الفانون التشكيليون بولاية قسنطينة الصعداء بقرار وزيرة الثقافة خليدة تومي بإعادة فتح قاعة "أمحمد إسياخم" للفنون التشكيلية أمام الجمهور لإعادة بعث هذا الفن من جديد، في إطار "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية"، بعدما كانت القاعة مغلقة منذ بداية التسعينات، أي ما يقارب 23 سنة بسبب الإرهاب، قبل أن تحوّل إلى فضاء سياسي لتنشيط الحملات الانتخابية ومراقبتها. تتواصل فعاليات المعرض الخاص بالفنون التشكيلية تحت عنوان: "للألواح وجودها الدائم في حضرة الألوان"، المقام بقاعة "أمحمد إسياخم"، التي تم افتتاحها يوم الأربعاء من نهاية الأسبوع، بقرار من وزيرة الثقافة خليدة تومي التي أصدرت أمرا كذلك بتحويل دار الثقافة محمد العيد آل خليفة إلى متحف للفنون التشكيلية، ويدوم المعرض إلى غاية الثامن والعشرين من الشهر الجاري، شارك فيه أكثر من 20 فنان تشكيليا، وكان الافتتاح بمثابة كابوس أزيح عن الفنانين التشكيليين، وهذت من شانه أن يعيد لهم الأمل والثقة من جديد، الذين تحدثنا إليهم أكدوا أن غلق قاعة إسياخم" كان بمثابة عقوبة للفنانين التشكيليين، وأشار بعضهم أن "العصامية" غائبة في الفن التشكيلي الجزائري، فلا يوجد فنان تشكيلي عصامي، لأن جميعهم تابع دروسا بمدرسة الفنون الجميلة. كما أن المتأمل في هذه اللوحات لا يستطيع أن يميز بين لوحة وأخرى، لأن جميعها ترسم ذكريات الماضي، فلوحة الفنانة ليشاني ميمية التي بعنوان: "على آثار الماضي" تعيد للمواطن القسنطيني الحياة في المدينة القديمة "السويقة" التي لم يبق مونها كما قالت هي سوى الجدران المهدمة تعبر ألوانها عن الحنين إلى القعدة القسنطينية الأصيلة)، ولا يمكن أن نفرق هذه اللوحة بلوحة الفنانة التشكيلية لطيفة بالفول التي فضلن أن تسميها "جينيز geneses"، ولوحتها الثانية بعنوان "ذكريات"، كانت روح "إسياخم" تحوم بين هذه اللوحات، ومنها تفوح رائحة عطر نسوي أكسبه الحنين قراءةً منغمة لمفارقات الأزمنة النسوية، كانت ماثلة في رواق قاعة إسياخم. كل اللوحات المعروضة توحي أن الفنان التشكيلي الجزائري، ملون بالفطرة وحساس لدرجة التناغم، هومغني وموسيقي صامت، وهذه الغنائية اللونية كما يسميها البعض عادة ما ترتمي في أحضان الزمن الماضي، وكأنها حمامة سلام بيضاء بجناحين ريشهما بألوان قوس قزح يقفز فوق الدروب من الضفة إلى الضفة الأخرى، يخرج المجتمعات والشعوب من ظلام الاحتلال والحرب العبودية إلى نور الاستقلال والحرية والسلام، وتجعل الإنسان يدرك ما يرى ويتخيل ما سبق أن عرفه في الزمن الماضي وما سيعرفه في المستقبل.