ما يحدث لعمالنا في الجنوب لا يصنف سوى في خانة الاستعباد بعدما عاد عهد الإقطاع مع الاستعمار الجديد، الممثل في المستثمرين الأجانب الذين تفتح لهم أبوابا على مصراعيها ويفرش لهم البساط الأحمر مغسول بعرق عمالنا وحتى دمهم، بينما تغلق الأبواب كلها في وجه عمالنا حين يطالبون بأبسط الحقوق، في وطنهم وفوق أرضهم بعدما فرض الملاك الجدد منطقهم الخاص على رقاب عمالنا الذين وجدوا أنفسهم مجرد عبيد في حقول النفط تحت نظر سيدي السعيد وعلى مرمى بصره وعلمه، فالأخبار المتداولة من جنوبنا الكبير تفيد بأن الشركات الأجنبية وحتى الوطنية تجعلنا نسلم أن العمال هناك لم يعد ينقصهم سوى أن يوضعوا في الحاويات ليباعوا كما العبيد تماما، فالمأساة التي يعيشها عمالنا في الصحراء تثير أكثر من علامة استفهام على هذا الصمت المريب الذي يشبه التواطؤ والاشتراك في استغلال البشر. وإن كان الاتجار بأعضاء البشر يجرمه القانون، فكان الأولى أن يجرم الاتجار بهم كما تفعل هذه الشركات الأجنبية، بمباركة أطراف جزائرية. والمشكلة اليوم ليست في هذه المؤسسات الأجنبية المعروفة بجشعها واستغلالها لعرق ودم العمال خارج حدودها، بل المشكلة الكبرى في حصار نقابة سيدي السعيد لهؤلاء العمال والتكتم على مأساتهم، وكأنها سلّمت بأن العمال ليسوا في واقع الحال سوى عبيد اشترتهم الشركات الأجنبية مقابل الإطعام والإيواء وبعض الدنانير الإضافية، مقابل ساعات طويلة من العمل تحت ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير إنسانية، وربما الخوض في حقوق هؤلاء العمال في نظر "سيد ما بقي من العمال" تعديا على هذه الشركات الأجنبية، ولن نستغرب إن طالبت هذه الشركات بأخذ عمالنا الذين تحوّلوا بحكم الظروف إلى عبيد نحو أي أرض شاءت... فمن قال إن عهد الرق مات..؟ هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته