أكد عبد الحميد مهري، أن الاعتذار وحده لا يكفي دون التعويض المادي إذا أرادت فرنسا فعلا طي ملفها التاريخي مع الجزائر، مضيفا أن اعتذار فرنسا لا ينسي الشعب حقوقه التي من الضروري معالجتها من طرف لجان مختصة في مجال العلاقات الخارجية الفرنسية الجزائرية لدراسة كل المسائل لاسيما مسألة الاعتذار، خاصة وأن الدولتين تجمعهما عدة ملفات لازالت عالقة منذ سنوات عديدة. صرح عبد الحميد مهري، صباح أمس، خلال منتدى الإذاعة الثقافية أنه من الضروري معالجة راهن العلاقات الفرنسية الجزائرية بعيدا عن موضوع الاعتذار، وهذا لا يرقى إلا بمعالجة القضايا الأساسية الناجمة من الماضي والتي تستمر إلى سنوات عديدة في المستقبل، كما أوضح الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني أنه من الضروري التعاون مع سائر الدول من أجل التطور والتوجه إلى بناء عالم أفضل، مضيفا أن مسألة الاعتذار تطرح عدة مواضيع متشابكة دون أي تعارض بين الوفاء والحرس على بقاء ذاكرة الشعب والسعي لإيجاد علاقات تقارب بين جميع الدول لاسيما فرنسا. كما أكد مهري أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتناسى حقوقنا التي يجب على فرنسا الالتزام بها، ولكن هذا لا يمنع ضرورة تكوين صداقة مع الشعب الفرنسي وذلك من منطلق أن السياسة الجزائرية الحريصة على علاقة التعاون والجوار والاحترام المتبادل مع الشعب الفرنسي دون نسيان ما يمليه التاريخ، خاصة وأن الحنين للعهد الاستعماري لازال حاضرا بقوة في فرنسا ممثلا في تمجيد بعض السياسيين الفرنسيين للاستعمار، معتبرا أن التعلق بالماضي الاستعماري لا يهم إلا فئة قليلة من الشعب الفرنسي وأن أفضل دليل على ذلك هو إدانة الشعب الفرنسي للماضي الاستعماري لبلدهم. كما أوضح ضيف القناة الثقافية أن المشرع الفرنسي أخذ احتياطه بجملة من التدابير وإدخال تعديلات على النظم والقوانين التي تنظم المحاربين والجنود للوقوف في وجه طلبات مليون ونصف مليون محارب والذين هم بصدد المطالبة بحقوقهم كمحاربين فرنسيين. وأضاف عبد الحميد مهري أن الحقيقة لا تنتزع من ذاكرة السياسة الخارجية خاصة وأن فرنسا عضو في مجلس الأمن وتتبنى حقوق الإنسان بجميع مؤسساتها وتقوم بحرب عنيفة وبدعم من أكبر الدول والحلف الأطلسي، كما قال مهري إن تشبث الشعب الجزائري بحقه لا يتعارض مع المصلحة التي تربط الجزائر بالشعب الفرنسي. وعن انخراط الجزائر في الاتحاد من أجل المتوسط، فقد قلل مهري من شأن هذه القضية معتبرا أن الجزائر لم تندمج بعد في محيطها المغاربي، وعليه فلا يمكن أن نصف اندماجها في الاتحاد من أجل المتوسط سوى بالاندماج "السطحي" مطالبا الجزائر بدراسة أعمق لمشروع الاتحاد المتوسطي.