أصبحت قضية الملاعب من أكبر الهواجس التي تؤرق مسؤولي العديد من الأندية في البطولة الوطنية، حيث تجد الرابطة نفسها دوما في حيرة كبيرة لاختيار الملاعب التي تحتضن المباريات الكبيرة أو الداربيات خاصة العاصمية بما أن المشكل يطرح بحدة على مستوى العاصمة. ولذلك فإن هذه المسألة ستكون من أكبر تحديات المكتب الفيدرالي الجديد برئاسة محمد روراوة، هذا الأخير قد ألح على ضرورة التكفل التام بهذا الجانب على الأقل لدى الأندية الكبيرة التي تجد نفسها في كل مرة ضمن المنافسات الإقليمية والقارية، إذ أن هذه الأندية مطالبة بالسعي إلى اكتساب كل مستلزمات الاحترافية مع حلول سنة 2012 التي ستقصي كل فريق غير محترف بأتم معنى الكلمة. ولعل من أهم مرتكزات الاحترافية هي امتلاك ملعب بمقاييس عالمية مثل الأرضية ذات العشب الطبيعي، العدد الكافي من المدرجات، منصة شرفية محترمة إضافة إلى مختلف الشروط الأمنية التي تفرض نفسها بقوة في الملاعب الإفريقية على العموم، وبذلك يكون النادي بمقدوره استقبال ضيوفه في أحسن الأحوال. الأندية العاصمية الأكثر تضررا تعتبر الأندية العاصمية من أكثر الأندية التي تعاني الأمرين بخصوص مسألة الملاعب، ففريق كبير مثل المولودية مثلا لا يزال في مفترق الطرق وفي كل مرة يجد نفسه "يحلل" مسؤولي مختلف الملاعب للسماح له باستقبال ضيوفه، مما شكل متاعبا جمة للأنصار خاصة مع النفق الأسود الذي يتواجد فيه ملف ملعب 5 جويلية الذي هو من المفروض ملك للمولودية، وكثيرا ما اشتكى المدربون الذين تعاقبوا على الفريق على غرار الإيطالي فابرو والفرنسي الحالي ميشال ومع الطاقم الإداري الذي عبر عن "ملله" من البحث الدوري عن ملعب حتى لإجراء الحصص التدريبية، ولو أنه يقتسم حاليا أرضية عمر حمادي مع الإتحاد إلا أنه يبقى دون ملعب في حال الداربيات، وأحسن مثال مباراته مع الحراش التي أجلت بسبب غياب الملعب. وعلى غرار المولودية، فإن النصرية هي الأخرى تفتقر لميدان في مقام نادي الدرجة الأولى، وقد حمل تصريح تومي عدة دلالات حين قال: "أستحي أن أستقبل ضيوفي في زيوي"، لأنه ببساطة يليق لناد هاو فقط، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، حيث تعاني أندية القبة، الحراش وبارادو من نفس الإشكالية مما جعل الضغط يتضاعف على ملعب 20 أوت الذي يقع عليه الاختيار دائما في غياب البدائل. الأمر لا يقارن مع تونس والمغرب إذا كانت الأندية الجزائرية لا تزال تبحث عن ملاعب للاستقبال، فإن مثيلاتها التونسية والمغربية قطعت أشواطا كبيرة نحو الاحترافية، حيث لم تكتف مثلا الأندية التونسية للقسمين الأول والثاني (رغم صغر رقعة التراب التونسي) بامتلاك ملاعب ذات العشب الطبيعي، بل تسعى لتوفير مركز تكويني لكل فريق، وربما هو ما جعل ممثلي الكرة التونسية في مختلف المحافل القارية والإقليمية يحصدون أكثر من لقب كل موسم وآخر، كأسي شمال إفريقيا، وقبلها رابطة الأبطال وذلك بفضل نواد لا ينشغل مسؤولوها بالتفكير عن ملاعب الاستقبال. سنة 2012 ستقصي الأندية غير المحترفة من المنافسات القارية ونظرا لكون وتيرة الاحترافية تسير بسرعة خلال السنوات الأخيرة وفرضت نفسها بقوة خارج القارة الأوروبية، فإن الأندية الجزائرية وجدت نفسها "متأخرة" نوعا ما مقارنة بالجيران وهو ما جعلها تفشل في تمثيل الجزائر في مختلف المنافسات، وقد ألح المكتب الفيدرالي الحالي على ضرورة اتخاذ قرار على أعلى مستوى لمساعدتها على حل مشكلة الملاعب، وهو الملف الذي تعهد روراوة بأخذه بعين الاعتبار خلال عهدته الأولمبية، خاصة وأن التقدم الذي تعرفه النوادي الإفريقية على المدى القريب ستجعل أنديتنا على الهامش ما لم تسارع الهيئات إلى فرض سياسة جديدة تساعدها على الدخول في الاحترافية تدريجيا. غلق ملعب 5 جويلية يجعل الخضر في نفس سلة الأندية وبعيدا عن معاناة الأندية مع الملاعب، فإن المنتخب الوطني الذي يمثل كل الجزائر وللأسف لم يستثن من هذا الإشكال، حيث، وأمام ملف ملعب 5 جويلية المحير بعدما فاقت مدة غلقه العام ونصف دون أسباب واضحة، يبقى اختيار الطاقم الفني متذبذبا بين ملعبي البليدة وعنابة لاستقبال المنافسين خلال الإقصائيات القادمة، وعلى الأرجح ستكون الوجهة ملعب 19 ماي بعنابة، وهو ما يحرم عددا كبيرا من الجمهور من معايشة السوسبانس على المباشر، كما أن الكثيرين يعتبرون ذات الملعب فأل شر على "الخضر" وليس هناك ملعب آخر يضاهي حماس 5 جويلية، وهذا الملف كذلك يستدعي تدخل الرئيس الجديد للفاف، خصوصا وأن لبسا كبيرا يبقى يلفه بعد رحيل مديره السابق، زروال، الذي كان قد أكد أن أبواب الملعب ستفتح خلال الأيام الأولى لشهر جانفي الماضي، وهو ما لم يتم أمام صمت الهيئات المسؤولة. وقد عرف المدرب الوطني سعدان متاعبا كبيرة لهذا السبب حيث لم يجد الظروف المناسبة للعمل خارج أسوار 5 جويلية.